لا تجعلونا نصدّق جولدا مائير
لا تجعلونا نصدّق جولدا مائيرلا تجعلونا نصدّق جولدا مائير

لا تجعلونا نصدّق جولدا مائير

عادةً، وفي كل ذكرى للنكبة، يتهافت الصحافيون باحثين عمّن يقصّ عليهم الحكاية من البداية، من أفواه أولئك الذين عايشوا المأساة، وذاقوا المرارة، ولا زالوا محتفظين بمفاتيح بيوتهم المهجّرة، أو "كواشين" أراضيهم التي تثبت الملكية.

وفي العادة أيضا... تسارع الأقلام كي تكتب عن بيت مهجور.. أو أرض ضائعة.. يسيل المداد ليسجل حكاية من أُخرج دون أن يعلف غنمه.. وهُجِّر قبل أن يحصد الزرع.. . تدور الكاميرات بحثا عن ثمانينيٍّ ما زال يحمل مفتاح بيته.. أو "ابنة" سبعينَ حولا أمكنها حَمْل شهادة ميلادها.. أو أوراق "طابو" تثبت حقها في خربة بيوض او سعسع أو بيت محسير أو غيرها، قبل أن تحملَهم عصابات الهاجاناة على الهجرة.

لكن، وبعد ستة وستين عاما..وربما عقب هذا التاريخ بسنوات أخرى... تُرى.. كيف سنبث أمنياتنا عن العودة، وكيف سننقل تفاصيل اللجوء، إن فقدنا أولئك الذين أرهقتهم حياة المخيم، وأغمض حلم العودة عيونهم للأبد..

من سيحدّثنا عن الشجرة.. بلدةِ عبد الرحيم محمود التي أصبح اسمها في عرف الغرباء "إيلانيا"...

من سيحتفظ بمفاتيح العودة وكواشين الأرض التي لم يعد بمقدور "ختايرة اللجوء والمخيم" حفظها إن جار عليهم العمر والقدَر.. رغم الدعوات بأن يطيل الله في عمرهم حتى تزول إسرائيل، أو على الأقل حتى تطبق الأمم المتحدة قراراتها على إسرائيل..

سيقولون.. إن غادر الكبار، فالصغار لا ينسون..نعم.. الصغار لا ينسون.. لكن إن علموا أولا ما الذي يجب تذكره وفهمه عن الوطن المسلوب..

راعَني المشهد في أحد مخيمات الشتات حين كانت كاميرا إحدى الفضائيات تدور بين الأجيال الجديدة من اللاجئين، وتمتحنهم بأسئلة عن فلسطين وقراها، المحتلة والباقية.. حالة من التوهان وفقدان الذاكرة بين اللاجئين الشباب، حتى في أمور يظنها الكثيرون غير قابلة للنسيان.. كالقدس مثلا، او حدود فلسطين التاريخية...

وكأن الظروف المعيشية الصعبة تمحو ما قد يكون خطّه الراحلون حول الوطن..

الصدمة تتجدد هنا في الضفة الغربية، مجرد محاولة لاستطلاع آراء بعض طلبة المدارس باستفسارات حول النكبة، تظن أنك ستجد إجابات تفاخر بها، قبل أن تصاب بخيبة أمل وصدمة من حجم "التجهيل" الحاصل..

تعود إلى الوراء.. إلى جولدا مائير.. وإلى الذين دأبوا يرددون فشل مقولتها.. "الكبار يموتون والصغار ينسون".. تقول لهم ولنفسك.. إن بقي الأمر على حاله فقد صدقت جولدا مائير..

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com