لنتعلم أصول النقد!!..
لست أدري إذا ما كانت هذه الحكاية، صناعة عباسية، أم أنها صحيحة كما أوردتها السير ؟!.. إذ وقعت بين " حسان بن ثابت " و " النابغة الذبياني " أحداثها، يوم كانت تُنصب للنابغة خيمة في " سوق عكاظ " يجتمع إليه فيها الشعراء .. فدخل عليه " حسان " وكان عنده " الأعشى " و "الخنساء " التي كانت تنشد هذه الأبيات:
قذى بعينك، أم بالعين عوار أم ذرفت إذ خلت من أهلها الدار
حتى انتهت إلى قولها:
وإن صخراً لتأتمٌّ الهداة به كأنه علم في رأسه نار
فقال لها " الذبياني ": لولا أن أبا بصير (الأعشى ) أنشدني قبلك لقلت: أنك أشعر الناس.
وهنا تدّخل " حسان " فقال للنابغة: أنا والله، أشعر منك ومنها.
فرد الذبياني: أنشدني شعراً يثبت ما تقول .. فأنشد " حسان " هذه الأبيات:
لنا الجفنات الغر يلمعن في الضحى وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
ولدنا بني العنقاء وابنى محرق فأكرم بنا خالا، وأكرم بنا ابنما
فقال له " الذبياني ": إنك يا "حسان " لشاعر، لولا أنك قلت ( الجفنات ) فقللت العدد، ولو قلت: ( الجفان )، وقلت ( يلمعن في الضحى ) ولو قلت (يبرقن بالدجى ) لكان أبلغ في المديح، وقلت ( يقطرن من نجدة دما ) فدللت على قلة القتل .. ولو قلت: ( يجرين ) لكان أكثر لانصباب الدم، وفخرت بمن ولدت، ولم تفخر بمن ولدك.
• إذا كانت هذه الرواية صحيحة، ولم تخضع للديباجات العربية المعهودة، فإنها تُعطينا درساً عظيماً في النقد الأدبي.