احذروا السرعة.. في القراءة
احذروا السرعة.. في القراءةاحذروا السرعة.. في القراءة

احذروا السرعة.. في القراءة

هناك طرق عدة لمراجعة الكتب. إحداها، أن تنقل الملخص الموضوع على غلاف الكتاب، وجهه وقفاه. ثم تضيف كلمة من عندك. ثم توجه دعوة إلى قراءته. وهذا النوع من النقد يسمّى «الكتابة السريعة من دون القراءة البديعة.. أو المريعة»، أو "خلاصة ما لا نكتب في ما لم نقرأ".

وهناك طريقة العد، أي أن تكتفي بذكر عنوان الكتاب واسم الناقد بالمنقود، أو العارض بالمعروض.

وهناك طريقة أخرى، يمكن وصفها بالثالثة، وفقًا للترتيب واختصارًا للتوضيب وضمًا إلى لائحة الترحيب. وقاعدة الطريقة الثالثة، إضافة شيء من الأولى وشيء من الثانية، وجمعهما معًا، مع التذكير بأهمية القراءة المعمّقة، بحيث يكتفي المؤلف من حياة العذاب بما يتعرض له من الناشر والبائع والموزع ودائرة المرتجعات.

ثم هناك طريقة محمود أمين العالم، وطه حسين، وأهيف سنو، ورجاء النقاش، وسناء البيسي، وهي طريقة صعبة متعبة، وتتطلب عناصر عدة.. أولها، أنك تحب الكتابة والكتاب وجهد الكاتب وتثق برقي الناشر. وثانيها، أنك تقدر قيمة الوقت والبحث والعمل الذي صرفه جميع هؤلاء من أجل أن يستحق الكتاب الذي بين يديك كلمة حق. وإذا لم يكن يستحق أي كلمة من أي نوع، فلماذا الإشارة إليه بهذه الطريقة المهينة؟ أنت ناقد، ولست عربة كتب ومرتجعات وتكرار الخداع. لا وقت لدى الناس يضيعونه على عمل لا يستحق القراءة ولا الكتابة.

بعض المراجعات أهم وأغلى من بعض المؤلفات. أقرأ في بعض المراجعات القديمة عن كتب قديمة، وكأنني أقرأ عن عمل صادر بالأمس. هناك مكتبة الكتب المستعملة في نيويورك، أشتري منها الكتب وفقًا لرأي النقاد، وأحيانًا لإشارة عابرة منهم. ولا تتجاوز نسبة الخطأ، منذ سنين طويلة، واحدًا أو اثنين في المائة. وكم أشعر بالمتعة والرضا لأنني لم أضيع وقتًا، ولا هتكت حاسة من حواس الذوق.

مثل هذه النسبة لا وجود لها في المكتبات العربية، الكتب الحديثة أو القديمة. كثيرون من المؤلفين لا يعرفون الفرق، وكثيرون من الناشرين تساهلوا في سمعتهم، وعدد غير قليل من النقاد لا وقت لديه لأن يعرف أو يحترم الفرق بين ما يقرأ وبين ما هو إسفاف على حبر وورق.

لا يمكن أن أفي كتابًا حقّه في عمود محدود. لكن بيني وبين نفسي، لا يمكن أن أحكم على كتاب من جلدته، أو أن أعامله كجزء من سلعة على عربة في الأزبكية. تذكرني سناء البيسي بالأميركية دوروثي باركر، عندما أقرأ سردها لكاتب أو كتاب، أكتفي بحلاوات السرد وأخشى أن يخيب أملي في الموضوع نفسه.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com