القاهرة – (خاص) من سامر الحوراني
"الوحدة تدلل ضحاياها" الصادرعن "دار مسعى" البحرينية 2013، هو أول كتاب للكاتب السوري دارا عبد الله.
تترواح نصوص الكتاب بين نوعين من لغة الكتابة، لغة لها طابع السرد القصصي، ولغة شعرية أقرب إلى الكتابة النثرية تعتمد على التكثيف والإختزال. وهذا التنوع في سرد المشهد اليومي السوري والتقاط شظاياه التي ما زالت على قيد الحياة، التي توحي لنا أنّ قضية "الكفاح" أو فكرة "الثورة" إنما هي أشبه بقنبلة تبعثرت شظاياها، ولابدّ من إعادة التحام هذه الشظايا بشكل ميكانيكي لكي يظل الأثر!.
يُذكر أن دارا اعتقل ثلاث مرات خلال العامين 2011 و 2012، وغادر سوريا بعد التهديد بتصفيته جسدياً.
وبين ثنايا "الوحدة تدلِّل ضحاياها" يحكي دارا بأكثر من نص عن تجربة الاعتقال، يقول في نص "من عدم الحرية إلى حرية العدم": على عكس الدخول، لا يخرجُ المرءُ من السجن دفعة واحدة، الإفراج النهائيّ يُخرِجُ أقلّ كميَّة منك. في أول ليلةٍ في البيت لم أتجرأ على التمدد الكامل على السرير، ولم أبقَ في "التواليت" أكثر من 30 ثانية، ثلاثُ ساعات وأنا أشاهد مباريات خليجية، في الساعة الرابعة صباحاً، كنتُ على وشك أن أجهش بالبكاء وأقول لهم أن يعيدوني إلى السجن، لم أعد أصلح سوى أن أكون سجيناً.
من ناحية أخرى، يمكننا أن نقول أنّ نصوص دارا عبد الله تستمد زخمها من أسلوبها المبني على "تساؤلات" فكرية وهي بمثابة إسقاطات على اللحظة الراهنة في الواقع اليومي السوري وخيوطه المعقدة وصعبة التفكيك في ظل الحجم الهائل من التشويش الإعلامي الذي يتعرض له المشهد السوري، إذ أن التعاطي مع (الحدث السوري) إعلامياً، يحجمه ويؤطره. وحتى هذه النقطة الهامة لم تفلت من الكاتب في أحد النصوص بعنوان "إعلام": الإعلام عمَّم ألفة الموت وصور الأطفال المقطَّعين، جلَّد الشعور، أنزل ملحمة السوريين إلى مستوى اليومي المعاش، الإعلام هو ممارسة الكراهية وراء كذبة عشق الحقيقة.
ويلفت الكاتب إلى خطورة الدور الذي تلعبه الأيديولوجيا، وخاصة عند بعض المفكرين الذين تقيدهم أيديولوجياتهم في نص بعنوان "أيديولوجيا"، وإذا فتحنا رؤوس كثيرٍ منهم لوجدناها أكثر إيواء للجثث من المقابر الجماعيَّة، جباهُ الأيديولوجيين أسوارٌ لمذابح مستمرة. الأيديولوجيا نعلٌ متعفَّن لحصان كهلٍ كفَّ عن التقدُّم.