حبّذا لو يتفق اللبنانيون على رئيس!
حبّذا لو يتفق اللبنانيون على رئيس!حبّذا لو يتفق اللبنانيون على رئيس!

حبّذا لو يتفق اللبنانيون على رئيس!

مارلين خليفة

قال لي دبلوماسي أوروبي صديق تعليقا على النقاشات الدائرة في شأن الاستحقاق الرئاسي اللبناني الذي لم يتمّ بعد: "إنّ الدول الغربية لا تأبه للشخصية التي سينتخبها اللبنانيون رئيسا لبلادهم.

هذه الدول المتشبثة باستقرار لبنان وسط الزوبعة السورية المتمادية مستعدة للتعاون مع أيّ رئيس يختاره مجلس النوّاب اللبناني سواء كان سمير جعجع أو ميشال عون أو جان قهوجي أو جان عبيد...وهلمّ جرّا من الأسماء المتداولة...فالمرحلة ليست مرحلة "غنج" و"دلال" على الطريقة اللبنانية، بل إنها مرحلة تستوجب أن يستجمع اللبنانيون إراداتهم المتضاربة وينتخبون رئيسا لبلادهم كي لا يسقطوا في فخّ الفراغ وتداعياته غير المحمودة".

كلام هذا الدبلوماسي يثير المرارة، لأنه يضع الإصبع على الجرح اللبناني النازف منذ عام 1943 تاريخ نيل لبنان إستقلاله.

منذ ذلك الحين لم يفكّر اللبنانيون يوما بلعبة ديموقراطية نظيفة من أجل مصلحة بلدهم فحسب، بل طالما قاربوا الاستحقاقات المصيرية انطلاقا من حساباتهم الضيقة من غير وازع أو رادع.

في 25 أيار (مايو) المقبل تنتهي المهلة الدستورية القانونية لانتخاب رئيس، بعد هذا التاريخ لن يوجد أيّ تاريخ ثان يوجب إجراء الإستحقاق الرئاسي في موعد محدّد، وبالتالي فإن اجتياز هذا الموعد سيدخل لبنان في مرحلة الفراغ الغامض وغير المضبوط، وسط تصاعد أزمة النزوح السوري إلى لبنان ومعه النزوح الفلسطيني المتجدد الذي بلغ بحسب آخر الأرقام زهاء (57 ألف فلسطيني) غادروا سوريا إلى لبنان يضاف إليهم أكثر من مليون ونصف المليون سوري، ووسط اقتراب موعد انتخاب مجلس نيابي جديد تمّ تأجيله سنة كاملة وحدّد في الخريف المقبل ووسط قلق سياسي داخلي من انتقال صلاحيات الرئيس إلى الحكومة وتحذيرات دولية من مغبّة الفراغ الرئاسي.

كلّ هذه المخاطر وسواها من الأزمات الإجتماعية والاقتصادية لا تبدو كافية لكي يفكّر اللبنانيون في اختيار رئيس فحسب ثمّ التعاطي مع أدائه، جلّ ما يفعلونه هو كتابة السيناريوهات لمسرحيات الجلسات النيابية الانتخابية التي ستتوالى فصولها بإخراج رديء كما حدث في الدورة الأولى حيث راح بعض النواب الغاضبين يستخدمون أسماء شهداء ذهبت بهم الحرب لينتقموا من ترشّح إحدى الشخصيات التي يثقلها تاريخها الحربي كما الكثير سواها وذلك في مشهد مأسوي يحاكي مأسوية "جحيم دانتي".

هذا هو الشغل الشاغل للأطراف السياسية اللبنانية: حرق بعضها البعض للإتيان برئيس على مقاسها.

فحبّذا لو تفكر هذه الكتل السياسية على الطريقة التي تتعاطى فيها الدول مع الملف الرئاسي اللبناني، فتعمد إلى انتخاب رئيس وكفى...بعدها تحاسبه على أدائه وتفنّد مواقفه فيكون لبنان قد مرّر قطوع الفراغ واللاستقرار الأمني مجتازا إلى ضفّة الاستيعاب السياسي والأمني والاقتصادي لمشاكله المزمنة والمستجدّة. حبّذا لو يتفق اللبنانيون على رئيس!

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com