البطل (كلب ابن كلب)
البطل (كلب ابن كلب)البطل (كلب ابن كلب)

البطل (كلب ابن كلب)

مشاري الذايدي

هناك حوادث تشبه الخيال ومن الصعب تصديقها، وإنني لو لم أجدها موثقة بالمكان والزمان والأسماء، والله ما رويتها ولا كتبتها.
مثل تلك الحادثة التي سوف أقدمها لكم اليوم وبطلها (كلب ابن كلب).
تبدأ الحادثة من ميناء (فانكوفر) في كولومبيا البريطانية، وكان ذلك في عشرين أبريل (نيسان) 1922، حين كان القبطان (هارولد كيلدان)، يتفقد السلاسل التي تحزم مختلف البضائع والمهمات فوق ظهر السفينة (هانلي)، التي سوف تنطلق في رحلة طويلة.
ولفت نظره كلب كبير أبيض، يصعد على كل سفينة راسية، ويتشمم بضاعتها ثم يهبط، وقد تكرر ذلك عدة مرات.
وانهمك (كيلدان) بعد ذلك في التأهب للرحلة ونسي موضوع الكلب، وانطلقت السفينة في رحلة طويلة صوب اليابان، وفي ساعة مبكرة من صباح اليوم التالي شوهد نفس الكلب يرقد فوق حصيرة من قش جوز الهند، حاول القبطان والبحارة التودد له، غير أنه كان يقابل توددهم بتحفظ بالغ فلا يلعب معهم ولا يهتم بهم، وكان طوال الوقت يلف على سطح السفينة ويتشمم الهواء الآتي من ناحية الشرق.
تركوه على حاله، وأصبحوا بين الحين والآخر يلقون له ببقايا طعامهم.
ولتوضيح الأمر فإن هناك رجلاً يدعى (مانتي)، وكان يعمل على ظهر السفينة (سيمالور)، وهو أيضًا صاحب الكلب (هيكتور) – وهذا هو اسمه - فقد فقده في ميناء (فانكوفر) عندما نزل من السفينة ليقضي حاجته، ويبدو أن الكلب قد تأخر، فانطلقت السفينة حسب موعدها وتركته.
المهم ظلت سفينة القبطان (كيلدان) تمخر عباب الجزء الشمالي من المحيط الهادي 18 يومًا كاملاً، ولما أصبح ساحل (هاتشو) الياباني على مرمى البصر ازدادت حركة الكلب، وما إن بدأت السفينة ترسو حتى أخذ يهز ذيله ويحرك أنفه بشيء من العصبية وهو يحدق بالسفن، ولاحظ القبطان (كيلدان) زورقًا قادمًا من السفينة (سيمالور) وعليه رجلان يجدفان صوب دائرة جمرك الميناء، وما إن رآهما الكلب إلاّ وأخذ ينبح ويعوي بطريقة جنونية، وتوقف الزورق وإذا أحد الراكبين يهب واقفًا وهو يصرخ ويحرك ذراعيه، فما كان من الكلب إلا أن قذف بنفسه في البحر سابحًا نحو الزورق، وإذا بالرجل يقذف بنفسه كذلك من الزورق سابحًا نحو الكلب، وتعانقا وكادا يغرقان من شدة الفرحة.
وإلى الآن لا أحد يدري كيف استدل الكلب على السفينة التي سوف تذهب إلى الميناء الذي فيه صاحبه، والغريب أنه لم يركب إلاّ السفينة التي تحمل نفس نوعية البضائع التي تحملها سفينة صاحبه، وأغرب من ذلك كله أنها كانت هي السفينة الوحيدة الذاهبة إلى اليابان (!!).
فماذا تسمون هذا؟! – أكيد الكلب (جنّي).

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com