الخليجيون يصدرون حكمهم على قطر
الخليجيون يصدرون حكمهم على قطرالخليجيون يصدرون حكمهم على قطر

الخليجيون يصدرون حكمهم على قطر

محمد خلفان الصوافي

مع أن القرار الذي اتخذته دول مجلس التعاون الخليجي ومصر بقطع العلاقات الدبلوماسية مع حكومة دولة قطر، لا يشعر أي مواطن خليجي أو عربي بالارتياح إلا أنه يمكن اعتباره رسالة أبناء دول مجلس التعاون - ومنهم قطريون- إلى صانعو السياسة الخارجية القطرية يعبرون فيها عن رفضهم للسلوكيات السياسية التي اتخذتها الدوحة فيما يخص أشقاءها في الخليج، وبالتالي ينبغي على الحكومة القطرية ومعها الدول التي تقف وراءها ممن اعتادوا على التهوين من «سياسة الصبر الخليجية» قراءتها جيداً، لأن النتيجة النهائية أن قطر لم تكسب شيئاً في هذه الأزمة وإنما خسرت منذ البداية وربما تتضاعف خسائرها مستقبلاً.

من تابع تطورات الأحداث في وسائل الإعلام المختلفة منذ «قصة» اختراق وكالة الأنباء القطرية ونشر تصريحات الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، يشعر بأن الإعلام المحسوب على حكومة قطر، سواء في الداخل أو الخارج، يوجه إهانة (بقصد) للرموز السياسية الخليجية، ظهر هذا في كاريكاتير عن الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وللرموز الدينية كاريكاتير آخر عن مفتي السعودية في إجراء يمكن الفهم منه التقليل من المكانة التي يقفون عليها ربما باعتبارهم يمثلون قمة السلطتين(السياسية والدينية) في الخليج، وهذا في نظر الإنسان الخليجي لا يرقى وأدب الحوار في المجتمع، علما أن القائمين على الإعلام القطري يدركون أن الموضوع سيثير غضب الرأي العام الخليجي والعربي عموماً، وهي من الأخطاء التي لا تغتفر لأحد، بل إنها تؤكد بأن الذين يديرون هذه المؤسسة المهمة لا يعنيهم ردة الفعل الخليجية، وبالتالي عندما يتم اتخاذ قرار قطع العلاقات معها، فإن هذا الإجراء يكون «معاقبة» خليجية لما كان ينطق به الإعلام القطري.

كان مهماً استخدام دول الخليج لدبلوماسية هجومية في ردع سلوكيات حكومة قطر التي تحاول التشويش على الجهود الخليجية والعربية في التضييق على التمدد الإيراني في الداخل العربي وفي القضاء على الفوضى الأمنية والسياسية التي تقوم بها التنظيمات السياسية المستغلة للدين الإسلامي وعلى رأسها «الإخوان المسلمين»، أهمية هذه الدبلوماسية أو اللغة السياسية القوية، تكمن في الحاجة إلى وضع حد لتصورات صانعي السياسة الخارجية القطرية بأن التأثير الدبلوماسي يمكن أن يتحقق بعيداً عن المحيط الإقليمي الذي تتواجد فيه أو بشبكة تحالفات مع تنظيمات تمارس العنف المجتمعي أو بدولة سجلها التاريخي يقوم على تهديد الاستقرار العالمي حتى بدا الأمر (وكأن) الحكومة القطرية ليست حريصة على المصلحة العربية والخليجية ولا حريصة أيضاً على تقبل نصيحة قادتها والانتباه إلى الصبر الخليجي على ما تقوم به لأن ما تطرحه يتناقض مع قضايا جوهرية تمس الدولة الوطنية والاستقرار في المنطقة، بل الذي كان واضحاً أن هناك إصراراً على تغذية الفوضى!

السياسة الخارجية القطرية، منذ عقدين، عرف عنها بالتغريد خارج السرب الخليجي سواء على المستوى الدبلوماسي أو على ما كانت تثيره «الذراع الإعلامي» لتلك السياسة قناة "الجزيرة"، وقد عرفت سياستها بالتناقضات سواء في مواقفها كدولة أو مع الدول الخليجية، وقد جذب هذا تسليطاً إعلامياً لتلك السياسة على مستوى العالم ليس لكفاءتها، ولكن لشذوذ آرائها ومواقفها فيما يخص المصير الخليجي المشترك أو ما يخص الأمن القومي العربي بحيث كانت تلك السياسة تمثل منفذاً لشق المواقف العربية والخليجية من الدول التي تمثل تهديداً لهذا الإقليم مثل إسرائيل وإيران وتركيا. آخر تلك المواقف «الشاذة» ما حدث بعد قمم الرياض سواء بالالتقاء بقاسم سليماني القائد العسكري الإيراني الذي يدير حرباً طائفية في المنطقة ضد العرب أو بتصريحات الشيخ تميم بن حمد باعتبار إيران دولة إقليمية لا ينبغي استعداءها وكأن (ملالي إيران) لا يستعدون الشعوب العربية!

بالمجمل أغلب مواقف حكومة قطر فيما يخص التعامل مع مهددات استقرار المنطقة كانت سلبية وكأنها كانت تريد أن تقلب كل شيء فيها لأسباب غير واضحة إلا بهدف الإضرار باستقرار دول الخليج بل لم نرَ منها ما يحقق الفائدة لهذه الدول من خلال ما كان يقوم به إعلامها وكأن القائمين عليها لا يريدون أن يستقر الوضع السياسي والأمني، ربما لأن الاستقرار يعني انتهاء دور «القناة المشبوهة» وانتهاء المراوغة السياسية القطرية، التي أجادت كثيراً في خلق الخلافات والفوضى. وبالمجمل أيضاً، فإن «الإخوان المسلمين» وإيران أوقعوا الحكومة القطرية في فخ نصبوه لها أدى إلى إخراجها من محيطها الجغرافي والسياسي والعائلي، وتسببوا في إبعادها (نتمنى أن يكون مؤقتاً) من الحضن الخليجي، بل استسلمت (للأسف الشديد) لمشاريع إيران والإخوان ولم تخب ظنهم، برغم محاولات أشقائها وصدق نواياهم لها.

محاولة حكومة قطر الأخيرة في شق الصف الخليجي من خلال مزاعمها باختراق حساب سعادة سفير دولة الإمارات يوسف العتيبة لدى واشنطن وأنها سوف تكشف عن فضائح سياسية، فاقم من نقص رصيد الحكومة القطرية خليجيا بل مثلت (القشة التي قصمت ظهر البعير) لأن النتائج والتسريبات جاءت على عكس رغبة الإعلام القطري فكسبت الإمارات تأييداً ومصداقية أكثر.

الاتحاد

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com