لم يرحم التاريخ والأساطير الأحذية من الخضوع لسلطان التغيير بين الفينة والأخرى وبين التبجيل والاحتقار فمن الأمثال الكندية: شيئان، لا ثالث لهما، يكتسيان أهمية كبيرة، وهما فراش نوم مريح وزوج حذاء جيد، فإن لم تكن ممدداً على الأول، لابد تكون منتعلاً الثاني.
ومن أدعية الزنوج الأمريكيين، الابتهال إلى آلهتهم بأن تجعلهم لا يصدرون الأحكام على الآخر، قبل أن ينتعلوا حذاءه ويمشوا به لمدة خمسة عشر يوما، كما كان الفلاحون الأوروبيون ينامون وأقدامهم لا رؤوسهم على الوسائد، اعتقادا منهم أن الأقدام أكثر من الرؤوس معاناة في النهار، ولذلك فهي أجدر منها بالراحة.
ومقابل ذلك نجد من الأمثال العربية أذل من الحذاء، وأذل من النعل، وتقبيل الأرض والنعال، وإذا كانت النعل للتحقير، فإن الضرب بالنعل أحقر أنواع الضرب وأشدها وجعاً.
ومن أشهر الحوادث التاريخية المرتبطة بالضرب بالنعال قتل شجرة الدر زوجة عز الدين أيبك أحد ملوك مصر في زمن العثمانيين بقبقاب ابنة والي الموصل، وفي التاريخ الحديث هناك حذاء الزايدي الذي ضرب به الرئيس الأمريكي جورج بوش والذي خلف موجة جديدة في ثقافة الاحتجاج برمي الأحذية.
غير أن حذاء السندريلا الذي قادها لتتزوج الأمير، لا يزال الأشهر على الإطلاق، رغم أنها حكاية أسطورية يضرب بها المثل في انتصار المظلوم والحظ الذي يقلب حياة المرء رأسا على عقب.
وقد دخلت الأحذية عهداً جديداً عندما خلع الرئيس السوفييتي نيكيتا خروشوف حذاءه ووضعه على مائدة مجلس الأمن الدولي.
ومن أشهر الأمثال العربية وأكثرها تداولا وارتباطا بالأحذية "رجع بخفي حنين" ويضرب عند اليأس من الحاجة والرجوع بالخيبة.
وأصله أن حنينا كان إسكافاً من أهل الحيرة، فساومه أعرابي بخفين، فاختلفا حتى أغضبه، فأراد حنين غيظ الأعرابي، فلما ارتحل الأعرابي أخذ حنين أحد خفيه وطرحه في الطريق، ثم ألقى الآخر في موضع آخر، فلما مر الأعرابي بأحدهما قال: ما أشبه هذا الخف بخف حنين ولو كان معه الآخر لأخذته، ومضى، فلما انتهى إلى الآخر ندم على تركه الأول، وقد كمن له حنين، فلما مضى الأعرابي في طلب الأول عمد حنين إلى راحلته وما عليها فذهب بها، وأقبل الأعرابي وليس معه إلا الخفان، فقال له قومه: ماذا جئت به من سفرك؟ فقال: جئتكم بخفي حنين.