أمريكا تبحث عن سبل لمكافحة التطرّف المحلّي
أمريكا تبحث عن سبل لمكافحة التطرّف المحلّيأمريكا تبحث عن سبل لمكافحة التطرّف المحلّي

أمريكا تبحث عن سبل لمكافحة التطرّف المحلّي



واشنطن - قال مسؤولون كبار إن وزارة العدل الأمريكية تدرس إجراء تعديلات قانونية للتصدي لما ترى أنه خطر متزايد من المتطرفين المحليين المناهضين للحكومة، في الوقت الذي تصعد فيه جهودها لمنع وقوع هجمات على الأراضي الأمريكية من جانب أشخاص يستلهمون فكر تنظيم داعش.

وقال جون كارلن رئيس إدارة الأمن الوطني بالوزارة إن الجماعات المتطرفة التي تحركها مجموعة من الفلسفات التي نشأت في الولايات المتحدة تمثل "خطرا واضحا وحاضرا".

وأضاف "بناء على التقارير الأخيرة والحالات التي نراها يبدو أننا في بيئة متصاعدة".

وخلال السنة الماضية وجهت وزارة العدل اتهامات إلى عدد من المشتبه في أنهم من المتطرفين المحليين من بينها محاولة تفجير قواعد عسكرية أمريكية وقتل ضباط شرطة وإلقاء قنابل حارقة على مدرسة ومبان أخرى في بلدة تسكنها أكثرية من المسلمين بولاية نيويورك.

غير أن المدعين الاتحاديين الذين يتولون قضايا المتطرفين المحليين مازالوا يفتقرون إلى أداة قانونية مهمة استخدموها على نطاق واسع في عشرات من القضايا ضد المشتبه بهم الذين يعتنقون فكر تنظيم الدولة الاسلامية وتتمثل في قانون يحظر دعم الجماعات التي تصنف كجماعات إرهابية.

وامتنع كارلن ومسؤولون آخرون في وزارة العدل عن قول ما إذا كانوا سيطلبون من الكونجرس سن قانون مقابل للتطرف المحلي أو التعليق على التعديلات الأخرى التي قد يتبعونها لتشديد الحرب على المتطرفين المناهضين للحكومة.

وتحدد وزارة الخارجية الأمريكية المنظمات الارهابية الدولية التي يحظر القانون تقديم "الدعم المادي" لها. ولم تدرج أي من الجماعات المحلية ضمن هذا التصنيف الأمر الذي ساهم في خلق تفاوت في الاتهامات التي يواجهها المشتبه في أنهم متطرفون دوليون والاتهامات الموجهة للمتطرفين المحليين.

وتوصلت رويترز من خلال تحليل أكثر من 100 قضية اتحادية إلى أن المشتبه في كونهم من الإرهابيين المحليين يواجهون عموما اتهامات أقل شدة من المتهمين بارتكاب أفعال باسم تنظيم الدولة الاسلامية وذلك منذ بدأ المدعون يستهدفون تلك المجموعة في أوائل 2014.

وعلى مدى العامين الأخيرين اتهم 27 شخصا بالتآمر لارتكاب اعتداءات داخل الولايات المتحدة أو التحريض عليها باسم تنظيم الدولة الاسلامية. وواجه هؤلاء اتهامات بلغ متوسط عقوباتها السجن 53 عاما. وكانت العقوبات التي يواجهها نصف هؤلاء أعلى من هذا المتوسط بينما واجه النصف الثاني عقوبات أقل منه.

وفي الفترة نفسها تم توجيه اتهامات بالقيام بأنشطة مشابهة لعدد 27 شخصا يعتنقون فكرا مناهضا للحكومة نشأ في الولايات المتحدة. وكان متوسط العقوبات التي واجهها هؤلاء السجن 20 عاما.

وقال كارلن إن فريق مكافحة الارهاب التابع له الذي استعان في الاونة الأخيرة بمستشار قانوني يلقي "نظرة فاحصة على طبيعة خطر الارهاب المحلي ومداه" ويساعد في تحليل "التحسينات والتعديلات القانونية المحتملة للتصدي لتلك التهديدات على نحو أفضل."

وقال مسؤول بوزارة العدل إن المستشار القانوني الذي عين في أكتوبر تشرين الأول الماضي ولم يعلن اسمه سيتولى تحديد القضايا التي يتم نظرها على مستوى الولايات "ومن الممكن أن تفي بالتعريف الاتحادي للارهاب المحلي."

وسيتيح ذلك للوزارة أن تلعب دورا مباشرا في مزيد من قضايا التطرف المحلي.

وقال المسؤولون إن الوزارة واعترافا منها بان التهديدات المحلية "سريعة التطور ومن الممكن أن تتزايد" جعلت تعطيل أنشطة أمثال هؤلاء الارهابيين عنصرا رئيسيا في مساعيها الأوسع لمكافحة الارهاب.

 تزايد الخطر

نشطت وزارة العدل في متابعة المتطرفين المحليين بعد أن فجر تيموثي مكفاي مبنى حكوميا في مدينة أوكلاهوما عام 1995 في هجوم أسفر عن سقوط 168 قتيلا.

وحولت الحكومة تركيزها إلى الارهاب الدولي بعد أن قتل تنظيم القاعدة ما يقرب من 3000 أمريكي في 11 سبتمبر ايلول عام 2001.

غير أن نشطاء مناهضين للحكومة عاودوا الظهور في السنوات الأخيرة من أمثال المجموعة التي احتلت محمية للحياة البرية في شرق ولاية أوريجون الشهر الماضي.

