سمير عطا الله
في فرنسا كان ريمون بوانكاريه، الوزير اليميني ورئيس الجمهورية، الذي وُلِدَ في مقاطعة اللورين، التي خسرت الدولة الفرنسية السيطرة عليها، يخفي تردده الباطني خلف صلابة خارجية.
قال جورج كليمنصو عنه وعن أريستيد بريان، الزعيم اليساري: «يعرف بوانكاريه كل شيء ولا يفهم شيئا. أما بريان فلا يعرف شيئا ويفهم كل شيء».
عندما تسلّم بوانكاريه السلطة عام 1913، كتب السفير البلجيكي أن الرئيس الجديد ومعاونيه «هم مخترعو السياسة القومية والعسكريتارية والشوفينية ومروّجوها...».
وكان وزير الخارجية البريطاني،اللورد غراي، الذي كان يخدم سيّدين ودوديّن وكفئين، إدوارد السابع وابنه الملك جورج الخامس، يحب الطبيعة أكثر من الكائنات البشرية. دبلوماسيته الهادئة جعلت منه شخصية بارزة في الشؤون الأوروبية طيلة عقد كامل، وهو من أنشأ «الحلف الثلاثي».
لكن درجة عظمته يجب أن تُقاس، على الأقل جزئيا، بحجم إخفاقه: انهار كل ما بناه، وتحوّل غبارا ورمادا، ذات يوم في صيف 1914. هؤلاء كانوا قادة القارة عندما اشتعلت الحرب.
مشى الملايين نحو الحرب. دخلت سبع دول أوروبية، كبيرة وصغيرة، المعارك في أواخر يوليو (تموز) ومطلع أغسطس (آب) 1914. وانضم إليها مزيد من الدول لاحقا ليصبح العدد 30 دولة من مختلف القارات.
حصلت انشقاقات واندماجات. انشقت إيطاليا أولا (معتبرة أن معاهدتها مع ألمانيا والنمسا – المجر دفاعية، وأن الأخيرة بدأت الحرب)؛ وانضمت عام 1915 إلى الحلفاء. «الوفاق الثلاثي» تحوّل دول المركز، مع انضمام تركيا وبلغاريا إلى ألمانيا والنمسا - المجر، الشريكين الأساسيين.