الميثانتروب وقمة المناخ
الميثانتروب وقمة المناخالميثانتروب وقمة المناخ

الميثانتروب وقمة المناخ

إميل أمين

تأتي اعمال الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للامم المتحدة والمخصصة هذا العام لمحاربة العدو الاول للبشرية في القرن الحادي والعشرين ....ماذا عن هذا العدو الذي يمكن له أن يتسبب في فناء الزرع والضرع، والبشرية عن بكرة أبيها؟

في الادبيات اليونانية القديمة هناك شخصية تعرف بال " ميثانتروب " اي عدو البشر، وهي الضد والنقيض من فكر وجوهر "محب البشر"، ومع الحرب المنطلقة شرقا وغربا ترى من هو عدو البشر الجديد؟

حتماً تبقى إشكالية التغيرات المناخية القاتلة هي عدو البشر الاول والمهدد الأول، لحياة الانسان والحيوان وكل كائن حي، فما بين ظاهرة الاحتباس الحراري، مروراً بظاهرة التصحر، وصولاً إلى ذوبان الثلوج في الأقطاب الشمالية والجنوبية، تبقى الإنسانية تحت سيف الطبيعة القاهر القادر على إعادة تشكيل ملامحها أو محوها من الأصل.

يعلم القاصي والداني أن وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية CIA هي البوابة الأهم لحماية الأمن القومي الأمريكي، لكن ما لا يعرفه الغالبية هو أنها باتت في الأعوام الأخيرة مهمومة ومحمومة بالآثار الكارثية المترتبة على التغيرات المناخية وتهديداتها حول العالم.

في كتابه "العالم في العام 2050" يحدثنا المؤلف والبروفيسور "لورنس س .سميث" نائب رئيس قسم العلوم الجغرافية في جامعة كاليفورنيا وأستاذ الجغرافيا وعلوم الأرض والفضاء أنه في أواخر العام 2009 أفتتحت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مركزاً جديداً مخصصاُ لتقييم هذه التهديدات، ذلك أنه من وجهة نظر اجتماعية، يكون تبدل مناخي مفاجئ وغير متوقع أكثر زعزعة للاستقرار من تبدل مناخي تدريجي ومتوقع ،وتقر تحليلات عسكرية بأن التبدلات المناخية التدريجية المتوقعة تشكل تهديدات أمنية وطنية.

والمثير أنه قد صدر عن هذا المركز تقرير خطير لم يعمم حول العالم يحمل عنوان "سيناريو تبدل مناخي مفاجئ ومعانيه الضمنية بالنسبة للأمن القومي الأمريكي" والتقرير يصف حروبا ومجاعات وأمراضا وتدفقا للأجئين، وأنهياراً سكانيا بشريا، وحربا أهلية في الصين، وتحصينات دفاعية في الولايات المتحدة واستراليا، وسوف تجد أمريكا نفسها في عالم تبذل فيها أوربا جهوداً مضنية في الداخل، وتندفع إعداد كبيرة من اللائجين إلى شواطئها، وتشهد آسيا أزمة خطيرة تتعلق بالغذاء والماء وسوف تكون الفوضي والنزاعات مميزات حياتية دائمة، ويصر كتاب التقرير على أن تقييمهم معقول بالرغم من كونه متطرفا.. هل يعني ذلك أن خطر التغيرات المناخية بات أكثر هولا من خطر اندلاع حرب نووية؟ ربما هناك الأسوأ الذي لم يات بعد.. ماذا عن ذلك؟

تبقى المجاعة الطريق إلى القرن الجديد، ويظل الجوع المهدد الأكبر اليوم في ظل ومن تبعات تلك التطورات المناخية القاتلة.

منذ بضعة فترة أبرزت صحيفة الجارديان البريطانية تقريراً يحمل عنوان "الأمم المتحدة تحذر من أزمة غذاء عالمية وشيكة"، ويفيد التقرير بأن المنظمة الدولية حذرت من تراجع احتياجات الحبوب العالمية إلي مستويات خطيرة جداً نتيجة الظروف المناخية القاسية في الولايات المتحدة، أو غيرها من البلدان المصدرة للغذاء مما قد يؤدي إلى مجاعة كبري في الأعوام القادمة.

هل كان لضعف المحاصيل علاقة بالأزمة الغذائية القادمة؟ وهل التغيرات المناخية وراء الأثنين؟

يذكر التقرير الأممي أن تلف موسم الحصاد في الولايات المتحدة الأمريكية وأوكرانيا ودول أخري حول العالم أدى إلي تآكل الاحتياطيات الأعوام الماضية إلي أدني مستوي لها منذ عام 1974، وأن الولايات المتحدة شهدت أعلي موجات الحر والجفاف التى تم تسجيلها في عام 2012، وتمتلك الآن أقل مستوي في الاحتياطيات من الذرة في تاريخها بنسبة 6.5% مما كانت تتوقع أن تستهلك في الأعوام المقبلة.

التغيرات المناخية ربما تؤدي كذلك إلي ثورة الجياع حول العالم، وقد كانت منظمة أوكسفام البريطانية من أوائل المنظمات التى أشارت إلي أن سعر المواد الغذائية الأساسية، بما في ذلك القمح والأرز، قد يتضاعف في السنوات الـ 20 المقبلة، مما ينذر بعواقب وخيمة بالنسبة للفقراء الذين ينفقون نسبة كبيرة من دخولهم على الخبز بانواعه.

والخلاصة إذا لم تتمكن البشرية من التحرك بسرعة فائقة لجعل المناخ مستقراً، فقد لا نتمكن من تفادي خروج أسعار المواد الغذائية عن السيطرة، وإذا لم نتمكن من التسريع في التحول نحو عائلات أصغر حجماً وتثبيت عدد سكان العالم عاجلاً وليس أجلا فمن شبه المؤكد أن إعداد الجياع ستستمر في تزايد، وهذا هو سبب انعقاد قمة المناخ في نيويورك.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com