خلاف محرج وراء تلويح نتنياهو بإجراء انتخابات مبكرة
خلاف محرج وراء تلويح نتنياهو بإجراء انتخابات مبكرةخلاف محرج وراء تلويح نتنياهو بإجراء انتخابات مبكرة

خلاف محرج وراء تلويح نتنياهو بإجراء انتخابات مبكرة

ليس ثمة من هو معني في إسرائيل بانتخابات عامة مبكرة، ومع ذلك فإن ضبابية الوضع السياسي، وتحقيقات الشرطة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بشبهة الفساد، قد تجعل هذه الإمكانية ممكنة وإن كان بنسبة ضئيلة، بحسب مراقبين.

الأوساط السياسية الإسرائيلية، انشغلت بالقنبلة التي فجرها نتنياهو، السبت الماضي، قبل مغادرته إلى الصين في زيارة رسمية، إذ تحدث عن إمكانية إجراء انتخابات مبكرة، وسط تقديرات بأن تتضح مآلات الأمر، خلال الأيام القليلة المقبلة بعد عودة نتنياهو.

ويحدد وديع أبو نصار الخبير في الشؤون الداخلية الإسرائيلية، 3 أسباب تجعل فرص هذه الانتخابات ضئيلة، ومع ذلك فإنه يشير إلى سببين مختلفين يجعلانها ممكنة.

وكان آخر انتخابات عامة إسرائيلية جرت في مثل هذا الشهر، آذار/ مارس ، من العام 2015، ومنذ ذلك الحين طغى الحديث عن انتخابات مبكرة بضع مرات على المشهد السياسي الإسرائيلي، لكن دون أن تأخذ منحى جدّيا.

ولكن ما جعل الرأي العام الإسرائيلي ينشغل هذه المرة بالحديث عن الانتخابات، هو تلويح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بها علنًا.

فقد لوح نتنياهو بإجراء هذه الانتخابات بعد خلاف مع وزير المالية وزعيم حزب "كلنا" موشيه كحلون، حول قانون البث العام.

فنتنياهو يريد سيطرة مطلقة لحكومته على سلطة البث، المسؤولة عن محطات الإذاعة والتلفزة الرسمية، في حين يريد "كحلون" إشراك ممثلين من السكان في إدارة هذه السلطة لتكون ممولة من الحكومة ولكن يشترك ممثلون عن الشعب في إدارتها.

ويقول أبو نصار، مدير "المركز الدولي للاستشارات" المحاضر السابق في الجامعة المفتوحة في حيفا : "الأمر بدأ بخلاف بين نتنياهو وكحلون تحول إلى تلويح بالانتخابات؛ ما استدعى تدخل الأحزاب الأخرى الشريكة في الحكومة الإسرائيلية لمحاولة احتواء الأمور قبل أن تتدحرج إلى انتخابات عامة فعلا".

ويضم الائتلاف الذي يرأسه "الليكود" برئاسة نتنياهو أحزاب "البيت اليهودي" برئاسة وزير التعليم نفتالي بنيت، و"إسرائيل بيتنا" برئاسة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، و"شاس" برئاسة وزير الداخلية ارييه درعي، و"يهودوت هتوراه" برئاسة وزير الصحة يعقوب ليتسمان، إضافة إلى حزب "كلنا"، بزعامة وزير المالية موشيه كحلون.

وفي حال انسحاب حزب "كلنا" الذي يملك 10 مقاعد في الكنيست، فإن الحكومة ستفقد الأغلبية المطلوبة في البرلمان؛ ما يسقطها في حال لم تجد حزبا آخر يستبدلها.

وطبقا للقانون الإسرائيلي، فإنه يتوجب على الحكومة أن تحصل على تأييد أغلبية 61 عضوا في الكنيست المؤلف من 120 مقعدا. (للائتلاف الحالي 67 مقعدا في الكنيست الإسرائيلي).

وتظهر استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي الأخيرة تدهور مكانة الأحزاب الإسرائيلية فيما عدا حزب "هناك مستقبل" الوسطي المعارض برئاسة يائير لابيد، الذي يتقدم على حساب أحزاب الوسط وإلى حد ما أحزاب اليمين.

خلاف مُحرج

وفي هذا الصدد، يقول أبو نصار: "أحزاب الائتلاف غير معنية بالانتخابات لثلاثة أسباب وهي أولا- الكثير من النواب يخافون أن يخسروا مقاعدهم في البرلمان بمن فيهم أعضاء حزب "الليكود"، ولذلك لا يفضلون الانتخابات".

وأضاف " ثانيا- الكثيرون، بمن فيهم الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين، يعتقدون أنه من المحرج التوجه إلى انتخابات بسبب خلاف على سلطة بث من المفترض أن تكون ديمقراطية وليس مسيطرًا عليها من الحكومة ".

وتابع أبو نصار:" ثالثا- عادة تتوجه إلى الانتخابات المبكرة في حال كان لديك ما تقدمه، وتريد الاستناد إلى الدعم الشعبي مثل تقدم سياسي أو اقتصادي، ولكن في إسرائيل، لا الحكومة ولا المعارضة لديهما أي انجازات لتعرضاها على الجمهور".

