تطورات العراق تغذي الخلافات المذهبية بالكويت
تطورات العراق تغذي الخلافات المذهبية بالكويتتطورات العراق تغذي الخلافات المذهبية بالكويت

تطورات العراق تغذي الخلافات المذهبية بالكويت

مراقبون يحذرون من انهيار الوحدة الوطنية الكويتية جراء انقسام السنة والشيعة

تشهد الكويت صراعاً خفياً ما زال في بداياته، بين الطائفتين الرئيسيتين في البلاد، السنة والشيعة، لكن التطورات الإقليمية في المنطقة لا سيما في العراق، تنذر بتطوره لدرجة يمكن أن يهيمن فيها على المشهد العام في البلاد.

ويبرز الحديث عن سنة وشيعة الكويت بشكل متفاوت في التصريحات الرسمية منذ تطورات العراق الأخيرة، حيث ظهرت أزمة سياسية داخلية مركبة بين المعارضة والحكومة، تتضمن اتهام شخصيات سياسية وتجارية بارزة بـ "مؤامرة مزعومة لقلب نظام الحكم"، إضافة إلى قضايا تتعلق بفساد مالي بمليارات الدولارات، وتعامل مع بنوك إسرائيلية، تشكل في مجموعها أزمة تسيطر على المشهد العام في البلاد منذ أشهر.

وظهرت عدة إشارات في الفترة الماضية، تؤكد على حدوث فجوة بين سنة وشيعة الكويت، رغم أن الطائفتين شكلتا نموذجا للتعايش هو الأفضل في دول المنطقة، حيث يراعي القانون الكويتي الخصوصية الدينية لكل منهما، ويتقلد الكويتيون بغض النظر عن طوائفهم مختلف المناصب في البلاد بما فيها مجلس الأمة (البرلمان) المنتخب.

ويقول مراقبون سياسيون في تصريحات خاصة لشبكة "إرم"، إنه "منذ التقدم اللافت لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في مناطق عراقية واسعة الشهر الماضي، بدا أن الكويت معنية بهذا الوضع الجديد أكثر من غيرها بحكم التاريخ والجغرافيا".

ويعزز هذا الكلام، الخريطة التي نشرها التنظيم، التي ضمت الكويت إضافة إلى دول أخرى في المنطقة لدولة الخلافة المستقبلية، التي أعلن عنها تنظيم داعش تحت قيادة "الخليفة" أبو بكر البغدادي.

ويقول مراقب سياسي في حديث خاص لشبكة "إرم"، إن "الوحدة الوطنية في الكويت، مهددة اليوم أكثر من أي وقت مضى، بسبب موقف الكويت الرسمي من الأحداث في العراق، حيث تحمل الكويت حكومة المالكي المسؤولية عن تطور الأوضاع الخطير في العراق بسبب سياسة الإقصاء والتهميش التي اتبعها بحق السنة، بينما يناصر شيعة الكويت بشكل علني حكومة بغداد في حربها ضد داعش".

وقال وكيل المرجعيات الدينية في الكويت، محمد باقر المهري، إن "أمن واستقرار الكويت خط أحمر، ولا تستطيع أي جماعة أو فرد أو تنظيم أن يتخطى ويتجاوز هذا الخط، خصوصا في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها العراق".

وكان ذلك في كلمة ألقاها المهري الجمعة 11 تموز/ يوليو الجاري، أمام حشد كبير من المهنئين برمضان، في مقدمتهم سياسيون ورجال دين واقتصاد، إضافة إلى عدد من ممثلي السلك الدبلوماسي من مختلف السفارات العربية والإسلامية الموجودة في الكويت.

وأضاف المهري: "من الواضح أن أمن واستقرار العراق هو أمن للكويت وللمنطقة، لذا يجب تطبيق القانون على الجميع على حد سواء، حتى لا يتجرأ أحد أن يزعزع أمن البلاد واستقراره، وجميع المواطنين الشرفاء يتحملون مسؤولية الحفاظ على أمن الكويت وعلى الوحدة الوطنية، والأخوة الإسلامية وعن استقرار هذا البلد الآمن".

وتابع: "من منطلق مسؤولياتنا نحذر وزارة الداخلية الموقرة من خطورة التنظيمات الإرهابية المسلحة التي تريد السيطرة على الدول الإسلامية، كما نحذرها من التنظيمات الإسلامية ظاهراً والإرهابية باطناً وواقعاً، وهم يستغلون اسم الدين والإسلام لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية وللتغطية على أعمالهم الإرهابية ولقتل الأبرياء والنساء والأطفال والشيوخ".

