"ثورة الشباب" في فرنسا تعزز اليمين المتطرف
"ثورة الشباب" في فرنسا تعزز اليمين المتطرف"ثورة الشباب" في فرنسا تعزز اليمين المتطرف

"ثورة الشباب" في فرنسا تعزز اليمين المتطرف

ذهبت "مارين لوبن" إلى مدينة بولانجيري في الريف الفرنسي، وتعهدت بإنقاذ البلاد نيابة عن الشباب المنسي، وقالت بصوت صارخ: "شبابنا في حالة من اليأس، وسوف أكون أنا صوت من لا صوت لهم".

وفي الحال عرف أدريان فيرغنود الواقف وسط الحشد الكبير أن زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة في فرنسا كانت تتحدث عنه. فهي الوحيدة التي تكترث بمن يعانون من البطالة، والمهاجرين، والإرهاب.

وبحسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، قال عامل البناء البالغ من العمر 25 عامًا: "بدونها ليس لهذا البلد المضطرب مستقبل".

ولكن بدعم من الناخبين الشباب مثل فيرغنود، قد تُصبح "لوبن" الرئيس المقبل لفرنسا، وبينما تسرع البلد باتجاه الانتخابات المقبلة في ربيع هذا العام، قد يغير هذا من مسار التاريخ الأوروبي، حيث إن آمال "لوبن" في تأمين الرئاسة تعتمد بشكل كبير على مصدر الدعم غير المتوقع.

فاز الشعبويون في بريطانيا والولايات المتحدة العام الماضي على الرغم من الفئة الشابة، وليس بفضلها. حيث اصطف جيل الألفية ضد كل من البريكست ودونالد ترامب، وكان الناخبون الأكبر سنًا هم الذين يسعون إلى قلب النظام القائم بحلول وطنية لمشاكل عالم معولم.

ولكن فرنسا هي أرض الثورات الشبابية، من المتاريس في القرن الثامن عشر إلى الحرم الجامعي المحموم في مايو 1968.

ومع ثبات معدل بطالة الشباب عند 25 %، أدت دعوة لوبن للعودة بالبلاد إلى عصر المجد المفقود عن طريق إغلاق الحدود والخروج من الاتحاد الأوروبي واستعادة العملة الوطنية، إلى اشعال نار الشغف في قلوب الناخبين الشباب سعيًا إلى حل جذري.

وقد قال غايتان دوساوساي 23 عامًا، قائد الجناح الشاب للجبهة الوطنية: "لقد قيل لنا إن حياتنا كلها مقررة نيابة عنا، من التجارة الحرة ونسيان حدودنا ووجود عملة واحدة لجميع أوروبا وإنه لا يمكن تغيير ذلك، ولكن الشباب لا يحبون هذا النظام، فهذا النظام فاشل".

وتقترح قوة الجبهة الوطنية بين جيل الألفية أن الموجة الشعوبية التي هزت استقرار الغرب قد تكون أقوى مما قد يفترضه الكثيرون وبعيدًا عن غضب الناخبين الأكبر سنًا في المجتمع المغلق، يمكن أن يستمر التمرد الشعبوي في التزايد على مر السنين والعقود، طالما كان من الممكن إغراء ما يكفي من الناخبين الشباب بوعد الحصول على شيء جديد.

هذا هو بالضبط ما تحاول الحركات اليمينية المتطرفة فعله عبر أنحاء اوروبا في ألمانيا وهو البلد الذي يقود حزبيه الرئيسين الساسة القدامى، حيث يدير الحزب المناهض للمسلمين من أجل ألمانيا شاب يبلغ من العمر 41 عامًا أما البرلمانات الاسكندنافية فهي مليئة بالسياسيين في العشرينات، وتحديدًا من الأحزاب التي كانت قبل عقدين على هوامش التطرف.

لكن الشباب الذين لم يعرفوا الحزب قبل تولي لوبن، قيادة الحزب في العام 2011، أصبح من السهل إقناعهم بأن سمعة تطرف الجبهة الوطنية مبالغ فيها.

ويضم الحزب الآن أصغر عضو في كل من الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ ويمكن رؤية نشطائه الطلبة في زوايا الشوارع في باريس وهم يوزعون المنشورات، وقد حاصرت لوبن نفسها بزمرة المستشارين الشباب وهذا الشهر ألقت خطابًا في بوردو تركز حصريًا على قضايا الشباب، كما شجعت أنصارها الشباب على السير ضد تيارات التاريخ.

