ما حقيقة التوتر بين أردوغان والجيش التركي؟
ما حقيقة التوتر بين أردوغان والجيش التركي؟ما حقيقة التوتر بين أردوغان والجيش التركي؟

ما حقيقة التوتر بين أردوغان والجيش التركي؟

نفت المؤسسة العسكرية في تركيا وجود توتر بينها وبين الرئيس رجب طيب أردوغان.

وقال الجيش التركي في بيان، إن تداول مثل هذه الأنباء من شأنه أن يؤدي إلى"إنهاك الجيش وتشويه سمعته".

وكانت أنباء تحدثت عن وجود توتر بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبين الجيش بسبب خلافات من بينها السماح بارتداء منتسبات الجيش الحجاب.

ونقل موقع "زمان" التركي المعارض، اليوم الأربعاء، بيان الجيش الذي أكد فيه على عدم وجود قلق داخل القيادة العسكرية، أو في صفوفه، وأن إظهار الأمر وكأنه توجد مشكلة هو تزييف للواقع.

ونشرت صحيفة "حرييت" التابعة لمجموعة "دوغان" الإعلامية التركية، السبت الماضي، تقريرًا حمل عنوانًا فرعيًا؛ وهو "قلق داخل القيادة العسكرية"، أكدت فيه على وجود سبع نقاط خلافية بين المؤسسة العسكرية والحكومة؛ أبرزها السماح بارتداء الحجاب.

إلغاء حظر الحجاب

ورفعت تركيا للمرة الأولى في تاريخها الحظر عن ارتداء الحجاب في صفوف منتسبات الجيش من ضباط وضباط صف، ليشمل القرار الصادر أواخر شباط/فبراير الماضي، إلى جانب الفتيات العسكريات، الطالبات في المدارس والمعاهد والكليات العسكرية.

ويحمل القرار الجديد دلالة رمزية على أن الطابع العلماني الذي ظل سائدًا لعقودٍ خلت في أوساط الجيش التركي، بدأ بالتراجع في الأعوام القليلة الأخيرة أمام بوادر توجه إسلامي بات ينشط في صفوفه.

ويبدو أن تأثير حزب العدالة والتنمية، ذي الجذور الإسلامية، لم يقتصر على الأوساط السياسية والمدنية، بل تغلغل في المؤسسة العسكرية، ببطءٍ وثبات، منذ وصوله إلى السُّلطة عام 2002.

وتمكن أردوغان نسبيًا من تطبيع المؤسسة العسكرية، الممثل الأبرز لعلمانية المجتمع التركي، إذ أصدرت المحكمة العسكرية العليا، يوم 20 آذار/مارس 2015، حكمًا يلغي الإجراءات المتشددة، التي تمنع دخول المحجبات من أقارب عناصر الجيش إلى المنشآت والوحدات والنوادي العسكرية، للمرة الأولى في تاريخ الدولة التركية الحديثة.

ومنذ تأسيس الجمهورية التركية، على يد مصطفى كمال (أتاتورك) في عشرينيات القرن الماضي؛ مُنِعت المرأة المحجبة من زيارة أقاربها الذين يخدمون في الجيش، وحضور احتفالاتهم وعروضهم العسكرية، وسبق أن مُنِعت زوجة أردوغان؛ أمينة، من الدخول إلى المستشفى العسكري في أنقرة، لعيادة أحد المرضى، بسبب ارتدائها الحجاب.

وخلال شهر حزيران/يونيو 2015، أنهت رئاسة أركان الجيش التركي، دراسة طلبات بإنشاء مساجد في الوحدات العسكرية، وشملت الدراسة البحث عن أماكن صالحة لبناء المساجد في كل مقر عسكري، أو تخصيص أماكن للعبادة خاصة بعناصر القوات المسلحة.

أردوغان يهدد

وأثار التقرير غضب أردوغان، الذي توعد صحيفة "حرييت" بأنها "ستدفع ثمن ادعاءاتها"، متهمًا إياها بتحريض المؤسسة العسكرية ضد الحكومة.

وقال: "دعوني أوضح ما حصل، العنوان الذي استخدموه وقح.. من يحاول تأليبنا ضد بعضنا البعض سيدفع الثمن".

