زمن صواريخ S400
إميل أمين
هل تشتعل الحرب العالمية الثالثة بسبب اسقاط طائرة سوخوي 24 الروسية من قبل طائرات اف 16 الامريكية التي تمتلكها تركيا ؟
علامة الاستفهام المتقدمة تعود بنا الى زمن حرب اكتوبر عام 1973 عندما حقق المصريون معجزة عسكرية غير مسبوقة بعبورهم قناة السويس ، وما تلا ذلك من انتصارات بسلاح سوفيتي استدعى تدخلا امريكيا سريعا حتى لا يقال ان السلاح الامريكي هزم في المعركة في مواجهة السلاح الروسي .
منذ ساعات قلائل كان " ديمتري بيسكوف "الناطق الرسمي باسم الرئيس الروسي " بوتين " يعلن عن ان تركيا ارسلت اشارة الى روسيا ، لم يسبق لها مثيل من خلال ضرب الطائرة الروسية ، وعليه فان الرد سيكون على مستوى تلك التهديدات .
هل سيقدم بوتين على اعلان الحرب على تركيا ؟
المتابع للمشهد يدرك كيف ان رجالات الدوما يدفعون القيصر الجديد دفعا في طريق الانتقام ، كما ان غلاة اليمين الروسي المتطرف مثل " جرينوفسكي " يسالون بوتين ان يوجه ضربة نووية ساحقة ماحقة لا تصد ولا ترد لمدينة اسطنبول العريقة ،وليقع تسعة ملايين تركي قتيل فهذا امر لا يهم .
هل نشر صواريخ اس 400 بداية المخاض لتركيا ودول التحالف في سماء سوريا ؟
لا يغيب عن أحد معنى ومبنى نشر تلك الصورايخ ذلك انها تغطي كل سماء سوريا وغرب العراق واسرائيل والاردن بالكامل ، عطفا على شرق البحر الابيض المتوسط ، وصولا الى صحراء سيناء ، ما يعني ان طائرات اردوغان ستضحى صيدا سهلا في مرمى صواريخ تنطلق بسرعة 4800 متر في الثانية .
لا تزعج صواريخ روسيا الحديثة الاتراك فحسب بل انها تدفع " سيدريك لايتون " النائب السابق لرئيس الاركان المشتركة بالجيش الامريكي للقلق ، ذلك ان نشر تلك الوحدات الصاروخية الروسية يمكنه ان يسقط طائرات التحالف الدولي ، ما يرغم الجميع الى اللجوء لتفعيل الاليات الدفاعية مثل التشويش الالكتروني الامر الذي سيصعب من تادية المهام في المنطقة باكملها .
ما الذي ادركه الروس في واقعة اسقاط السوخوي 24 ولا يزال بدرجة او باخرى خفي عن اعين العالم ؟
تنشر صحيفة " البرافدا " الروسية على لسان الكاتب والباحث الامريكي " بول كريغ روبرتس "اسرارا مثيرة للدهشة ، وتميط اللثام عن ما وراء قيام الطائرات التركية بالتحليق خلف طائرات السوخوى لمدة عشرة ايام ...ما هو ذلك السر ؟
لا يمكن سبر اغوار الامر الذي يمكن ان يمثل انقلابا في عالم التوازنات العسكرية ، الا من خلال فهم ابعاد الدور الذي تلعبه تركيا كاداة لحلف الناتو وواشنطن خاصة ضمن الصراع الاكبر مع روسيا القطب القائم كما العنقاء من رماد الاوليجاركيات الروسية المتعددة .
رواية الصحافي الامريكي تخبرنا بوجود سلاح الكتروني روسي عجيب وغريب ، مثبت على تلك النوعية من الطائرات وله مفاعيل كالسحر ، وقد جرى تجربته في ابريل نيسان 2014 اذ تم توجيهه الى المدمرة الامريكية " يو اس اس كوك " في مياه البحر الاسود ، وقد تحولت من وراءه الى قطعة من الحديد الخردة ، لا حول لها ولا قوة ، وكانها لا تحمل اي سلاح .
ما الذي يدركه بوتين ويغيب عن ناظري الكثيرين ؟
يدرك ثعلب روسيا وقيصرها الجديد ان انقرة ليست الا وكيل اعمال واشنطن ، وان الاخيرة تسعى لاعادة فصول الحرب الباردة السابقة من جديد ، لكن هيهات ان تفلح هذه المرة فالمؤمن الروسي " بوتين " لن يلدغ من الجحر مرتين .
سر ما يجري بين واشنطن وموسكو على الاراضي السورية وحول العالم يتمحور حول كلمة واحدة هي الجغرافيا ، وهذا السر سبق وكشفه البروفيسور " جورج فريدمان " المحلل الاستراتيجي السابق لدى الاستخبارات المركزية الامريكية ، ومؤسس مركز مركز الاستخبارات الاعلامية المعروف باسم " ستراتفور ".
يخبرنا " فريدمان " انه لكي نفهم ابعاد الحرب العالمية الثالثة التي لم يتبق عليها سوى اعواد ثقاب قليلة لابد ان ننظر الى جغرافية روسيا ، الارض المغلقة دون ابواب او نوافذ على المحيطات ، وعليه فان واشنطن وبقية احلافها من المثلث الرسمالي سواء اوربا او اليابان ، يسعون الى تطويقها في بحر البلطيق ، وحصارها في البحر الاسود ، ، واثارة الشغب لها في القوقاز ، ومحاولة افشال حلفها الجديد مع المصريين على ساحل البحر الابيض المتوسط ، بل وصولا الى حصار سيبيريا نفسها .
لا يتعجل بوتين الرد على تركيا ، انه يبدا المخاض بالعقوبات الاقتصادية الفاعلة والمؤثرة والتي جعلت تصريحات اردوغان تلين بعد غطرسة والبقية الباقية لا يمكن لاحد ان يتنبا بها .
صواريخ " اس 400 " هي بداية تجليات العسكرية الروسية الحديثة ، والتي اقامت درعا من التوازن مع واشنطن ولم تتبق هناك غير نافذة صغيرة في مؤتمر باريس لاحداث تسوية مؤقتة بين الروس والاتراك ، والا فان الاسوا لم يات بعد ، والصراع قادم لا محالة بين واشنطن وموسكو في المستقبل القريب.
هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز