ومع عدم وضوح رؤية البعد الأمني في البلاد، تتواصل الأزمة السياسية التي تعصف في العراق، ويحذر مراقبون من أنه يتجه نحو التقسيم.
هذا الغموض، تقابله حالة ارتباك تعبث بالمجتمع الدولي، تحديداً في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الجوار العراقي.
وفي الوقت الذي تتلمس هذه الدول حلاً للأزمة العراقية، عبر قراءة خطورة التدخل العسكري المباشر، أو الدعم اللوجستي، تبقى هناك وجهات تنظر مختلفة بين الداعمين لحكومة نوري المالكي، وأولائك الذين يحملونه مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلاد.
أوجه هذا التدخل كان محدوداً، واقتصر على مساع أمريكية تركية لتعزيز قواتهما الأمنية في محيط سفارتيهما، ليس أكثر.
وفي خضم ذلك، ما يزال الأردن يعاني الأمرين من اقتراب "داعش" من حدوده الشرقية، وسط تخوف من انتقال هذا التنظيم إلى داخل المملكة.
هذا التخوف ازداد بعد تصريحات داعش بأن الأردن جزء من الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.
ومع تقدم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام في بغداد وسيطرته على أحياء في تلعفر، بدأت المعركة تنتقل إلى بعقوبة، في وقت كشف قادة عسكريون متقاعدون عن نشر طائرات أمريكية بدون طيار لإجراء طلعات مراقبة واستكشاف وتنفيذ ضربات جوية.
وبحسب مراقبين وصحف أمريكية، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" عن قدرات تؤهلها لإجراء ضربات عسكرية جوية ربما تسهم في منع المسلحين من التقدم نحو بغداد، "إلا أن القيام بمهمات أخرى قد تكون أكثر تعقيداً وتنذر بخطر إعادة الولايات المتحدة لخضم حرب أهلية في العراق"، ما يشكل خطوة الكونغرس الأولى.
وأوضحت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن استهداف عناصر المقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" قد لا يكون صعباً في حال واصلوا زحفهم وتقدمهم نحو بغداد عبر الطرق السريعة والأخرى المرئية، غير إن تنفيذ ضربات جوية سيصبح أكثر تعقيداً إذا بقي المسلحون داخل المدن التي سيطروا عليها في الأسابيع الأخيرة ، حيث يزيد ذلك من احتمال وقوع العديد من الخسائر بين صفوف المدنيين.
وكانت وزارة الدفاع الامريكية أعلنت عن وصول سفينة النقل البرمائي "يو اس اس ميسا فيردي"، إلى منطقة الخليج وعلى متنها 550 عنصراً من المارينز وطائرات مروحية، لتنضم إلى حاملة الطائرات "يو اس اس جورج بوش" ومدمرة وطراد صواريخ موجهة.
وتحمل هذه السفن الحربية عدداً كبيراً من الطائرات الحربية وطائرات البحث والإنقاذ، إلى جانب صواريخ كروز من طراز "توماهوك" ومعدات حربية أخرى، توفر للرئيس باراك أوباما مجموعة من الخيارات التكتيكية في حال قرر اتخاذ اجراء عسكري في العراق.
المالكي يعزل أربعة من كبار الضباط
وقالت الحكومة العراقية إن رئيس الوزراء نوري المالكي أقال أربعة من كبار ضباط الأمن الثلاثاء بسبب تخليهم عن "واجبهم المهني والوطني" حين اجتاح متشددون سنة قبل اسبوع مدينة الموصل الشمالية الغربية عاصمة محافظة نينوى.
وأفاد بيان حكومي بثه التلفزيون الرسمي أن الضباط الكبار ومنهم الفريق مهدي الغراوي قائد عمليات محافظة نينوى التي كسب المتشددون أرضا فيها أقيلوا بسبب عدم ادائهم لواجبهم "المهني والوطني".
وأضاف أن أحد القادة هدايت عبد الرحيم فر من ساحة المعركة وسيحال إلى محكمة عسكرية لمحاكمته غيابيا.
واشنطن تجدد دعوتها العراقيين للتوحد
وفي أحدث موقف لواشنطن، قال نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن اليوم الثلاثاء إن الولايات المتحدة ستقدم مساعدة عاجلة تشتد الحاجة لها لقوات الأمن العراقية ولكن ينبغي أن يتوحد العراقيون لمحاربة أعمال العنف المسلحة "الشريرة" التي يشنها متشددون وتهدد بتفكيك البلاد.
وأضاف بايدن خلال زيارة للبرازيل "من الواضح أن هناك حاجة لمساعدة عاجلة... الخلاصة هنا أن العراقيين عليهم أن يوحدوا صفوفهم لهزيمة هذا العدو."
وقال إن ذلك يستلزم تنحية الخلافات الطائفية وبناء قوة أمن تشمل جميع الأطياف وضمان أن تكون أصوات جميع التجمعات السكانية في العراق مسموعة.
وأوضحت واشنطن أنها تريد أن يضم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في صفوفه ساسة سنيين كشرط للدعم الأمريكي لمحاربة التقدم المباغت لقوات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.
ولكن يبدو أن رئيس الوزراء العراقي الذي فاز في الانتخابات قبل شهرين يسير في الاتجاه المعاكس معتمدا بصورة أكبر من أي وقت مضى على الأغلبية الشيعية ومتعهدا بالتخلص من الساسة المعارضين وضباط الجيش الذين وصفهم بأنهم خونة.
وتابع بايدن إنه اجرى مشاورات عن كثب مع قطاع واسع من القادة العراقيين خلال الأسبوع الماضي بهدف الوصول إلى "مسار سياسي يشمل الجميع ويمضي للأمام بينما نقدم المساعدة لقوات الأمن العراقية."
أمريكا وتركيا تؤمنان سفارتيْهما
وتتعرض السفارتان الأمريكية والتركية للخطر، حيث اعتزمت كلٌّ من الولايات المتحدة وتركيا إرسال قوات عسكرية لتأمين سفارتيْهما وقنصلياتهما في العاصمة العراقية والمدن الأخرى، على خلفية تردي الأوضاع الأمنية وتعرض السفارة الأمريكية للخطر، واختطاف مواطنين أتراك في الموصل.
وأبلغ الرئيس الأمريكي باراك أوباما الكونغرس بإرسال 275 من أفراد الجيش الأمريكي إلى العراق لحماية ما سماه بالمصالح الأمريكية.
وأكد أوباما أن القوات مسلحة جيداً استعداداً للقتال إذا تطلب الأمر، في سبيل حماية مقر السفارة والمواطنيين الأمريكيين، في خطوة تتناقض مع المواقف الأمريكية السابقة، دون تحديد سياسة واضحة لها إلى الآن.
وكانت الولايات المتحدة قالت إنها قد تشن ضربات جوية لوقف التقدم السريع الذي حققه المتشددون المسلحون في شمال العراق.
في حين تعتزام الحكومة التركية إرسال قوات خاصة إلى العراق لحماية سفارتها وقنصلياتها في الموصل وأربيل والبصرة.
وكان مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" أعلنوا في 11 حزيران / يونيو سيطرتهم على القنصلية التركية في الموصل، بعد بسط نفوذهم على المدينة ونقل 49 موظفاً، ومن بينهم القنصل العام أوز تورك يلماز، إلى أحد الأماكن في مركز المدينة.
كما اختطف التنظيم ٣١ عاملا تركياً في محطة كهربائية بناحية القيارة التابعة للموصل.