وبالفعل أطلق مدعون عامون في اسطنبول، كبرى المدن التركية، تحقيقًا في الموضوع المثير للجدل.

وعقب انقلاب تركيا الفاشل، منتصف تموز/يوليو الماضي، أغلقت الحكومة التركية وصادرت عشرات المؤسسات الإعلامية، واعتقلت وفصلت عشرات الصحافيين، بتهمة الانتماء لحركة "خدمة" التابعة لشيخ الدين المعارض، محمد فتح الله غولن، المتهم الأول في الوقوف وراء المحاولة الانقلابية، أو بتهمة دعم حزب العمال الكردستاني المحظور.

هيكلة الجيش

وعقب المحاولة الانقلابية عمد الرئيس أردوغان، إلى خطوات حثيثة لإعادة هيكلة الجيش التركي، وجاءت حملة التطهير المكثفة بحق عشرات الآلاف من ضباط وعناصر الجيش ممن تم فصلهم أو نقلهم أو اعتقالهم، لتؤكد على التوجه الجديد لأردوغان، الرامي إلى إحكام سيطرته على المؤسسة العسكرية.

ولطالما كان الجيش التركي الممثل الأبرز لعلمانية الدولة التركية، إذ وضعت الحكومات العلمانية المتعاقبة، معايير لتقييم الراغبين بالانتماء للمؤسسة العسكرية، كان على رأسها رفض طلبات انتساب من ينتمون لخلفيات محافظة، أو من عُرِف عنهم أو عن ذويهم الالتزام الديني.

وفي ظل حكم أردوغان، وبعد تسارع الأحداث على خلفية الانقلاب الفاشل، يبدو أن معايير الانتساب للجيش تغيرت، ليستمر النهج الاقصائي، وإنْ في اتجاه معاكس، في ظل اتهامات لأردوغان بالسعي لأسلمة المؤسسة العسكرية، وصبغها بصبغة إسلامية.

ويتخوف معارضون من اتخاذ الحكومة إجراءات جديدة من شأنها التضييق على طالبي الانتساب إلى الجيش، ممن يحملون قيم العلمانية، ما قد يزيد من تغلغل الإسلاميين فيه.

الدمج بين المدنيين والعسكريين

وبعد أن كان العسكريون يمثلون غالبية الموظفين في وزارة الدفاع، قبيل الانقلاب الفاشل، عمل أردوغان، على تطبيق نظام عمل مشترك جديد من شأنه الدمج بين المدنيين والعسكريين في وظائف الوزارة، بحيث يمثل المدنيون 60% من العاملين في الوزارة، ويمثل العسكريون 40%.

وبمراسيم تشريعية؛ قررت الحكومة التركية، إلحاق عدد من السُّلطات بالرئيس أردوغان أو وضعها ضمن صلاحيات الحكومة؛ ويأتي على رأسها، وضع رئاسة هيئة أركان الجيش ورئاسة الاستخبارات تحت سُلطة رئيس الجمهورية.

كما وُضِع قادة الجيش البري والبحري وسلاح الجو، تحت سُلطة وزير الدفاع، في حين أُلحِقت قوات الدرك (الجندرمة) وخفر السواحل، بوزارة الداخلية، وأُلحِقت أكاديمية "غولهانة" الطبية العسكرية بوزارة الصحة.

وأغلق المرسوم الجديد الأكاديميات العسكرية، في ظل توصياتٍ بإنشاء جامعة الدفاع الوطني، ليُعيَّن أردوغان رئيسًا لها، مع اكتساب نواب رئيس الوزراء، ووزراء الخارجية، والداخلية، والعدل، عضوية المجلس العسكري الأعلى.

وفي الوقت الذي يروّج فيه الإعلام الموالي للرئيس أردوغان أن المراسيم الأخيرة تصب في مصلحة مدنية الدولة، وتعزز سيطرة الحكومة على المؤسسة العسكرية، يرى محللون فيها توسيعًا لنفوذ أردوغان المتنامي، وتعزيزًا لقبضته على مرافق الدولة، وتحقيقًا لطموحاته، ما يزيد المخاوف من انهيار معايير الديمقراطية والحريات العامة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com