شرارة لبرميل البارود في لبنان
شرارة لبرميل البارود في لبنانشرارة لبرميل البارود في لبنان

شرارة لبرميل البارود في لبنان

يوسف ضمرة

حين يتزامن ذلك كله مع تعبئة طائفية ومذهبية، فإنك قادر على تغيير البوصلة.. قادر على أن تجعل الفقراء يقاتل بعضهم بعضا لمصلحة البورجوازية والكومبرادور ورأس المال.. قادر على أن تمرغ الهويات الطبقية والقومية في التراب، لتخترع هويات ثانوية طارئة.. هويات مذهبية ومناطقية وجغرافية وفئوية مثلا. وهويات ميلشياوية لا قاسم مشتركاً فيها سوى الزعيم اللص أو الفاسد والقاتل.

مثل هذا الوضع قائم في معظم المناطق اللبنانية باستثناء الجنوب الذي تحرسه المقاومة، ولا يحدث فيه أي إشكالات أمنية من أي نوع بين المدنيين الصامدين على خطوط النار. ومع دخول بعض القوى والزعماء والسياسيين على خط الأزمة السورية، واحتضان بعض المناطق اللبنانية مجموعات سلفية وتكفيرية مسلحة، فإن الأمر يصبح برميل بارود لا يحتاج إلاّ شرارة فقط.

بلدة مثل "عرسال" مثلاً أصبحت جمهورية مستقلة، يقودها رئيس بلدية بمرتبة أمير. في صيدا ظهرت حالة الأسير التي كانت تتمدد وتنتشر لولا الحماقة الأخيرة التي ارتكبها بحق الجيش.

في طرابلس، هنالك أمراء باب التبانة والقبة وحواجز توقف الناس على الهوية وتحتجز وتطلق النار على الأرجل وما إلى ذلك. في الطريق الجديدة جمهورية زرقاء خالصة تسمح لمن تشاء بالإقامة وتطرد من تشاء كما فعلت مع شاكر البرجاوي.

قامت الدنيا ولم تقعد عندما قُتل فلسطيني على حاجز لحزب الله في الضاحية، بعد التفجير الضخم الذي ذهب ضحيته شهداء وجرحى ومنازل ومحال تجارية. حزب الله سلم الأمن هناك للجيش وانتهى الأمر. بالطبع لا أحد ينسى عاليه والجبل ووليد جنبلاط وميليشياته التي تقطع الطريق بين بيروت والجنوب مع أول رصاصة.

الأهم من العوامل السابقة كلها، يبرز ما يسمى بفائض القوة.. المقاتلون في سوريا من سوريين وعرب وأجانب، ومصيرهم بعد التسوية. فمن المرجح أن كثيراً منهم سوف يتوجه إلى أمكنة حاضنة، وليس هنالك لهؤلاء الكثيرين أمكنة أكثر دفئاً من بعض المناطق اللبنانية.

وحينها يعلم الله كيف سينفجر برميل البارود ومتى وما سيتسبب به من كوارث قد تكون أكثر إيلاماً من الحرب الأهلية التي امتدت خمس عشرة سنة، ذهب فيها الأخضر واليابس، وأسفرت عن فسيفساء سياسية لبنانية، تحركها جهات ودول خارجية. وهي الجهات والدول التي تطالب البعض بعدم تشكيل حكومة في انتظار ما يسفر عنه الميدان السوري، أو التسوية السياسية، وفي الحالين: آه!

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com