من الإعتصام الأصغر للإعتصام الأكبر
من الإعتصام الأصغر للإعتصام الأكبرمن الإعتصام الأصغر للإعتصام الأكبر

من الإعتصام الأصغر للإعتصام الأكبر

من الإعتصام الأصغر للإعتصام الأكبر

تاج الدين عبد الحق

عادت السلطات المصرية من فض الاعتصام الأصغر في الميادين ، لتواجه اعتصاما أكبر بات يستشري في كل مكان تطاله يد القتل والتخريب .

والذين استعجلوا الإحتفال بالنصر في معركة فض اعتصام الميادين ، بإعتبارها المعركة الحاسمة والضربة القاصمة ، استبقوا النتائج، وتعجلوا المواقف ، على طريقة جورج بوش الابن عندما أعلن النصر في حربه على العراق ، لتبقى القوات الامريكية بعد ذلك عشر سنوات عجاف، استنزفت فيها ماديا وبشريا ، ولتخرج في نهاية المطاف ، وهي تحمل خيبات سياسية يدفع الحزب الجمهوري ثمنها إلى الآن .

نقول هذا ، لا تعاطفا مع الإخوان ، ولا تقليلا من شأن الدور الذي لعبتة السلطات المصرية، في استرجاع هيبة الدولة، وتفويت فرص تقويضها ، والنيل منها ، بل إحساسا بالمسؤولية ، وتقديرا للعبء الذي لا يزال ينتظر الحكومة المصرية ، لإستعادة الأمن والاستقرار ، وتقديرا للجهد الذي يتطلبه تهيئة المسرح لكل الأطراف، تمهيدا للدخول في عملية سياسية ناضجه تتفق مع التطلعات والآمال، التي عبر عنها الشعب المصري في ثورة 25 يناير ، وكرسها في إنتفاضة 30 يونيو .

في المعادلة السياسية المصرية ، ليس هناك منتصر ولا مهزوم ، والانتصار الحقيقي هو الانتصار على النفس ، وضبط مشاعر الانتقام ، والهزيمه الحقيقية، هي للذين يتمترسون وراء خطاب جامد قائم على التخوين حينا و التكفير أحيانا .

الأطراف المختلفة في المشهد السياسي المصري مدعوة لعملية مراجعة لكل مواقفها ، إذا كانت على قدر المسؤولية ، وبحجم التحديات التي يواجهها الوطن المشترك .

من جانب ، على جماعة الأخوان والعقلاء منهم ، أن يدركوا بعد كل ما حدث أنهم لايستطيعون، مهما بلغت قوتهم ، وعظمت شأوتهم ، مصادرة الدولة وتجييرها لحسابهم ، وتوظيف مقدراتها لخدمة مشروعهم السياسي ، وخطابهم الآيدولوجي . وعليهم أن يدركوا أن ما لم يستطيعوا تحقيقه في الميادين ، لايمكن أن يتحقق لهم عبر العنف وإن طال والانتقام وإن إتسع .

على الجماعة أيضا أن ترتاب وتحذر هذا التأييد الذي تحظى به من الدوائر الغربية ، فالتاريخ الطويل المريب لهذه الدوائر مع شئون وشجون المنطقة ، يؤكد أن الرهان عليهم هو رهان خاسر مهما كان مغريا ، والكلفة باهضة مهما بدا المظهر براقا .

في المقابل فإن مواجهة الاعتصام الاكبر ، يقتضي من الحكومة والاحزاب السياسية المصرية ، إعتبار فض إعتصام الميادين بداية معركة سياسية ، ليس من بين اسلحتها الإقصاء والإستئصال ، مهما كانت المبررات مقنعة ، ومهما بدت الأسباب وجيهة . فالاخوان رغم ما قيل فيهم وبغض النظر عن التجارب المريرة معهم ليسوا طارئين على الحياة السياسية المصرية ، و يظلون برغم كل شيء مكونا سياسيا لايمكن تجاوزه، في أي عملية سياسية مستقرة، وقابلة للاستمرار.

الآن بالرغم من حالة الفرز السياسي في الشارع المصري ، وبالرغم من الدماء الغزيرة التي سالت على مذبح العنف والانتقام ، فإن الوقت الآن، هو وقت الوساطات ووقت الحلول . فبعد أن تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، وبعد أن إتضح لجمهور الجماعة أن استرداد الملك الضائع، وهم صنعته قيادات طامعة ، لا يجوز أن يظل المواطن المصري رهينة خطاب متشنج من هنا وردة فعل إنتقامية من هناك .

ولا بد كخطوة أولى من ترشيد الخطاب الإعلامي ، وإضفاء مسحة تصالحية عليه . فالاخوان مهما كان الرأي فيهم، هم مواطنون مصريون ، واي محاولة لعزلهم وإقصائهم ، تعني توفير المبرر، وتقديم الذريعة لهم، للجوء للعمل السري واللجوء للعنف . أما الخطوة الثانية فهي استكمال صياغة عقد إجتماعي جديد يكون فيه دور لكل مكونات المجتمع، ومكان لكل قواه السياسية، بعيدا عن التعصب القائم على تكفير هنا وتخوين هناك .

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com