وقد ورد أن القادة الأوروبيين يخشون تفكك الاتحاد الأوروبي إذا فازت لوبن ، بعد أن قضوا عقودًا في محاولة لتوحيد القارة بشكل وثيق وخصوصًا بعد أن حصلت لوبن على الصدارة في الاستطلاع بين أصوات الناخبين الفرنسيين الأصغر سناً في الجولة الأولى التي تضم 11 مرشحًا.

فوفقًا لإحدى الاستطلاعات حصلت لوبن على 40 % من الأصوات بين 18 إلى 24، أي ما يقرب من ضعف إجمالي منافسها ايمانويل ماكرون.

وهذا الأمر أكثر إثارة للدهشة لأن ماكرون 39 عامًا كان يتنافس ليصبح أصغر رئيس في التاريخ الفرنسي.

لكن ذلك يتفق مع النتائج الأخيرة، ففي آخر مرتين ذهب فيهما الناخبون إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات الأوروبية في العام 2014، وفي التصويت الإقليمي في العام 2015 انتصرت الجبهة الوطنية بين الشباب.

ويقول ريمي أودغيري عالم الاجتماع في شركة سوسيوفيسيون، وهي شركة تجري دراسات استقصائية رئيسة للمواقف الفرنسية: "إنها مفارقة، فالشباب عمومًا منفتحون تجاه التنوع الثقافي والهجرة ولكن بين الشباب هناك مجموعة متطرفة تعتقد أنه كلما كنا أكثر انفتاحًا على العالم الخارجي كلما تراجعنا".

وأضاف: "الفرق بين المجموعتين هو أن أحدهما لا يصوت ولأن الشباب المتطرف فقط هو من يذهب للتصويت، تفوز الجبهة الوطنية".

وقد تكون هذه الديناميكية واضحة بشكل خاص هذا العام. حيث تُظهر استطلاعات الرأي أن دعم ماكرون ضعيف، فالكل يقول إنهم لا يستطيعون الثقة في مرشح لا ينتمي لأي حزب ويسعى لإرضاء كل من اليسار واليمين.

وكوزير اقتصاد ومصرفي سابق، يعاني ماكرون المؤيد للاتحاد الأوروبي في جذب الناخبين الشباب الذين لا يتوافقون مع شخصية رجل الأعمال الناجح المتحضر.

وقال جيريمي باتري ليتوس 28 عامًا زعيم العديد من فصائل شباب ماكرون: "في فرنسا، لديك الكثير من الشباب الذين لا يعيشون في المدن الكبرى والذين لم يذهبوا إلى الكلية، والذين تركوا نظام التعليم، فهناك الشباب العاطل عن العمل، ومن السهل أن يشعروا أن ذلك غيرمناسب لأن المهاجرين أخذوا عملهم".

ولقد اتخذ ماكرون الاتجاه المعاكس، في محاولة لإقناع شباب فرنسا الساخط بأن الهجرة جيدة للبلاد وأن الاتحاد الأوروبي يستحق الإنقاذ. وهو مبدأ لا يجذب حشود الناخبين لصناديق الاقتراع.

وفي مقابلة أجرتها الصحيفة مع شباب فرنسي، قال فيرغنود إن المشكلات في كل مكان من الشركات التي ترحل، والمزارع التي تفشل، والناس الذين يموتون من الهجمات الإرهابية الضخمة، إلى المسجد الذي يتم إنشاؤه في مدينتي بجوار الكنيسة مباشرة.

وأضاف: "أنا أعيش بالقرب من المسلمين وهم لا يعملون، بل يأخذون منح الحكومة فقط" إلا أنه بعد دقائق أشار الشاب إلى أن المهاجرين يأخذون الوظائف الفرنسية حيث قال: "أنا أعمل في الغالب مع أجانب من تركيا".

وكان من الواضح أنه بالنسبة للأصدقاء الخمسة، لم يكن هناك شك في أن لوبن هي منقذتهم الوحيدة التي كبدت نفسها عناء المجئ إلى مدينتهم الريفية المدمرة، وهي الوحيدة التي ترغب في محاربة المهاجرين الذين يقولون إنهم يهددون مستقبل فرنسا، ومستقبلهم وقد لا يتفهم كبار السن ذلك، ولكن بالنسبة للشباب كل شيء واضح جدًا.

واختتم مانون كودراى 23عامًا بأن: "أجدادي يخشون لوبن ويقولون إنها متطرفة، وإذا انتُخبت، فقد نشهد حربًا ولكن أنا أقول ربما هذا شيئ جيد".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com