اتساع الفجوة بين تركيا وألمانيا.. أجواء عداء وكراهية
اتساع الفجوة بين تركيا وألمانيا.. أجواء عداء وكراهيةاتساع الفجوة بين تركيا وألمانيا.. أجواء عداء وكراهية

اتساع الفجوة بين تركيا وألمانيا.. أجواء عداء وكراهية

حتى قبل محاولة الانقلاب في تركيا كانت العلاقات بين برلين وأنقرة تتسم بالفتور الشديد، والآن تتسع الفجوة بين الجانبين اتساعا بسرعة هائلة، الأمر الذي يثير المزيد من القلق.

وتعتبر ألمانيا وتركيا شريكين هامين، كل منهما للآخر، ولكن في هذه الأوقات العصيبة هناك الكثير مما ينبغي بحثه ثنائيا، إلا أن ذلك لايتحقق على الأرض حيث لاتستدعى الحكومة الألمانية سفيرها إردمان للتشاور، فمنذ الثاني من الشهر الماضي والسفير الألماني في أنقرة، بعيد عن دائرة الاهتمام.

وفي الثاني من حزيران/ يونيو الماضي أصدر البرلمان الألماني (بوندستاغ) قرارا باعتبار ما وقع للأرمن في ظل الخلافة العثمانية إبادة جماعية، إلا أن التنازع بشأن القرار تم إرجاؤه مؤقتا في جدول الاهتمامات اليومية.

سبب جديد للصداع

لكن قبل أن تتم تسوية الأمر جاء سبب جديد للصراع؛ فقد طالب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يوم الخميس عبر تصريح لشبكة سي إن إن التركية بأن تسلم ألمانيا ما يعتقد أنهم أنصار للداعية فتح الله غولن الذين تتحرى السلطات التركية عنهم بعد محاولة الانقلاب الفاشل هناك في الخامس عشر من الشهر الجاري.

ومنذ محاولة الانقلاب تزايد حجم الخلاف بين ألمانيا وتركيا أكثر من قبل - ليس فقط بين الحكومتين، بل أيضا وفي المقام الأول بين الشعبين في كلا البلدين، الأمر الذي يضيف مزيدا من القلق في هذا السياق.

وليس هناك بلدان في هذا العالم يتلاحم نسيجهما معا بهذا القدر من الالتصاق رغم أنهما مختلفان حضاريا، مثل ألمانيا وتركيا.

تداعي الجسور

ويرى النائب مصطفى ينيرأوغلو عن حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا بالبرلمان أن من واجبه "بناء الجسور" مع ألمانيا التي نشأ فيها.

ويحظى ينيرأوغلو بثقة الرئيس رجب طيب أردوغان الذي ضغط عليه العام الماضي ليعود إلى تركيا، وحتى ذلك الحين كان ينيرأوغلو (41 عاما) يعيش كأب لأسرة بمدينة كولونيا غرب ألمانيا.

وفي صدر ينيرأوغلو يخفق قلبان، أحدهما لألمانيا والآخر لتركيا، ويؤلمه أن يرى الجسور توشك أن تتداعى وتزداد الهوة بين هذين الوطنين عمقا.

ويقول ينيرأوغلو شاكيا "إن المزاج المعادي لتركيا وصل في بعض أجزاء أوروبا إلى مستوى محزن" - واصفا هذا المزاج بأنه "غير عقلاني ومعاد غالبا، إن لم يكن مشبعا بالكراهية".

ويضيف ينيرأوغلو أن هناك الكثير من الأتراك يرسلون إليه رسائل إلكترونية من ألمانيا يبلغونه فيها بأنهم يفكرون في مغادرة ألمانيا والعودة إلى تركيا.

ويكشف ينيرأوغلو قول أحد أصحاب هذه الرسائل، دون أن يبين اسمه "كنت حتى الآن سعيدا، إلا أنني الآن أشعر بأن كل تقرير يمثل سبابا لي ولبلدي".