ويلفت الخبير في الشؤون الداخلية الإسرائيلية إلى أن هذه الأسباب تدفع قادة الأحزاب في الائتلاف الحكومي إلى المسارعة لمحاولة تقريب وجهات النظر بين نتنياهو وكحلون، لتفادي الانتخابات المبكرة.

وبالمقابل، فإن أبو نصار يشير إلى سببين رئيسين قد يجعلان نتنياهو يمضي قدما في تبكير الانتخابات.

وقال "أولا- فإن نتنياهو يريد لفت الأنظار عن التحقيقات التي تجريها الشرطة معه بشبهات الفساد، ويعتقد أن من شأن الانتخابات وقف هذه التحقيقات التي قد تفضي إلى إدانته".

وأضاف أبو نصار "ثانيا- إن نتنياهو بات يدرك أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاد في تحقيق صفقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وهو لا يريد الاتفاق، وبالتالي فإنه يوجه رسالة إلى سيد البيت الأبيض بأنه - على الأقل في هذه الفترة - مشغول".

ويتفق ألوف بن المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس"، مع ما ذهب إليه أبو نصار وكتب، الاثنين "تهديد نتنياهو بالانتخابات المبكرة موجه إلى الرجل في واشنطن"، في إشارة إلى ترامب.

وأضاف بن: "تطلب الأمر اجتماعين لمبعوث ترامب مع رئيس الوزراء نتنياهو لزرع لغم في قلب الائتلاف اليميني الحاكم ودفع إسرائيل إلى حافة انتخابات مبكرة".

وكان نتنياهو عقد الأسبوع الماضي اجتماعين مع مبعوث الرئيس الأمريكي ومستشاره للاتفاقيات الدولية جيسون غرينبلات، الذي التقى -أيضا- الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في رام الله.

ورغم أن مصادر فلسطينية قالت للأناضول، إن مهمة غرينبلات كانت استطلاعية للاستماع إلى مواقف الطرفين دون طرح اقتراحات محددة، فإن صحيفة "هآرتس" قالت إن ما استمع إليه نتنياهو من المبعوث الأمريكي "سبب له القلق".

وقال الرئيس الأمريكي ترامب إنه معني بـ"صفقة تاريخية"، لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

آمال لم تتحقق

وكانت مظاهر الاحتفاء اليميني الإسرائيلي بترامب تبددت شيئا فشيئا في الأسابيع الأخيرة، وإن كان المسؤولون الإسرائيليون امتنعوا عن توجيه أي انتقادات له.

فالآمال بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، لم تتحقق ولو مؤقتا، والآمال بإطلاق الاستيطان في الأراضي الفلسطينية تبددت بعد طلب ترامب كبحه قليلا.

كما أن التوقعات بانتهاء حلم دولة فلسطينية انهارت أمام حديث ترامب عن اتفاق "شامل وعادل ينهي الصراع"، بحسب الأناضول.

من جانبه، يرى ناحوم بارنيع، المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن تأثير سلطة البث صغير، وهو يقتصر على ساعتي بث في ساعات الصباح.

وأضاف بارنيع في مقال نشره الاثنين "إن التفسير المنطقي الوحيد لهذه الخطوة يمكن إيجاده في منطقة أخرى، في تحقيقات الشرطة ضده"، في إشارة إلى نتنياهو.

من جهة ثانية، نقلت صحيفة "هآرتس"، الاثنين، عن مصادر في الشرطة الإسرائيلية قولها إن التحقيق مع نتنياهو سيتواصل حتى لو تقرر تبكير موعد الانتخابات.

وأضافت المصادر الشرطية "حتى الإعلان عن تبكير الانتخابات لا ننوي إجراء تقييم للأوضاع بشأن المصاعب التي قد تنشأ نتيجة التحقيق بشكل متواز مع المعركة الانتخابية".

الأمر المستحيل

ووسط كل ذلك يحاول زعيم المعارضة ورئيس حزب "المعسكر الصهيوني" يتسحاق هرتسوغ، أن يطرح نفسه رئيسا للحكومة لتفادي إجراء الانتخابات.

ويتيح القانون لحزب "المعسكر الصهيوني" باعتباره ثاني أكبر الأحزاب، طلب تشكيل حكومة جديدة في حال عمد نتنياهو إلى حل حكومته.

ولكن هيمنة اليمين الإسرائيلي على المشهد السياسي تجعل فرص هرتسوغ ضئيلة للغاية.

وبهذا الخصوص، يقول أبو نصار "شعبية هرتسوغ تكاد تكون معدومة حتى داخل حزبه ولا ينظر إليه أحد بجدية، وإنما الجميع يستخفون به ولا يرون فيه مرشحا قويا لرئاسة الحكومة".

وذهبت صحيفة "جروزاليم بوست" الإسرائيلية إلى النتيجة ذاتها، قائلة "حتى لو نجح هرتسوغ في إقناع حزبي لابيد وكحلون بالانضمام إليه فإنه من المستحيل أن يتمكن من تشكل ائتلاف من 61 عضوا".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com