وشهدت الكويت في حزيران/ يونيو الماضي عدة أحداث تؤشر بالفعل على أن الكويتيين ينقسمون حول ما يجري في العراق، إذ تظاهر عدد من شيعة البلاد يتقدمهم نواب في مجلس الأمة، أمام مقر صحيفة "الجريدة"، في العاصمة، احتجاجاً على مقال نشرته تضمن انتقاداً للمرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله علي السيستاني، بعد دعوة الأخير إلى الجهاد ضد "داعش".

كما استدعت السلطات الأمنية، رئيس حزب الأمة المعارض، الدكتور حاكم المطيري، للتحقيق معه على خلفية نشر تغريدات على حسابه في "تويتر" يمتدح فيها تنظيم داعش، ويتمنى أن يدخل إلى الكويت. ونفى المطيري ذلك، وادعى بأن حسابه على "تويتر" تعرض للاختراق. وأفرجت السلطات الأمنية عنه في اليوم التالي.

ويقول مراقب سياسي في حديث خاص لشبكة "إرم"، إن "اعتقال المطيري، وهو إسلامي سني بارز، يشكل مع ما عرضته وسائل الإعلام المحلية من رايات تنظيم داعش مرسومة بشكل مموه وبعلامات صغيرة غير بارزة داخل بعض السيارات في شوارع الكويت، تأكيداً على أن للتنظيم الإسلامي المدرج على لائحة الإرهاب، أنصاره داخل البلاد التي يشكل الإسلاميون السنة فيها أكبر تيارات المعارضة النشطة التي تسمح لها الكويت بممارسة نشاط سياسي واسع بعكس دول الخليج الأخرى".

وتتبنى الكويت موقفا سياسيا يتفق مع دول الخليج التي تقودها السعودية، وترى أن ما يجري في العراق هو ثورة شعبية ضد سياسة رئيس الوزراء، نوري المالكي، الذي تصفه بـ "الديكتاتور" وتطالب بتنحيه، وترى أن تنظيم داعش هو واجهة فقط لثوار سنة عانوا من الإقصاء والتهميش لأعوام.

وفي ذروة أزمة سياسية داخلية تطغى على كل شيء في الكويت، حاول وكيل وزارة الخارجية الكويتية، خالد الجار الله، في حزيران/ يونيو الماضي، تهدئة الأوضاع في البلاد، عندما نفى وجود انقسام بين سنة وشيعة الكويت حيال الموقف من الأحداث الجارية في العراق، وتحديدا ما يتردد عن تأييد قيادات ونخب كويتية شيعية للقوات النظامية العراقية بقيادة المالكي، مقابل دعم وتأييد قيادات ونخب كويتية سنية لثورة العشائر في العراق.

ويحمل كلام أمير البلاد، الشيخ صباح الأحمد الصباح، في خطابه الموجه إلى الكويتيين، في بداية رمضان، الكثير من المؤشرات التي تؤكد على أن البلاد تعيش تحت ضغط التطورات الإقليمية المتسارعة التي يجمع عدد كبير من السياسيين على أنها "سترسم خارطة جديدة لدول المنطقة".

وقال الشيخ صباح في خطابه، إن "الكويت تتعرض لأخطار جسيمة وتواجه تحديات خطيرة، فالنيران المشتعلة حولنا يكاد لظاها يصلنا، وأعداد المشردين من ديارهم تجاوزت الملايين، والضحايا يتساقطون بالمئات يوماً بعد يوم".

وحرصت حكومة الكويت على تقديم تبرعاتها الأخيرة والسخية إلى العراق، عبر منظمة الأمم المتحدة، وأكدت على أنها للعراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية والقومية، في مراعاة على ما يبدو لتركيبة الكويت المماثلة للتركيبة العراقية.

لكن مبادرة شعبية أطلقتها شخصيات سياسية سنية بارزة، بينهم النائب الإسلامي السابق وليد الطبطبائي، تحمل مؤشرات أخرى، حيث قال الطبطبائي في مؤتمر صحفي تلا فيه بيان تدشين أعمال اللجنة مطلع رمضان: "من أجل دعم الثورة العراقية للحفاظ على عراق واحد، وانتصاراً للشعب العراقي ضد الطائفية البغيضة، ومن أجل استرداد الحرية والعدالة والأمن والتعايش الوطني، ومن باب المنطلقات القومية والنصرة الإسلامية، نعلن إنشاء اللجنة الكويتية الشعبية لنصرة الشعب العراقي".

ويخشى أن تسهم هذه اللجنة التي يتضح أنها تدعم التحرك السني ضد حكومة بغداد الشيعية، في زيادة انقسام الشارع الكويتي، الذي يحترم شيعته قرار المراجع الشيعية العراقية بالتطوع لدعم الجيش العراقي ضد المسلحين.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com