البحث عن (النسخة الأصلية)
البحث عن (النسخة الأصلية)البحث عن (النسخة الأصلية)

البحث عن (النسخة الأصلية)

زياد الدريس

كلما أعلن نجم سياسي أو ثقافي أو رياضي أو فني، عن اعتناقه الإسلام، خرجت ردود الفعل على الخبر عندنا في طريقين متوازيين، لا يلتقيان. أحدهما يجيّر الخبر للمزيد من جَلد الآخر، والثاني للمزيد من جلد الذات!

التيار الأول يبحث عن أي قشّة أو وِجاء يحميه من لهيب الهجوم الدولي على الإسلام والمسلمين وربطهم بالعنف والتطرف والإرهاب، وأن دينهم هذا هو دين الوحشية والهمجية والقروسطية، فإذا أسلم أحد مشاهير وأيقونات الغرب بالذات، كان هذا سبباً في خلخلة أحكام النبذ والازدراء للإسلام وأهله، ومن هنا يكون الفرح بإسلام هؤلاء مفهوماً ومبرراً، لكن البعض يجعله فرصة سانحة للهجوم المضاد!

التيار الثاني ميّالٌ إلى البحث دوماً عما يُثبت أن أمورنا في مزيد انهيار وتدهور، وهو يعلم أن خبراً مثل هذا سيربك عليه مجادلاته. ولذا يجهد عضو هذا التيار في البحث عما ينفي صدقيّة الخبر، وإذا لم يجد، وثبت الخبر فعلاً خرج ليقول للناس: لا تفرحوا كثيراً فإن فلاناً الذي أسلم قد تحوّل إلى مذهب كذا وكذا، أو إلى الطريقة الفلانية. هو لا يهتم عادةً بهذه التفاصيل المذهبية، لكنه يشتهي توظيفها الآن!

في تعليق على خبر إسلام أحد مشاهير هوليوود الأسبوع الماضي، كتبتُ تغريدة في «تويتر» حظيت برواج كبير، قلت فيها:

« عجيب هذا الإسلام! ‏رغم كل التشويهات المحيطة به من أبنائه قبل أعدائه إلا أن الناس في هذا العالم ما زالوا قادرين على رؤية (النسخة الأصلية) منه».

كنت أعلم أن عُقدة التغريدة ومناطها يكمن في وصف (النسخة الأصلية). لذا لم يكن مفاجئاً لي أن تحوم معظم التعليقات على التغريدة حول ماهيّة النسخة الأصلية للإسلام وتعريفها؟!

في سبيل ذلك، ادّعى مغردون كثر امتلاكهم النسخة الأصلية من الإسلام، لكنهم في الحقيقة لم يقدّموا نسخة واحدة متشابهة، بل نسخاً (أصلية) متعددة ومتناقضة أحياناً، لكنها كلها تزعم الأصالة!

لم أكن ملزماً بالإجابة عن السؤال الذي تكرر عن: ماهيّة النسخة الأصلية، وعند من هي الآن؟! فسؤالٌ مثل هذا لا يقلّ وعورةً عن الجواب عليه. ثم إن الذين يسألون هم في الحقيقة لا يبحثون عن النسخة الأصلية، بل عن النسخ المقلّدة ليستمتعوا بمواصلة التجالد حولها.

(النسخة الأصلية) للإسلام ليست موجودة لحسن الحظ عند شخص أو طائفة أو دولة محددة (أي رهبانية احتكارية). بل هي متاحة لكل إنسان في هذا الكون إذا أراد البحث عنها حقاً من دون زوائد، ولذا سيستمر مسلسل اعتناق الناس للإسلام رغم أن النسخة المعروضة منه لا تدفع إلى مجرد التفكير به، فكيف باعتناقه؟!

«وإنا له لحافظون»، صدق الله العظيم.

الحياة

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com