قضية رودني كنغ
قضية رودني كنغقضية رودني كنغ

قضية رودني كنغ

عام 1992 عُرضت على هيئة من المحلفين في لوس أنجليس صور للطريقة التي اعتقل بها رجال الشرطة، الأميركي الأسمر رودني كنغ، بعد مطاردة طويلة لمخالفته السرعة؛ ضُرب بالعصا 56 مرة، ورُكل ست مرات. وقال الأطباء للمحلفين إن رودني يعاني من كسر في الفك وفي الكاحل.



ورغم ما سمعه المحلفون، أصدروا قرارا بتبرئة ثلاثة من رجال الشرطة، وأخفقوا في الاتفاق على حكم بشأن الرابع. ذلك المساء قامت المظاهرات في لوس أنجليس، ثم اشتعلت في سائر مدن أميركا.
وعندما هدأت كان 53 شخصا قد قُتلوا و2000 أصيبوا، وبلغت قيمة الأضرار مليار دولار. وفي اليوم الثالث للفوضى، ظهر رودني كنغ نفسه على التلفزيون وطرح أحد أشهر الأسئلة على البيض والسمر معا: «أيها الناس، أريد فقط أن أقول: هل سوف نتمكن جميعا من العيش معا؟ هل نستطيع التفاهم؟ هل يمكننا وقف هذه الفظاعات حيال بعضنا البعض؟».


ماذا يخطر لك وأنت تشاهد حريقا عربيا يوميا من ليبيا إلى اليمن، ومن سوريا إلى الصومال، ومن الرقة إلى الموصل؟ أليس من الممكن أن نعيش معا؟ أليس من الممكن «أن نتفاهم» بتعبير رودني كنغ، الرجل الطائش الذي تحول من سائق متهور إلى ضحية شرطيين قساة، إلى قضية قد تحرق البلاد.


نبحث عن رودني كنغ يوجه هذا النداء إلى المتذابحين المتدفقين نحو القتل والموت والانتحار: «أليس من الممكن التفاهم؟»، هل هو صعب أو مستحيل إلى هذا الحد؟ هل هذا الخراب والدمار والموت لا يعني أحدا؟ إلى متى سوف يظل الموت هو الحل الوحيد بين الأبيض والأسود، الشيعي والسني، العربي والإيراني، الحوثي والشافعي، أسد وتميم، «الإخوان» وغير «الإخوان»، برقة وطرابلس وفزان، المحرق والمنامة، الأمازيغ والعرب، 14 و8 آذار، البعث السوري والبعث العراقي، «داعش» و«النصرة»، «جند الإسلام» و«جيش الإسلام»، والفروع التي ستظهر غدا تحت أسماء مشابهة.

أليس من الممكن «التفاهم»؟ البيض والسمر في جنوب أفريقيا يزدهرون على نحو عجيب. وفي إمكان أي أبيض أن يتمشى في شرق هارلم لأول مرة منذ 40 عاما، وأن يلقي التحيات، وأن لا يبدو معتديا أو عدوا.

العالم يتغير. الأحقاد هي التي تموت، وليس البشر. الجدران تسقط والحدود تزول. ونحن؟ نحن، الحوثيون في الطريق إلى صنعاء. و«داعش» في الطريق إلى بغداد. ونسور سوريا يقصفون حلب بالبراميل.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com