الطبول تقرع في ليبيا.. وتونس ترقص
الطبول تقرع في ليبيا.. وتونس ترقصالطبول تقرع في ليبيا.. وتونس ترقص

الطبول تقرع في ليبيا.. وتونس ترقص

 طرابلس- بدأت طبول الحرب تقرع في ليبيا، والحقيقة أن هذه الطبول بدأت قرعها منذ سنوات خلت، فوضى كافرة بالاستقرار، وخوف من المجهول، وانتظار لحلول استنفدت على ما يبدو، فلم يخرجها أكثر من مبعوث أممي مما هي فيه، ولم تستطع أن تخرج من عنق الزجاجة التي وضعت نفسها فيها، إذ  فشلت كل المحاولات السياسية إلى حد الآن في كل توافق، وباتت أرضا خصبة للتناحر والفتن والانفلات ...

إن السبب الحقيقي وراء كل ذلك يكمن في الثروات الليبية من نفط وغاز ومعادن، فهذا البلد العائم فوق بحر من الذهب الأسود يعيش منذ العام 2011 على وقع الرشاشات وتحاصره الميليشيات من كل الاتجاهات، فالعاصمة طرابلس الغرب شبه محتلة من فجر ليبيا  (الإخوان المسلمين الليبيين) ومن والاهم من ذوي الأطماع التي لم تتوقف عن استنزاف الدولة المركزية السابقة ومواردها وأموالها التي لا تنضب.

 عمل إخوان ليبيا على التمديد لمؤتمرهم اللاشرعي ورموا بنتائج الانتخابات عرض الحائط ، فكانت حكومتان واحدة في طرابلس والأخرى في طبرق، ولم تفلح الصخيرات المغربية في رأب الصدع الليبي لأن المسألة لم تعد بيد الأطراف الليبية، بل رهينة معادلات وإملاءات خارجية، فتركيا وقطر ترفضان استبعاد الإخوان من المعادلة وتكرسان شرعية لمؤتمر وطني ليبي مقبور منذ سنوات، وتونس تقف بخطابها الرسمي إلى جانب التوافق، وترى أن محاربة "داعش" في ليبيا عسكريا لابد أن يمر عبر تونس، وهذا الموقف حسب الملاحظين ليس إلا شأنا سياسيا وتصريحات عائمة، لأن الحلف الأطلسي والدول الكبرى لو قررت ضرب ليبيا، فلن توقفها تونس أو غيرها من بلدان المنطقة.

ومع أن تونس ستكون المتضرر الأول من الهروب الليبي الكبير نحوها، إذ يرجح بعض الملاحظين أن يصل إلى 3 ملايين ليبي سيصلون إلى أراضيها  في حال حصول الحرب، إلا أن المجتمع الدولي لم يع بعد هذه المسألة أو هكذا يبدو، لأن تونس التي تحاول التعافي من انفلاتها الاجتماعي ومن أزمتها الاقتصادية الخانقة والاضطراب السياسي ستجد نفسها مضطرة إلى طلب النجدة من المجتمع الدولي الذي عليه أن يعرف أنه في حال وصول أهالي الغرب الليبي فقط إلى حدودها، فان ذلك سيكون سببا في أكثر من كارثة .

ومما يزيد الأمور تعقيدا هو تسلل الإرهابيين من ليبيا في قوافل المهاجرين قسريا خصوصا وأن هناك العديد من الخلايا النائمة في تونس من المتعاطفين مع التنظيم المحظور دوليا (حوالي 19 ألف تونسي تم منعهم من تجاوز الحدود نحو سوريا والعراق وليبيا حسب تصريحات رسمية لوزير الداخلية الأسبق لطفي بن جدو)، وهذا ما سيزيد الأمور تعقيدا في بلد يحاول أن يتعافى من أزماته المتعاقبة.

عبر التاريخ كانت هجرة الليبيين إلى تونس في أكثر من مرحلة سواء إبان الغزو الإيطالي للجارة العام 1911، أو خلال غزو الناتو العام 2011 والذي أسقط عرش العقيد معمر القذافي وتسبب في هروب أكثر من 67 جنسية بالاضافة إلى أكثر من مليون ليبي نحو التراب التونسي؛ ما تسبب في غلاء المعيشة وتأزم الأوضاع الاقتصادية بشكل لافت، وها هو التاريخ ربما يعيد نفسه ولكن بشكل مجحف ومختلف تماما وقد يقوض الكثير من أركان المنطقة المغاربية التي بقيت فيها موريتانيا والجزائر والمغرب في منأى عن الفوضى والانفلات.

إنها الحرب تقرع طبولها في ليبيا، ولكن الرقص على وقع هذه الطبول مكانه الوحيد تونس التي قد لا تستطيع أن تستوعب الملايين، وقد تكون أكبر الخاسرين  في حرب ربما كانت ضرورية لإنقاذ الحديقة الخلفية لأوربا من خطر "داعش" وأخواتها.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com