ابن بيئة
ابن بيئةابن بيئة

ابن بيئة

سمير عطا الله


في ساعة واحدة يتغير مناخك فيتغير مزاجك. في الشمس ترتفع نسبة الارتياح والأمل. لذلك، قال العلم القديم «إن الإنسان ابن البيئة». وشرح هذا شرحًا عظيمًا عالمنا ومعلمنا ابن خلدون. درجة حرارة إضافية، وسماء بلا مطر، وإشراقة بلا غيم، وإذا أنت غير ما كنت قبل ثلاث ساعات، لم يتغير أي شيء أساسي، لا في الاقتصاد، ولا في العافية، ولا في أي طاقة من طاقاتك، ولم ينتخبوا رئيسًا في لبنان، مثل جان عبيد، ولكن ما تسميه العامة المزاج، ارتفع بنسبة لا يمكن تجاهلها.


هذا الحال السريع العطب المعروف بالمزاج، هو أيضا ميزان نفسك: ما هو مدى إحساسك مع الآخرين، وكم أنت مفتقر إلى المشاعر وتعتقد أن قلة الذوق شجاعة وبطولة؟ هل عندما تعود إلى غرفتك في الفندق تضرب الباب وكأنك في الفلاة؟ إذن، عندما تفيق في اليوم التالي اذهب إلى أقرب مكان وابحث عن شيء من الذوق. وإذا لم تعثر عليه، غيِّر الفندق. نم في مكان لا أبواب له.


إياك أن تحاول تحدي الناس بانعدام الذوق. هذه أيضا قلّة أخلاق ومبعث احتقار في النفوس. الناس تتقبل التحدّي وتحترمه عندما يكون أخلاقيًا. تواضعك يشعر الناس بالخجل. آدابك تبعث في نفسها الاحترام. تهذيبك يبعث فيها التقدير. جهلك يبعث فيها كل شعور مضاد. ولا تلمها. لأن مثل هذا الفعل، هذه هي الردّة عليه. آسفون. نحن بشر. وإذا أعطيتنا الازدراء لا يمكن أن نبادلك احترامًا أو محبة. حاول أن تجرّب مرة قواعدنا في السلوك، لا قواعدك. القواعد البسيطة المبسّطة التي تعلمناها من أهلنا وجوارنا. عندها تعرف لماذا قيل منذ القدم «الإنسان ابن البيئة».


إنه أيضا ابن ما تعلَّم. ومن حَفِظَ علمه حَفِظَ أدبه. ومن لا يحفظ هذا أو ذاك فهو - للأسف - فارغ من كليهما، خالٍ من ضرورتين لازمتين. عد إلى بيئتك وتعلم منها. ومن ثم فغرِّب وشرِّق كيفما شئت، لأنك مُحصن النفس بخلق حسن. ما أقبح الخلق القبيح. ثلاث ساعات أو ساعة من المطر إلى الشمس ويتغير مزاجك. المزاج هو الخاطر العابر القابل للتأثر. وهو ليس الخلق. خلقك في زحمة الصين هو خلقك في القطب الجنوبي. وخلقك في الترعة هو خلقك في ميدان التحرير. وإذا انقلبت إلى وحش واغتصبت أول امرأة أمامك فسوف يزورها الرئيس السيسي في المستشفى ويقول لها «هنجبلك حقك».
نقلا عن الشرق الاوسط

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com