ويقول شخص آخر "ألا ترى أنت أيضا أن على الأتراك في أوروبا أن يفكروا في العودة إلى تركيا؟ أم أن علينا أن نقاوم هؤلاء العنصريين؟".

ميركل تطلب التناسب في رد الفعل

ويرى العديد من الأتراك - وليس فقط أنصار أردوغان - أنهم وبلادهم يعرضون بصورة خاطئة تماما في وسائل الإعلام بعد محاولة الانقلاب، وهم يتهمون هذه الوسائل بأنها همشت في أحسن تقدير مقاومة المدنيين الذين رموا بأجسادهم أمام المدرعات، حتى إن 3 منهم دفعوا حياتهم ثمنا للدفاع عن الديمقراطية، التي طالب بها الاتحاد الأوروبي وألمانيا أنقرة مرارا.

وبدلا من ذلك رفعوا أصابع الإنذار دفاعا عن الأخلاق مرة أخرى على الفور، وحثت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أردوغان مرة أخرى علانية يوم الخميس على "مراعاة التناسب في رد الفعل".

إلا أن أردوغان لم يعد يوجه سياسته وفق رؤى الاتحاد الأوروبي، فالاعتقالات مستمرة وأكثر من ثلث الجنرالات الأتراك يخضعون للتحقيق الآن في الحبس الاحتياطي، وتحت ذريعة حالة الطوارئ يغلق الرئيس ليلة أمس عشرات من وسائل الإعلام.

ويرى أردوغان أن القرارات المتطرفة التي اتخذها ضد أنصار الداعية فتح الله غولن مبررة، لأنها وفق رأيه تتماشى مع الحرص على إنقاذ الديمقراطية في تركيا، تلك التي حث عليها مرارا كثير من الألمان، كما ترى الحكومة التركية نفسها في صراع مع منظمة "إرهابية" تسللت إلى جميع المؤسسات الحكومية.

ومن وجهة نظر أنقرة، يعتبر أنصار غولن أشد خطرا من تنظيم داعش، الذي يقوم الغرب بقصف مقاتليه في كل من سوريا والعراق.

نظرية المؤامرة تثير غضب الأتراك

وتظهر نتائج استطلاع أجراه معهد "يوغوف" في ألمانيا الأسبوع الماضي عمق الفجوة بين البلدين، فأكثر من 80 % من المشاركين في الاستطلاع يرون أن خطوات أردوغان ضد المشتبه فيهم غير متناسب مع الحدث، بينما يرى الثلثان تقريبا أن من المحتمل أن يكون أردوغان نفسه شارك في إخراج محاولة الانقلاب.

ويقول إبراهيم كالين المتحدث باسم أردوغان إن الذين يتهمون الرئيس التركي بنظريات المؤامرة هم أنفسهم من يروجون تلك النظريات، حيث يرجح أن وراء أقوالهم هذه نوعا من خيبة الأمل لم يصرحوا بها؛ خيبة أمل لأن الانقلاب العسكري لم ينجح.

وليس كالين وحده، الذي كان ربما كان قد صلب على حائط لو نجح الانقلابيون، من يقول ذلك، بل إن نواب حزب العدالة والتنمية يبدون نوعا من الغضب الشديد بشأن نظرية المؤامرة تلك.

تظاهرات حاسمة في ألمانيا

وستبين نهاية الأسبوع المقبل وتحديدا يومي السبت والأحد كيف ستظهر توابع السياسة التركية على الشارع الألماني - حيث يتوقع التقاء 15 ألف متظاهر من أنصار أردوغان في كولونيا غرب البلاد.

وتخفي المطالبة بتسليم أنصار غولن وراءها مادة تفجير جديدة، وفي حال امتنعت برلين عن التعاون مع أنقرة فربما يتم استدعاء السفير إردمان في وقت قريب من قبل الحكومة التركية - وفي هذه الحالة لن يكون الاستدعاء لتقديم طلب جديد، ومن الراجح أنه سيستدعى ثانية من قبل وزارة الخارجية التركية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com