"مغطس" الثلاثيّة
"مغطس" الثلاثيّة"مغطس" الثلاثيّة

"مغطس" الثلاثيّة

ماج فريق 8 آذار وخصوصا "حزب الله" لكلمة ألقاها رئيس الجمهورية ميشال سليمان في لقاء جامعي هاجم فيها المقاومة ووصف معادلة "الجيش والشعب والمقاومة" بأنها "ثلاثية خشبيّة" فوقع في "مغطس" لم يحسب له حساب!

بالفعل كانت هذه العبارة "صادمة" لكلّ من يتابع تاريخ الرئيس سليمان المتوازن والمتزن والذي يقيس كلماته في ميزان "الجوهرجي" قبل أن ينطق بها، وخصوصا أنّ استهدافه جاء لـ"ثلاثية" يصحّ بأنها تثير جدلا سياسيا كونها متلازمة مع "حزب الله" المتشبّث بإدراجها في البيان الوزاري للحكومة الجديدة كما تمسك بها في حكومات سابقة. لم تأت الصدمة من البعد السياسي لكلمة الرئيس ومقصده معروف لا يمكن لأحد تجاهله: فالرئيس أراد الجهر بأن المطلوب في البيان الوزاري حضور الدولة بمؤسساتها لتمسك زمام الأمور في لبنان كله بما في ذلك الإستراتيجية الدفاعية.

لكنّ الصدمة أتت من عدم تمعّن الرئيس الآتي من تاريخ عسكري مشرّف في الدفاع عن لبنان ضدّ إسرائيل وفي تأييده للمقاومة ضدّ العدو في أحلك الظروف، بمعاني الثلاثية وما ترمز إليه لقسم كبير من اللبنانيين حتى الذين لا يصطفّون في سياسات "حزب الله".

فالشعب الذي تحكي عنه الثلاثية هو شعب لبنان وتحديدا شعب الجنوب الذي دفع دماء غزيرة في مجابهة العدو الغاشم المعتدي على أرضه، فدافع عنها بشراسة وعنفوان قلّ نظيرهما، فمات مرارا تحت الغزو والحروب لكنّه بقي مرفوع الرأس.

أماّ الجيش فهو مواز للشعب، إنه ضمانة الوطن وصون لسيادته وحبيب كلّ مواطن شريف. دفع هذا الجيش دماء غزيرة أيضا ضدّ المحتل الإسرائيلي وضدّ التطرّف والإجرام ولا يزال في دائرة الخطر.

أما المقاومة، فهي لا تعني "حزب الله" وحده، ومن يدرك تاريخ المقاومين في لبنان يعرف أنه مقاتلون من أبناء الشعب ومن أحزاب مختلفة دفعوا دماءهم على مدار التاريخ اللبناني ذودا عن وطنهم لبنان. هؤلاء المقاومون هم شهداء الوطن الأبرار لأنهم آمنوا بقضيّة وتشبثوا بأرض وتراب وشجرة وزهرة، ولدى هؤلاء عائلات تبكيهم كلّ يوم ولكنّها تفتخر بتضحياتهم وترفع الرؤوس لتطال السحاب، سواء أعجب ذلك البعض أم لا.

وبالتالي فإن تشبيه هذه الثلاثية "بالخشب" ليس مألوفا ولا مقبولا، كذلك ليس مقبولا "تغطيسها" بالذهب وخصوصا أنّ لها أبعادا سياسية وإقليمية واضحة تحمل الجدل والتأويل، لكنّها لا تحتمل النكران والتجريح.

الأمر سيّان بالنسبة إلى مقام الرئاسة الأولى، فالرئيس ولو أخطأ هو رأس الدّولة ولا يجوز التجريح به بأساليب مبتذلة وعبارات غير لائقة... ولو تسرّع في غفلة من الزّمن.

إنها قواعد ذهبية ينبغي أن يعيها اللبنانيون والرؤساء، فما من ثلاثية ذهبية ولا خشبية...بل ثمة روح وطنية إمّا تكون موجودة أو لا تكون.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com