أنقرة وطهران.. تحالف بين خصوم الأمس يفرضه الاقتصاد والأكراد
أنقرة وطهران.. تحالف بين خصوم الأمس يفرضه الاقتصاد والأكرادأنقرة وطهران.. تحالف بين خصوم الأمس يفرضه الاقتصاد والأكراد

أنقرة وطهران.. تحالف بين خصوم الأمس يفرضه الاقتصاد والأكراد

يبدو أن العلاقات الإيرانية التركية تتجه نحو مسار جديد، فنظرة خاطفة إلى زيارة رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو  إلى طهران أوائل الشهر الجاري، بما في ذلك الطريقة التي تم استقباله فيها وطريقة تصرفه هناك، كفيلة بأن تعكس تغيرا في النوايا، وفقا لموقع "المونيتور" الأميركي المتخصص بشؤون الشرق الأوسط.

وكان أوغلو ترأس وفدا كبيرا مؤلفا من خمسة وزراء وعشرات من ممثلي الشركات ورجال الأعمال الأتراك، في واحدة من أهم الزيارات للجارة إيران التي قام وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، بدوره، بزيارة مماثلة لأنقرة، معربا عن استعداد طهران لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتعاون الإقليمي.

 والسؤال الآن، هو ما إذا كانت هذه الزيارات تشير إلى وجود نقطة تحول في العلاقات بين هذين الجارين المهمين؟

وبحسب الموقع، فإنه من المؤكد أن الربيع العربي أضاف ديناميكية جديدة للعلاقات الإيرانية التركية، فقبل الثورات، كانت العلاقة بين هاتين الدولتين قائمة على التعاون السياسي والاقتصادي، ولكن ظهور الأزمة السورية وتطورها غيّر الكثير في هذه العلاقة، فقامت تركيا، بسبب رغبتها الملحة بصعود جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة، بدعم المعارضة السورية.

 وفي الوقت نفسه، قامت إيران بتقييم التطورات في سوريا، من خلال عدسة التنافس الإستراتيجي، فقد كانت ترغب بالمحافظة على نفوذها الإقليمي وتعزيزه، ليتحدث أوغلو مع مضيفه الإيراني، بعد كل هذه التطورات، عن أرضية مشتركة في سوريا، لذلك، من المهم التساؤل عن أصل هذا التغيير وأسبابه؟

ووفقا لموقع المونيتور، هناك مبرر اقتصادي لهذا التقارب، فقد خلقت عقوبات روسيا حاجة تركية عاجلة لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول الأخرى، بما في ذلك إيران، على الرغم من أن تركيا وإيران كانتا على طرفي نقيض في السنوات الخمس الماضية من حيث وجهات النظر حول التطورات السياسية الإقليمية.

 ومع ذلك، أنشأ الحظر الروسي حافزا لتجاوز هذه الخلافات السياسية، فقد تحدث داوود أوغلو أثناء وجوده في طهران عن اتفاق بين البلدين لتوسيع التجارة الثنائية إلى 50 بليون دولار سنويا، وبعبارة أخرى، تسعى تركيا لتصبح الشريك التجاري الأول لإيران.

ويستند هذا الحماس، بحسب المحللين، إلى ميزة دائمة في العلاقات بين تركيا وإيران وهي: فصل الاقتصاد عن السياسة، فعلى عكس روسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لم تكن العلاقات الاقتصادية بين طهران وأنقرة قائمة على متطلبات سياسية.

وبسبب هذه الميزة، فمن الملاحظ أن النخب من البلدين تمكنت من مواصلة سياساتها الإقليمية دون المساس بالعلاقات الاقتصادية.

لكن على الرغم من أهمية العامل الاقتصادي، إلا أنه لا يفسر بشكل كامل مثل هذا التغيير في العلاقات الثنائية.

ويرى الخبراء مبررا آخر لمثل هذا التحول، وهو أن الخيارات الإستراتيجية من جانب واحد لم تنجح على أرض الواقع، فلم يتحقق خيار تركيا في السعي إلى إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ولم تتمكن إيران من إعادة الأمور في سوريا إلى سابق عهدها، ومع ذلك، فقد نجح استثمار إيران الإستراتيجي في سوريا بوقف ما تعتبرها طهران مؤامرة ضد حلفائها.

وفي الوقت نفسه، فشل استثمار تركيا عبر تسليح ودعم المعارضة السورية بالإطاحة بالرئيس الأسد، وتسبب أيضا بتحديات أمنية وإستراتيجية لها، فقد تعرض أمن تركيا للخطر بعد أن وجدت تركيا نفسها في مواجهة تنظيم داعش، كما رأينا في تفجيرات غير مسبوقة على أراضيها.

 وقد أدت سياسات أنقرة -أيضا- إلى تمكين الأكراد السوريين، وفقا للموقع الأميركي الذي يضيف، إن خيارات تركيا الإستراتيجية في سوريا فتحت صندوق باندورا الذي صدر ويلاته إلى الداخل التركي، وهو ما وضع أنقرة بمأزق استراتيجي.

أما المبرر الثالث للتغيير في لهجة تركيا تجاه إيران، فينبع من العوامل المتغيرة في الأزمة السورية بعد التدخل العسكري الروسي، وخصوصا بعد إسقاط تركيا لطائرة مقاتلة روسية في نوفمبر/تشرين الثاني.

ومن الواضح الآن، أن إسقاط الطائرة كان سوء تقدير، فبغض النظر عن الأسباب التي دفعت أنقرة إلى ذلك، أدى هذا الفعل إلى نشر روسيا لنظام الدفاع الجوي S-400 المتطور على الأراضي السورية، ما يحد من قدرة تركيا على المناورة.

 كما دفع روسيا لدعم الأكراد السوريين إلى جانب الولايات المتحدة، وقد ضرب هذا وترا حساسا في أنقرة، ولكن الحقيقة أن تركيا غير قادرة على القيام بأي شيء حيال هذا الأمر.

نتيجة لهذا الضغط وضمن جهودها لتوسيع نطاق الخيارات الإستراتيجية، تحولت أنقرة، بحسب الموقع، إلى إسرائيل والمملكة العربية السعودية، مع أنها كانت تعلم أن إيران هي الوحيدة التي تعرف وضع تركيا وشعورها بالضيق الإستراتيجي، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الكردية.

ويرى خبراء أن ما تشهده علاقات طهران وأنقرة، هو تعديل تكتيكي في الحسابات الإستراتيجية، ومن المتوقع أن يمضي الطرفان في نفس المسار، إذ يدرك الطرفان في هذه المرحلة تداعيات الأزمة السورية على أمنهما القومي.

ويُعبّر استمرار العلاقات الاقتصادية بين إيران وتركيا حتى خلال الأوقات الحرجة في العلاقات الثنائية، عن زوال نهج "كل شيء أو لا شيء" الشائع جدا في سياسات الشرق الأوسط، كما يشير إلى قدرة البلدين على الاتفاق حول الملفات المختلفة؛ ما يتيح لهما فعل الكثير لمواجهة التحديات المتزايدة الناجمة عن الوضع السوري والوضع العام في المنطقة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com