ومع ذلك نحب لبنان
ومع ذلك نحب لبنانومع ذلك نحب لبنان

ومع ذلك نحب لبنان

لا يوجد بلد في العالم كله مثل لبنان. لا في المحاصصة الطائفية، ولا في التسويات، ولا في الخصومات والمصالحات، ولا في التناقضات بين مكوناته في مسألة العداء لإسرائيل، وفي العلاقة مع جيرانه ـ سورية مثلا ـ ولا في الحروب الداخلية وإنهائها...

من لبنان يخرج مقاتلون إلى سورية للقتال مع الدولة السورية، ومنه يخرج مقاتلون للقتال ضدها.

في لبنان يتخلى مطرب شهير عن شهرته وفنه، ويطلق لحيته، ويلتحق بشيخ سلفي للقتال ضد سورية وحزب الله. وفيه أيضا مطرب آخر، يتخلى عن فنه، ويرتدي اللباس المموه، ويتحزم بالرصاص والقنابل ليقاتل دفاعا عن معلولا وصيدنايا!

لكن هذا وذاك كله وغيره، أشياء ربما تتضاءل أمام وظيفة لبنان اليومية والشهرية والسنوية!

فلبنان بلد "يشتغل" انتخابات.

ما إن ينتهي من"استحقاق" انتخابي حتى يدخل في"استحقاق" آخر. هكذا تمر الأيام في لبنان. لا وقت لحل مشكلة الكهرباء وعمال المياومة والمعلمين وجبل النفايات في صيدا وأمراء المحاور في طرابلس وأمراء الحرب في عرسال. لا وقت لاستخراج الغاز والنفط فهذا مؤجل إلى إشعار آخر. ولولا أن أقدم متطوعو الدفاع المدني على إلقاء أنفسهم في البحر لما حُلت مشكلتهم التي كادت تتعثر، بفضل"حرص" وزير الداخلية على المال العام!!!!!!!!!!!!!!!! مضحك ومبكٍ معا. فأن يعترض الوزير على تثبيت هؤلاء"عشرات" خوفا على المال العام، في بلد تبلغ مديونيته90 مليار دولارا، فهو ما يمكن إدراجه في مسرحيات زياد الرحباني، أو في برنامج"إربت تنحل" مثلا.

ينفذ الجيش خطة أمنية في طرابلس، ولا يعتقل أحدا من المطلوبين المهمين. يخرج أحد هؤلاء على فضائية لبنانية، وحين تسأله المذيعة عن سبب كونه طليقا وهو من أهم المطلوبين، يجيب بما يعرفه اللبنانيون جميعا"الأمن في لبنان بالتراضي". وهذه الجملة، إلى جانب غيرها من المصطلحات لا تسمعها إلا في لبنان.

المهم، وبالعودة إلى موضوعنا الرئيس، فإن لبنان الآن دخل مرحلة انتخاب الرئيس. شيء مضحك، ويشكل تسلية للبنانيين أنفسهم قبل غيرهم. فالفضائيات اللبنانية تنهمك في الحديث عن المرشح الفلاني والمرشح"العلاني" من 8 و14 آذار. ويتسابق القانونيون في تفحص الدستور فيما يخص النصاب القانوني لجلسة الانتخاب النيابية، ولعدد الأصوات وما إلى ذلك. وفي النهاية، وكما يعرف اللبنانيون كلهم، السياسيون والإعلاميون والبسطاء، يتم "التوافق" على الرئيس الجديد.

بالطبع، نسمع آراء متشددة من الطرفين تظن معها أن المستحيل أقرب من أمر ما، ولكنه في النهاية يحدث. ف14 آذار الذين"حلفوا بالطلاق" ألا يجلسوا في حكومة مع حزب الله عادوا وجلسوا.

استمرت فترة تشكيل الحكومة قرابة السنة، وهي لن تعمر أكثر من ثلاثة أشهر ربما. فنتازيا لا مثيل لها. وما إن تشكلت الحكومة حتى وصلنا إلى استحقاق الرئاسة. ولكن، مهلا، فهل نسينا الانتخابات النيابية وقانون الانتخاب؟ هل قلت "انتخابات"؟ فمن يراهنني على أحجام الكتل النيابية المقبلة؟

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com