بلومبيرغ: قطر بدأت بالميل نحو إيران
بلومبيرغ: قطر بدأت بالميل نحو إيرانبلومبيرغ: قطر بدأت بالميل نحو إيران

بلومبيرغ: قطر بدأت بالميل نحو إيران

بدأت الدوحة بزيادة تقاربها مع طهران بهدف تعميق التوتر الحاصل في منطقة الخليج جراء الأزمة بينها وبين ثلاث دول خليجية هي السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين إضافة إلى مصر.

ويكمن المثال الأوضح على زيادة التقارب القطري الإيراني في "قطاع الطاقة والغاز الطبيعي"، ففي عام 1971، حفرت شركة "شل" حقلاً للتنقيب على النفط -سمي فيما بعد باسم الحقل الشمالي لقطر- وأصيبت الدوحة بخيبة أمل لعدم عثورها على النفط بل الغاز على الرغم من وجوده بكميات هائلة.

كانت الدولة منتجة متواضعة للنفط مع سوق طاقة محلية وإقليمية صغيرة. وفي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي عانت في محاولة لتكوين مشروع للغاز المسال لتصديره لآسيا ومع انخفاض سعر موارد الطاقة عالمياً استسلمت شركة "بريتيش بتروليوم" التي كانت تعمل على خفض تكاليفها واستولت شركة "موبيل" على مشروع الحقل. وكان الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي استولى على الحكم من والده "الحذر" في انقلاب عام 1995، حريصاً على استمرار المشروع.

ووفق وكالة "بلومبيرغ" الاقتصادية، لم تكن شركة "إكسون" تملك العقلية الريادية لإنشاء المشروع، ولكن عندما اشترت إكسون شركة موبيل في عام 1998 وبدأت أسعار النفط والغاز العالمية بالارتفاع، أدركت الشركة أنها أصبحت أحد أكثر الأصول العالمية قيمة. وعمل وزير النفط السابق عبدالله بن حمد العطية مع أمير قطر لاستخدام موقع قطر الإستراتيجي لبيع الغاز في الشرق والغرب. كما قامت شركة "توتال" و "كونوكوفيليبس" و "شل" ببناء محطات للغاز الطبيعي المسال، في حين قامت شركة "مبادلة" الوطنية في أبوظبي على العمل مع "توتال" و "أوكسيدنتال" من أجل بناء خط أنابيب "دولفين" لنقله لبقية الإمارات المجاورة في دولة الإمارات العربية المتحدة.

اقتناص الفرص..

وعندما اختفى سوق الاستيراد في الولايات المتحدة بسبب صعود الغاز الصخري، تمكنت قطر من التركيز على أوروبا وآسيا، واستجابت بسرعة لتعزيز الإمدادات لليابان بعد حادث فوكوشيما النووي الذي وقع في عام 2011. وكان اليابانيون ممتنين بالرغم من أنهم دفعوا سعراً مرتفعاً حيث ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي المسال إلى أعلى مستوياته المسجلة تاريخياً. وفي أقل من عقدين من الزمن، أصبحت قطر أغنى دولة في العالم حسب الناتج المحلي الإجمالي للفرد، ومستثمرة عالمية كبرى، ومحركة سياسية تسعى لتوسيع نطاق تأثيرها ومشاركتها في الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من تبيان الخرائط القطرية لحدود الحقل الذي ينتهي عند حدودها، إلا أن إيران حفرت جزءها من الحقل في عام 1991 وادعت تدريجيا أنها تملك ثلث إجمالي الاحتياطيات في ما سمته حقل "جنوب فارس". ولكنها ابطأت في استثماره بسبب العقوبات المفروضة ضدها وبسبب سوء الإدارة والاقتتال السياسي حول مصارف استهلاك الغاز.

وفي عام 2005، فرضت قطر تعليقاً اختياريا على مواصلة تطوير حقل غاز الشمال، قائلة إنها بحاجة لدراسة الخزان. وقد تم رفع ذلك التعليق في النشاط  أخيراً لكنه استغرق وقتاً طويلاً حيث لا تتطلب الدراسة الميدانية للحقل 12 عاماً. وكانت هناك أسباب تجارية جيدة دعت لوقفه فقد أصبح سوق الغاز الطبيعي المسال متخماً، كما أن القدرة على البناء المحلي قد تجاوزت طاقتها.

