هجرة الفنانين اليمنيين تشلّ الأغنية المحلية
هجرة الفنانين اليمنيين تشلّ الأغنية المحليةهجرة الفنانين اليمنيين تشلّ الأغنية المحلية

هجرة الفنانين اليمنيين تشلّ الأغنية المحلية

عدن- (خاص) من عبداللاه سُميح

"لا تغيبوا، كفى غربة ولوعة وأحزان.. اليمن ينتظركم يا حبايب بالأحضان"، هكذا يقول الفنان اليمني الكبير أيوب طارش في دعوة أطلقها في أغنيته "حنين المفارق" التي يحّث فيها المغتربين اليمنيين إلى العودة والمساهمة في بناء وطنهم، في الوقت الذي تزداد فيه هجرة الفنانين اليمنيين إلى خارج البلد بحثا عن إيجاد الفرص الفنيّة في وطن آخر لا يُكّرم المبدعين بعد وفاتهم.

ومنذ أواخر القرن الماضي ما يزال قطار الاغتراب يسرق المبدعين من سماء الأغنية اليمنية التي ذاع صيتها في الوطن العربي عموما، ولم تعد اليمن كما عُرفت بتصدير أغانيها إلى الدول المجاورة، وأصبحت تدفع فنانيها للهجرة نظرا لما يقاسونه من إهمال رسمي في وطنهم.

وكانت الظروف الأمنية والاقتصادية والفنية التي تشهدها البلد على مدار حقب زمنية ماضية، هي السبب الأكبر وراء هجرة الفنانين، إضافة إلى خلو الساحة الفنية في اليمن خلال الأعوام الأخيرة من الأنشطة الغنائية التي تحفّز الفنان إلى مزيد من الانتاج والتألق، حتى أصبح (اليمن السعيد) وطنٌ آخر، فيما لم تعد الساحة الغنائية في اليمن تنتج أغان جديدة وأصبح الكثير من فنانيها الجُدد يستهلكون رصيد الماضي التراثي، دون الإضافة إلى ما تمتلكه البلاد من إرشيف غنائي هائل.

مؤخرا، فوجئ الوسط الفني في اليمن بمغادرة الفنان فؤاد الكبسي إلى الدوحة للإقامة فيها بشكل دائم، بسبب الركود الذي أصاب الساحة الفنية اليمنية في السنوات الأخيرة، وأصاب كل الفنانين اليمنيين باليأس والإحباط، بحسب ما أوردته صحيفة "الثورة" الرسمية.

وشكا الفنان الكبسي من غياب المحافظة على الحقوق الملكية والفكرية في اليمن، وعدم صيانة حقوق الفنان والمنتج، إضافة إلى ظهور جهاز الـmp3 الذي أصبح يحطم آمال الفنانين الذين كانوا يكتفون بتسجيل أغانيهم وألبوماتهم بين الفينة والأخرى، إلى جوار عدم وجود الحفلات الغنائية والمهرجانات والفعاليات الأخرى التي تتيح للفنان التواصل مع جمهوره.

وفي مطلع العام الماضي، توفي الفنان محمد مرشد ناجي ومنعت أسرته وزير الثقافة من حضور مراسم التشييع، غير مرحبة بأي تواجد للحكومة اليمنية وممثليها ومصوري التلفزيون الرسمي، احتجاجا على إهمال الجهات الرسمية للفنان خلال صراعه مع المرض، مقارنة بما قدمه للوطن.

ولعل الفنان اليمني الشاب نجيب المقبلي، المتوّج بقلب نجم الخليج في العام 2011، قد أوجز حجم المعاناة التي يواجهها زملاؤه، حيث قال في حديث خاص لـ"إرم" :"الفنان في اليمن يقدّم الكثير لوطنه، ولا يكرّم إلّا بعد موته للأسف، وعلى الرغم من ذلك، ما يزال الكثير من الفنانين المبدعين داخل أراضي الوطن وأعدادهم أضعاف المهاجرين، ولربما تكون مستوياتهم الفنية أكبر ممن غادروا ولمعوا، لكنهم لم ينالوا شهرة واسعة مقارنة بأعمالهم الفنية، وهذا أمر محبط".

ويضيف المقبلي المقيم في الإمارات: "الإهمال وعدم الاهتمام من قبل وزارة الثقافة في المقام الأول، ووزارة الإعلام أسهم بشكل كبير في هجرة العديد من الفنانين الكبار من البلد، ولو استدللنا بالمشاركات الخارجية التي تشارك فيها اليمن، فسنجد أن وزارة الثقافة على مدار تعاقب الوزراء فيها، لا تجيد انتقاء من يمثلوا البلد بصورة تستحقها، مقارنة بتراثها الفني العظيم، في حين يتجاهل الإعلام معظم المشاكل التي تصادف الفنانين الكبار، ولا يبرزهم بالصورة اللائقة، وهذا يكون نموذجا سيئا للأجيال الفنية القادمة، يدفعها نحو البحث عن فرص متاحة خارج الوطن".

وحظي الفنان المقبلي بعقد فني مع شركة روتانا، بعد فوزه بلقب البرنامج التلفزيوني نجم الخليج قبل عامين، مضى منه أكثر من عام فقط، غير أنه لم يفكر بعد في العودة إلى اليمن من عدمها لمواصلة مشواره الفني بعد انتهاء العقد، وقال "أفكر الآن في إنهاء عقدي مع روتانا بنجاح، وأنا منهمك في ألبومي الأول الذي سيرى النور بإذن الله بعد شهرين".

وفي جانب آخر، يرى الناقد الفني والصحفي جميل محسن أن "هجرة الفنانين إلى الخارج منحت الأغنية اليمنية رواجا أكثر من الداخل، وأسهمت في انتشار الغناء اليمني بألوانه في ربوع الوطن العربي وعدد من البلدان الأفريقية، ويمكن القول إن الفنان فرسان خليفة هو أول من صدّر لحن يمني للفنانة السورية فائزة أحمد في أغنيتها (أخي الصغير)، إلا أن الكثير من الفنانين أسهموا – أيضا - في نشر الأغنية اليمنية من خلال تسجيلاتهم الإذاعية والتلفزيونية العربية في فترة الستينيات، كالفنان أبوبكر سالم بلفقيه والفنان محمد سعد عبدالله إلى جوار الفنان عوض أحمد، ليتجهوا بعدها إلى تأليف وتلحين الأغاني للعديد من الفنانين العرب، وهناك العديد من الإسهامات الفنية لا أستطيع حصرها هنا".

وأشار محسن في حديثه لـ"إرم" إلى أن معظم الفنانين الذي غادروا البلد خلال أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات من القرن الماضي، شدّ بعض الرحال إلى الخليج والوطن العربي لأسباب أمنية، بينما اختار البعض نشر أغانيهم في بلدان أخرى خلال جولات فنية تنتهي بعودتهم إلى الوطن، موضحا أن الأغنية اليمنية توقّف إبداعها ونشرها بعد رحيل رواد الأغنية اليمنية، وأن "هناك محاولات غنائية فردية لا تذكر".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com