مجتمع

دراسة: الآباء الصارمون يجعلون أطفالهم أكثر عرضة للاكتئاب في المستقبل

محمد حنفي

أظهرت دراسة ألمانية حديثة، أن الآباء الذين يتّبعون نمطا صارما في تربية أولادهم يجعلونهم أكثر عرضة للاكتئاب في مراحل لاحقة من حياتهم، كما يزيد ذلك من مخاطر تعرضهم لحدوث تغييرات في نشاطهم الجيني.

وقُدمت الدراسة التي أجراها خبراء وباحثون من جامعة مونستر في ألمانيا، في المؤتمر السنوي للكلية الأوروبية لعلم الأدوية النفسية والعصبية، في فيينا، ونشرت نتائجها صحيفة ديلي ميل البريطانية.

وللوصول إلى نتائج الدارسة سأل خبراء من الجامعة الألمانية أكثر من 1100 طفل تتراوح أعمارهم بين 12 و16 عامًا، أسئلة تتعلق بنمط تربية والديهم.

وشملت قائمة الأسئلة من الخبراء للأطفال المشاركين في الدراسة، ما مدى صرامة آبائهم في تربيتهم والتعامل مهم؟، وما إذا كان آباؤهم يعاقبونهم على ارتكاب أخطاء؟ أو فعل أشياء محظورة؟، أو قيام الآباء بتجاهلهم عندما يُغضبونهم؟، أو جعلهم يشعرون بالذنب؟، أو تذكيرهم بأخطائهم الماضية؟

بناءً على تلك الأسئلة، اختار 23 طفلا مشاركا في الدراسة أن آباءهم اتسموا بنمط تربية صارم أو قاسٍ أو متلاعب نفسيا.

وقارنت الدراسة إجابات الـ23 طفلا بنظرائهم الذين كان لديهم آباء يتبعون نمط تربية أكثر لطفا وأقل إرهاقا، حيث وضعوا قواعد تنشئة اجتماعية لأطفالهم لأنهم أحبوهم، ولم يفرطوا في معاقبتهم، أو تجاهلوهم إذا ارتكبوا أخطاء.

وتوصلت الدراسة أن الأطفال الذين لديهم آباء صارمون للغاية لديهم تغييرات في النشاط عبر العديد من الجينات المختلفة، الأمر الذي يمكن أن يجعلهم أقل قدرة على التعامل مع تقلبات الحياة.

وربطت الدراسة هذه التغييرات بالإصابة بالاكتئاب في مراحل لاحقة في حياة الأطفال.

ووفق نتائج الدراسة فإن الـ 23 طفلا الذين كان لديهم آباء صارمون للغاية يعانون من أعراض اكتئاب أكثر، مثل الشعور بالحزن والوحدة أو أن الناس لا يحبونهم - على الرغم من عدم إصابة أي منهم بالاكتئاب السريري أو ما يعرف بالاكتئاب الشديد.

وقال الدكتور "إيفلين فان آش"، الذي قاد الدراسة: "الأبوة الصارمة للغاية يمكن أن تغير طريقة عمل الحمض النووي، من خلال التسبب في الإجهاد في مرحلة الطفولة مما يجعل الناس أقل قدرة على تحمل الإجهاد في وقت لاحق في حياتهم، وأكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب".

وأضاف: "نوعية الآباء الصارمين الذي نتحدث عنه هم أولئك الذين يرسلون أطفالهم إلى غرفتهم كعقوبة على عدم تناول الخضار، بدلا من محاولة تشجيعهم على تناولها، أو الصراخ بوجههم بسبب قدومهم متأخرين، بدلا من شرح سبب أهمية الحضور للمنزل مبكرا".

وقال: "اكتشفنا أن الأبوة القاسية، مع العقاب البدني والتلاعب النفسي، يمكن أن تقدم مجموعة إضافية من التعليمات حول كيفية قراءة الجين ليصبح متأصلا في الحمض النووي. لدينا بعض المؤشرات على أن هذه التغييرات نفسها يمكن أن تعرض الطفل الناشئ للاكتئاب".

وعقب: "هذا لا يحدث بالقدر نفسه للأطفال الذين حصلوا على تربية داعمة أقل إرهاقا".

من جانبه علق البروفيسور كريستيان فينكرز من المركز الطبي بجامعة أمستردام على نتائج الدارسة قائلا: "هذا عمل مهم للغاية لفهم آليات كيف أن التجارب السلبية أثناء الطفولة لها عواقب طويلة الأمد على الصحة العقلية والصحة البدنية".

وأضاف: "هناك الكثير لنكسبه من هذه الدارسة إذا تمكنا من فهم من هي الحالات التي في خطر، إضافة إلى وجود تأثيرات مختلفة للأبوة الصارمة".

التالي