الحرب على الإرهاب في كوباني يبدأ في استئصال نظام بشار الأسد
الحرب على الإرهاب في كوباني يبدأ في استئصال نظام بشار الأسدالحرب على الإرهاب في كوباني يبدأ في استئصال نظام بشار الأسد

الحرب على الإرهاب في كوباني يبدأ في استئصال نظام بشار الأسد

دريد البيك

في سوريا يتناقل المواطنون ابتسامة من أيام ما كان يدعى بالجيش الشعبي تظهر عبثية فكر النظام البعثي الذي ساد في تلك الآونة. الابتسامة اختارت عفرين، في أقصى الشمال السوري من حلب، وهي المدينة المختلطة قوميا عربيا وكرديا. جمع الضابط المسؤول عن فرقة الجيش الشعبي في تلك المدينة الحدودية مع تركيا إحدى فرق ميليشيات الحماية الشعبية والتي تتألف في العادة من المدرسين وصغار الموظفين وطلب منهم حفر خندق لحماية المدينة يحيط بالبلدة من جهة الجنوب. بدأ الحفر يدويا في مهمة صعبة جدا لأن المنطقة جبلية وتتمتع بتضاريس قاسية.



بعد فترة قصيرة من العمل توجه مستخدم صغير من القومية الكردية إلى الضابط المسؤول وسأله بلغة عربية ركيكة: سيدي ليش هدا الخندق نحن نحفر؟ إجابة الضابط كانت جاهزة كما العادة في كل الأنظمة التي تمارس غسل عقول أتباعها وعمالها فقال: حتى نقاوم العدو الصهيوني إذا وصل إلى عفرين. أجاب الكردي البسيط والنبيه جدا: يعني العدو بدو يحتل دمشق وحمص وحماة وحلب ونحن بدنا ندافع عن عفرين إذا وصل لهون؟ فقال الضابط: نعم هذه هي الخطة. قال الكردي بعفوية: إذا هيك ما بدي أحفر وطز بعفرين.


ليس لدينا تأكيد على أن الحادثة التي ترويها هذه الابتسامة قد وقعت فعلا أم لا، لكنها تبدو منطقية وصرخة تهدف إلى بث الصحوة من المفاهيم المقولبة التي نأخذها على أنها مسلمات. فما قيمة أن نقاوم احتلال عفرين من الخنادق إذا كان العدو قد احتل سورية بأكملها.


ألحت عليَّ هذه الابتسامة وأنا أستمع إلى أخبار داعش خلال اليومين الماضيين حيث يتباكى العالم على سقوط بلدة عين العرب المعروفة كرديا باسم كوباني على يد مقاتلي التنظيم الإرهابي داعش. فقد ندد سياسيون في أكثر من موقع في العالم بسقوط المدينة وتمنوا على التحالف وتركيا الدفاع عنها.


الاحتجاجات والتنديد بسقوط كوباني كانت بحق موضة الأسبوع المنصرم بدون تفعيل أي حس منطقي من قبل سياسيين يفترض أنهم يقودون العالم. لقد عبر بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، عن قلقه لسقوط كوباني. وكذلك فعل سياسيون فرنسيون وبريطانيون وحتى حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي والذي ثلث بلاده منذ أكثر من شهرين تحت سيطرة داعش، أعرب عن احتجاجه على مصير كوباني في حين كان مقاتلو التنظيم الإرهابي على بعد كيلومترات قليلة من بغداد. لقد كلف التأجيج الدولي والإقليمي لسقوط كوباني تركيا حتى الآن عشرة أرواح أو يزيد ليس في المعارك الطاحنة التي تدور رحاها في المدينة على حدودها مع سورية لكن في الاحتجاجات التي قامت في أنحاء مختلفة من تركيا احتجاجا على سقوط المدينة السورية والتي أضحت رمزا لمظلومية الأكراد والذي ما عاد يحتمل أية تضحية!


العالم وسياسيوه بدو وكأنهم صحوا بعد نوم طويل بعدما سقطت الرقة قبل أكثر من عام ودير الزور قبل حوالي الشهرين وهي حواضر إنسانية يعيش فيها ملايين البشر وتحتضن تاريخا إنسانيا يتفوق على عين العرب / كوباني. وكلامنا هنا ليس للتقليل من شأن كارثة سقوط المدينة بيد داعش ولا من القضية العادلة لسكانها الكرد والعرب لكن من العبث والتضليل الذي يساهم فيه –للأسف- سياسيون وقادة. كوباني، لمن لايعرفها، مدينة بسيطة تكونت على خط بناء القطار في العهد العثماني في ثلاثتنيات القرن الماضي فاكتسبت اسمها الكردي منها أي مقر الشركة أو الكومباني والذي تحور لاحقا لكوباني..ثم اتخذت رسميا اسم عين العرب خلال الحكم العثماني فكان اسمها طوال الأعوام الثمانين الماضية من عمر المدينة.


خطر لي أن أستعير نباهة الموظف الكردي البسيط في عفرين قبل حوالي 40 عاما فأقول لنفسي إذا الرقة ودير الزور والموصل وهيت وتكريت في يد داعش والآن نحن نبكي ومعنا العالم على كوباني ...ياسيدي طز بكوباني إذا كانت كل هذه المدن استولى عليها الإرهاب ونحن ننظر.


منذ بداية الثورة السورية في العام 2011 والسوريون الثائرون على بشار الأسد كانوا يحذرون في أن النظام سيخترع الإرهاب ويروجه بديلا للثورة ليضمن بقاءه كأفضل الشرين (الإرهاب أو النظام) وأن الإرهاب سيتمدد ويترعرع حتى يهدد العالم كله.


العالم على الضفة الأخرى أبى أن يستمع لمخاوف السوريين ويعين الثورة بفاعلية تتمكن من تغيير النظام حتى وصلت داعش إلى تخوم أربيل، حينها اعترف أوباما نفسه في 29 من سبتمبر الماضي أي بعد أقل من أسبوع من بدء الحرب على داعش في أنه أخطأ في تقدير الخطر الذي تمثله "الدولة الإسلامية" وذلك خلال حديثه لمحطة “cbc”.


الآن، لن يفيد البكاء على كوباني ولا حتى المظاهرات التي تعم تركيا وتطلب من حكومتها التدخل لمنع سقوط المدينة ولا ضربات التحالف الجراحية لمدفع هنا ومقر قيادة هناك. إن إسقاط الإرهاب يبدأ بتجفيف مستنقعه الذي يلوث دمشق ويتمترس فيها، وأي خطة لا تعالج مصدر الإرهاب وسبب انتشاره ستمنى بالفشل.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com