شكوك وتنافس..

وثمة شكوك تفيد بأن الإيرانيين أجبروا الدوحة على وقف المشاريع الجديدة التي شعروا أنها ستبدأ في استنزاف غازهم. ومنذ عام 2014 شهد إنتاج إيران نموا سريعاً حيث تم الانتهاء من المراحل المؤجلة منذ فترة طويلة من حقل غاز "جنوب فارس"، والذي منح لمقاولين محليين -تعثروا سابقا بالعقوبات ومشاكل التمويل- وبحلول عام 2020، سيتجاوز إنتاج إيران من حقل غاز جنوب فارس ما تنتجه قطر من حقل غاز الشمال.

أما بالنسبة للمراحل التي لم يتم البدء في تطويرها من حقل غاز جنوب فارس فهي المراحل (13،14،22،24) وتقع في الطرف الشمالي الشرقي للحقل البعيد للغاية عن الحدود. والمرحلة الوحيدة المستثناة هي المرحلة الـ 11 التي تقع على الحدود ووضعت لها الأولوية لمنع انتقال الغاز من الجانب الإيراني من الحقل إلى الجانب القطري.

ومن ثم فإن العقد الذي أبرمته شركة توتال وشركة البترول الوطنية الصينية في الـ 3 من تموز/ يوليو للمرحلة الـ 11 يعد جزءاً هاماً من إستراتيجية إيران، حيث تهدف الصفقة الأولى التي تم منحها بموجب عقد البترول الإيراني الجديد إلى جذب الاستثمارات الأجنبية بعد رفع العقوبات المتعلقة بالطاقة النووية في بداية العام الماضي. وسوف يوظف الإنتاج في البداية للسوق المحلية، ولكن في وقت لاحق يمكن أن يتم دعم أول مشروع تصدير للغاز الطبيعي المسال في إيران، وهي خطط أساسية إن تم تنفيذها تعد فوزاً هاماً في مجال العلاقات العامة لكل من إيران بعد رفع العقوبات عنها ولإدارة الرئيس حسن روحاني الذي أعيد انتخابه أخيراً.

ومع بدء إيران لمشروع جديد لإنتاج الغاز، وبعد يوم واحد من توقيع اتفاقية المرحلة الـ11 لحقل غاز جنوب فارس، قال الرئيس التنفيذي لشركة قطر للبترول سعد الكعبي إن مشروعها الجديد سيتضاعف من حيث الحجم ليرتفع بذلك إجمالي الطاقة التصديرية للغاز الطبيعي المسال بنسبة 30% إلى 100 مليون طن متري سنوياً بحلول عام 2023، ما يحافظ على مكانته باعتباره الأكبر في العالم متجاوزاً بذلك أستراليا والولايات المتحدة الأمريكية.

وكانت هذه إشارة للمنافسين في مجال الغاز الطبيعي المسال عالي التكلفة؛ بأن قطر ستكافح من أجل حصتها في السوق، وكانت علامة على تحد للتحالف الذي تقوده السعودية ضدها. وقام الرؤساء التنفيذيون لكل من إكسون موبيل وتوتال وشركة شل بزيارة الدوحة أخيراً.

صفقة..

ويبقى السؤال المثير للاهتمام عن الصفقة أو الاتفاقية التي توصلت إليها قطر مع إيران بشأن توسعها، خاصة أن  الإمارة الخليجية كانت علقت جزءا من أعمالها في حقل الشمال بسبب التحذيرات من إيران عام 2005 حيال إنشاء مشاريع أخرى، إلا أن ما يمكن تأكيده في الوقت الراهن أن هذا السبب قد ألغي الآن..

ويرى الإيرانيون في أزمة الخليج فرصة لتقسيم جيرانهم العرب، وهم بطبيعة الحال مستعدون للتخفيف من قيودهم ضد القطريين فالتعاون يناسب مالكي الحقل في الوقت الراهن.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com