ومع تصدي خبراء إنفاذ القانون لجماعات الميليشيات المحلية التي لا تعترف بسلطة الحكومة وغيرها من المتطرفين المناهضين للحكومة فهم يواجهون أيضا خطرا متزايدا من المتطرفين الاسلاميين مثل الزوجين اللذين نفذا عملية إطلاق النار في سان برناردينو بولاية كاليفورنيا في الثاني من ديسمبر كانون الأول.

وقال مايكل شتاينباخ رئيس قسم مكافحة الارهاب في مكتب التحقيقات الاتحادي "من التطورات الجديدة التي نشهدها أنه عندما يتعلق الأمر بالتحقيقات في تنظيم الدولة الاسلامية فإن الفترة الزمنية من التشدد إلى التحرك الفعلي تحدث فيما يبدو أسرع من أي نوع آخر من الارهابيين".

ونتيجة لذلك كما يقول مسؤولون حاليون وسابقون أن الضباط الأمريكيين يسارعون إلى التحري عن الأشخاص الذين يبدون تعاطفا مع الدولة الاسلامية. لكن البعض يقول إن الحكومة بالغت في حماسها في السعي وراء المشتبه في أنهم من انصار الدولة الاسلامية.

وقد أدت أفعال متماثلة ارتكبها أشخاص يشتبه أنهم متطرفون إلى صدور أحكام شديدة التباين.

ثمانية متهمين في قضايا تتصل بتنظيم الدولة الاسلامية صدرت عليهم أحكام حتى الآن بالسجن لمدد تراوحت بين ثلاثة أعوام و20 عاما. وخلال الفترة نفسها صدرت أحكام على 18 متطرفا محليا بالسجن لفترات تتراوح بين يوم واحد و12 عاما.

ويقول ممثلو الادعاء إن هارلم سواريز (23 عاما) من كي وست بولاية فلوريدا حاول شراء قنبلة في العام الماضي من ضابط سري في مكتب التحقيقات الاتحادي إذ كان يخطط لشن هجوم باسم الدولة الاسلامية. وهو يواجه حكما محتملا بالسجن مدى الحياة وقد أنكر الاتهامات الموجهة إليه.

وترك مايكل سيبلي (67 عاما) قنبلتين أنبوبيتين ومصحفا في حديقة بمدينة روزويل بولاية جورجيا عام 2014 وقال للشرطة فيما بعد إنها محاولة لتسليط الضوء على الإرهاب الاسلامي. واعترف بذنبه ويواجه حكما بالسجن خمس سنوات.

وقال داريل جونسون الخبير السابق في مكافحة الارهاب بوزارة الأمن الداخلي الذي يعمل الآن كمستشار في إنفاذ القانون "يطبق معيار آخر على المسلمين يختلف عن بقية الناس".

وقال شتاينباخ إنه لا يمكن لمكتب التحقيقات الاتحادي قط أن يفتح أي نوع من التحقيقات "على أساس العرق أو العقيدة أو الدين فقط".

لكنه أضاف أن ضباطا اتحاديين مستعدون لبدء تحريات عن الأمريكيين الذين يؤيدون جماعات على قائمة وزارة الخارجية للمنظمات المصنفة على أنها إرهابية.

وقد شددت العقوبة القصوى لدعم واحدة من هذه الجماعات من السجن عشر سنوات إلى السجن 20 عاما في عام 2001.

وقد طبقت هذه العقوبة في 58 قضية من بين 79 قضية أقامتها الحكومة فيما يخص تنظيم الدولة الاسلامية منذ عام 2014 على متهمين شاركوا في عدد كبير من الانشطة من السفر إلى سوريا للقتال في صفوف التنظيم إلى جمع تبرعات لصديق يرغب في ذلك.

وعادة ما يصدر القضاة أحكاما أقل من الحد الأقصى لكن بعض الاتهامات تؤدي إلى صدور أحكام مشددة وأكثر ما يؤدي لتشديد الحكم تهمة الدعم المادي.

وتتمتع الجماعات المحلية بحماية دستورية أكبر لأن العضوية في هذه الجماعات ليست جريمة مهما كان تطرف خطابها.

ويمكن لممثلي الادعاء توجيه اتهامات بالدعم المادي للارهاب لمتهمين ليسوا على صلة بجماعات على قائمة وزارة الخارجية لكن هذا لم يحدث إلا مرتين ضد مشتبه بهم غير جهاديين منذ سريان القانون عام 1994.

والعقوبة القصوى هي السجن 15 عاما في القانون الذي يحظر دعم من اعتبروا إرهابيين نتيجة لأفعالهم.

ويقول مدعون اتحاديون حاليون وسابقون إنهم نادرا ما يأخذون هذا القانون في الاعتبار في قضايا الارهاب المحلي لأن من الصعب في كثير من الأحيان إقناع هيئة المحلفين بأن من لا صلة له بجماعة أجنبية يمكن أن يكون مذنبا بجرائم إرهابية.

وقال وليام ويلموث المدعي الاتحادي السابق الذي طبق القانون في قضية عام 1996 ضد عضو في ميليشيا في وست فرجينيا إنه مندهش لسماع أن هذا القانون لم يعد يستخدم كثيرا.

وقال "هؤلاء الناس لهم كل الحق في اعتناق الاراء السياسية المتطرفة. لكن عندما يتخذون خطوات جادة لتفجير منشأة اتحادية ... فنحن نعتقد أن من المهم أن نتقدم ونحاكمهم".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com