أعاصير غير سياسية
أعاصير غير سياسيةأعاصير غير سياسية

أعاصير غير سياسية

رغم كل ما يعصف بالعالم من أحداث تبقى الأخبار المتعلقة بأشخاص خصوصاً عندما يكونوا من المشاهير هي الأكثر اجتذاباً للفضول الشعبي، لهذا أصبحت كتب التاريخ الأكثر رواجاً هي تلك المتعلقة بسير أفراد أكثر من تعلقها بأحداث سياسية، وانشغل الرأي العام في أوروبا هذه الأسابيع بثلاث قضايا غير سياسية وغير اقتصادية أيضاً رغم الأزمات الخانقة وارتفاع منسوب البطالة.



القضية الأولى، فرنسية ومسرحها قصر الإليزيه، الذي طالما شهد أحداثاً عاطفية لم تكن حكايات ساركوزي أولها كما أن ما يقال الآن عن قصة الحب التي تشغل الرئيس هولاند لن تكون آخرها وحكاية الإليزيه تثير خيال روائيين لهم باع في تقصي الأخبار الشخصية حتى لو تطلب الأمر حَبْكةً بوليسية، فالرئيس ارتبط بعلاقة عاطفية مع الممثلة "جولي غاييه" وانتهى الأمر إلى إصابة زوجته بانهيار أُدخلت على إثره إلى المستشفى.


والحكاية الثانية إسبانية، بطلتها الأميرة كريستينا ابنة الملك خوان كارلوس المتهمة بتبييض الأموال والفساد، ولمْ يشغل إسبانيا وصحافتها حَدَث كهذا إلا عندما فازت بكأس العالم عام 2010.


والحكاية الثالثة بريطانية، لهذا فهي الأكثر إثارة لأنها وقعت في بلد محافظ لم تكن فيه العاطفة مُحركاً للأحداث باستثناء المصير التراجيدي للأميرة ديانا وما صاحب الحدث من غموض، وما شغل الإنجليز هذه المرة ليس قصة حب بل تَوَرط رئيس الوزراء كاميرون في منح وسام الإمبراطورية للحلاق الذي أعاد تصفيف شعره من اليسار إلى اليمين بعد أن كان من اليمين إلى اليسار، وقد يكون لهذا التحول رغم سطحيته وتعلقه بأمر شخصي دلالات لكننا لن نتوقف عندها لأنها في نهاية المطاف شَكْلية وعديمة القيمة من الناحية الموضوعية.


وسام الإمبراطورية ظَفِر به من الإنجليز من استحقوه سياسياً وحضارياً كما ورد في التعليقات التي شملت كُتّاباً وَهُواةً وقراءً من مختلف شرائح المجتمع، وحين يُمْنَح هذا الوسام الرّفيع لشخص يمارس مهنة كالحلاقة فذلك أمر غير مألوف وغير مسبوق في بلدٍ لا يزال يُصَنّف بأنه تقليدي.


والسؤال هو لماذا تَخْطفُ مثل هذه الأخبار انتباه الناس وتُنْسيهم إلى حين أولويات حياتهم، ومشكلاتهم السياسية والاقتصادية؟
الإجابة من صميم علمْ النفس الذي يرى أهم علمائه أن الشخصنة لا تزال تنافس المفاهيم، وأن النَّميمة سواء كانت بيضاء أو سوداء هي من طبيعة الإنسان الذي لم يتحرر من سطوتها بعد.
عن جريدة الخليج.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com