البابا يصنع ما عجز عنه البيت الأبيض
البابا يصنع ما عجز عنه البيت الأبيضالبابا يصنع ما عجز عنه البيت الأبيض

البابا يصنع ما عجز عنه البيت الأبيض

وقت ظهور هذه الكلمات للنور، يكون الأذان ارتفع مناديا للصلاة من وراء جدران نزل "سانت مرتا" في حاضرة الفاتيكان ، ذلك المكان المتواضع، الذي يقطنه البابا فرنسيس الأول، الرجل الذي يمتلك نفوذا روحيا على مليار ومئتي مليون شخص حول العالم.

الأذان داخل الفاتيكان سترافقه دعوات مشابهة لإقامة صلوات يهودية ، والصلاتان تظهران للعلن في ظل قرع أجراس كنائس أكبر كنيسة حول العالم، كنيسة القديس بطرس.

خلف جدران الفاتيكان، يلتقي الرئيس الفلسطيني أبو مازن، الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، ضدان من المفترض ألا يلتقيان أبدا، وقطبان متقابلان ، أحدهما محتل، والآخر محتلة أرضه، فلا تناسق في المواقف، ولا اتزان في معايير القوة.

لكن الرجل الفقير ذا الرداء الأبيض الجالس سعيدا على كرسي ماربطرس، بات وكأنه صاحب صولجان أقوى من الجالس في البيت الأبيض، الذي أخفق حتى الآن في التقدم ولو قليلا، عبر مسيرة العملية السلمية المزعومة.

ما الذي يمتلكه بابا الفاتيكان ولا يمتلكه الرئيس الأمريكي، حتى يلبي أبومازن وبيريز، دعوته على العجل وعلى هذا النحو الذي رأيناه؟

في خمسينات القرن الماضي قدم بعض مساعدي الزعيم السوفيتي الشهير، جوزيف ستالين، النصح له قائلين: إن الإجراءات التي انت مقدم عليها لن يحبها البابا، و جاء رد ستالين وقتها :" كم فرقة عسكرية يمتلك البابا ؟".

غير أن الأيام أثبتت، أن البابا يمتلك من النفوذ والقوة والمنعة ما لا يقدر بعدد الفرق العسكرية؛ إنه يمتلك النفوذ الروحي عبر قارات الأرض الست، وليس سرا نذيعه لأول مرة، أن مدير الاستخبارات الأمريكية المركزية، وليام كيسي، تلميذ المدارس الكاثوليكية اليسوعية، والذي أراد ذات يوم أن يصبح كاهنا كاثوليكيا، ولم يغير طريقه سوى إعلان في صحيفة "نيويورك تايمز" يطلب عملاء للجهاز، هو من نسق مع البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، المواجهة مع حلف وارسو والشيوعية، وبدأ الأمر من بولندا موطئ قدمي البابا في بدايات الثمانينات من القرن المنصرم.

لم يدع البابا الرئيسين الفلسطيني والإسرائيلي من أجل تفعيل مباحثات السلام بينهما، لكن جل هدف الرجل هو رفع دعاء إلى الله، حتى لا تكون أرض الوحي ومهبط الأديان، في فلسطين المقدسة موقعا وموضعا للمزيد من الحروب والصراعات وإراقة الدماء التي جرت عبر سبعة قرون مضت.

في زيارته الأخيرة لفلسطين، لفت البابا فرانسيس أنظار العالم إلى إشكالية تمثّل حجر الزاوية لمشاكل العالم العربي، ولصراعات العالم الإسلامي في جزء كبير منها مع الغرب من ناحية أخرى.

لم يكن المشهد غريبا على البابوية الكاثوليكية، فالصراع المذهبي بينها وبين إسرائيل قديم جدا سياسيا ودينيا، والغريب أنه في الوقت الذي تتآمر فيه تل ابيب على الفاتيكان من وراء الأبواب المغلقة، نرى بابا الفاتيكان يحمل غصن الزيتون للطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، ربما لأنه يمضي في أثر ما قاله السيد المسيح ذات مرة :"طوبى لصانعي السلام فإنهم أبناء الله يدعون".

نعم لن يستطيع البابا إرغام نتنياهو على التحرك الإيجابي لجهة عملية السلام، لكنه يضع إسرائيل أمام الضمير العالمي.

إن فرانسيس الأول اليوم، وفي وقت الصلاة الهادئ، يرسل إشارة رمزية إلى نتنياهو سليل هيرودس الملك يقول له فيها :"لا يحق لك أن تاخذ هيرودية زوجة أخيك امراة لك".

هذا ما يملكه بابا الفاتيكان وهو أعلى صوتا من قصف المدافع، فهل يحمل بيريز الرسالة لأهله ويبلغها لليمين الإسرائيلي المتشدد.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com