ظهور تنظيم القاعدة في شمال سوريا يشكل أزمة لتركيا
ظهور تنظيم القاعدة في شمال سوريا يشكل أزمة لتركياظهور تنظيم القاعدة في شمال سوريا يشكل أزمة لتركيا

ظهور تنظيم القاعدة في شمال سوريا يشكل أزمة لتركيا

ظهور تنظيم القاعدة في شمال سوريا يشكل أزمة لتركيا

إسطنبول- مع ظهور تنظيم القاعدة في أجزاء من شمال سوريا باتت تركيا في مواجهة تهديد أمني جديد على حدودها المعرضة للخطر أصلا وثارت تساؤلات حول تأييدها الشامل للمعارضين الذين يقاتلون الرئيس بشار الأسد.

فتركيا تقود منذ فترة، مساندة قوية للمعارضة السورية المسلحة المتشرذمة دافعة بأن ذلك سيسرع بإنهاء حكم الأسد ويعطي السلطة لإسلاميين معتدلين مطلوبين لفرض سيطرة أكبر على التيارات الإسلامية الأكثر تشدداً.

لكن مع سيطرة جماعات إسلامية مثل جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام على أراض في الشمال بالقرب من الحدود في الأسابيع القليلة الماضية يرى عدد متزايد أن هذه الإستراتيجية سوء تقدير.

ووجدت أنقرة نفسها في مواجهة إتهامات بأن تأييدها المطلق للمعارضة أتاح دخول السلاح والمقاتلين الأجانب إلى شمال سوريا وسهل ظهور جماعات متطرفة.

وقال مصدر مقرب من الحكومة التركية "نواجه اتهامات بدعم القاعدة." وأضاف أن مسؤولين أمريكيين أبدوا قلقهم من ذلك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الشهر الماضي.

وتابع المصدر "انتقدونا بأدب ولكن بحدة. تحول الإهتمام من الأسد إلى القاعدة" مؤكداً ما عبر عنه مسؤولون آخرون في أنقرة من أن هذا يصب في مصلحة الرئيس السوري.

وفي خطوة تحمل دلالة فيما يبدو، قال الجيش التركي  الأربعاء إنه أطلق النار على مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام عبر الحدود بعد أن سقطت قذيفة مورتر طائشة على الأراضي التركية. ودأبت تركيا على الرد في مثل هذه الحالات لكن يبدو أن هذه أول مرة يستهدف ردها مقاتلين على صلة بتنظيم القاعدة.

وانتهجت تركيا سياسة الباب المفتوح على مدى الحرب الدائرة في سوريا منذ عامين ونصف العام، فوفرت شريان حياة للمناطق التي يسيطر عليها المعارضون بالسماح بمرور المساعدات الإنسانية ووفرت ممراً آمناً لخروج اللاجئين وسمحت للجيش السوري الحر المعارض بتنظيم نفسه على أراضيها.

وتنفي تركيا رسمياً تسليح المعارضين أو تسهيل مرور المقاتلين الأجانب الذين اكتظت بهم صفوف فصائل على صلة بتنظيم القاعدة مثل جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام.

وقال لؤي مقداد المتحدث باسم الجيش السوري الحر "لوجيستيا لا يمر شيء عبر الحدود الرسمية في تركيا أو أي دولة أخرى بأية حال."

لكن الحدود الممتدة مسافة 900 كيلومتر تصعب مراقبتها وتمكن لاجئون ومهربون ومقاتلون من عبورها دون أن يلحظهم أحد في المناطق النائية متجنبين نقاط العبور الرئيسية.  

وقال مسؤول تركي في المنطقة رداً على سؤال عما إذا كان المقاتلون الأجانب يتمكنون من العبور، "رسمياً لم نسمح لهم. لكن الحدود ممتدة وحاولنا إدماج بعض المجموعات في المعارضة السورية التي كنا نريدها أن تكبر قدر المستطاع."

وأضاف أن المعارضة السورية رحبت في بادئ الأمر بمرتزقة أجانب جاءوا أساساً من دول الخليج لأن لديهم خبرات قتالية أكبر وكانوا أكثر فاعلية في مواجهة الميليشيات الموالية للأسد.

وتابع "كان هذ خطأ تكتيكيا والآن أصبحنا نرى توازنات قوى مختلفة تماما."

إضفاء شرعية على تصرفات الأسد الموقف التركي يتعارض مع موقف الأردن الذي احتفظ برقابة مشددة على الحدود مع سوريا. ويشكو المعارضون في محافظة درعا الجنوبية مهد انتفاضة 2011 على حكم الأسد من أنهم حرموا من امدادات كبيرة من السلاح نتيجة لذلك.

وقالت منظمة هيومن رايتس وتش المدافعة عن حقوق الإنسان ومقرها نيويورك في تقرير صدر الأسبوع الماضي يوثق عمليات قتل جماعي طائفية ارتكبها خصوم الأسد، تركيا تحتاج لزيادة الدوريات على الحدود وتقييد عبور المقاتلين ونقل السلاح للجماعات المتطرفة.

وأضاف التقرير، "العديد من المقاتلين الأجانب العاملين في شمال سوريا دخلوا إليها عن طريق تركيا التي هربوا منها أسلحتهم وحصلوا على المال والإمدادات وكانوا في بعض الأحيان يعودون لتلقي العلاج."

ونقل عن أحد العاملين في مجال الإغاثة في تركيا قوله، إن بعض المقاتلين الأجانب الذين دخلوا اللاذقية -حيث يقول التقرير إن المعارضين قتلوا 190 مدنياً في هجوم في آب / أغسطس - كانوا قد وصلوا جواً إلى مطار هاتاي في تركيا، حيث كان مقاتلون آخرون في انتظارهم.

ونفى وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو مراراً تقديم بلاده اي دعم لجماعات ذات صلة بتنظيم القاعدة في سوريا ووصف هذه الأقاويل بأنها محاولة لإضفاء الشرعية على تصرفات الأسد وتصويره على أنه يقاتل الإرهاب.

وقال مسؤول بارز في وزارة الخارجية، "هذا ما يريده الأسد. إنه يحاول ... تغيير طبيعة الصراع بحيث لا ينظر إليه باعتباره صراعاً بينه وبين شعبه بل قتالاً ضد جماعات متطرفة."

وكانت هذه رسالة حاول الأسد توصيلها بشكل مباشر للشعب التركي هذا الشهر عندما حذر في حديث مع محطة تلفزيون خلق التركية، من أن تركيا ستدفع ثمن إيوائها "إرهابيين" قال انهم سرعان ما سينقلبون على مضيفيهم.

وهذا ليس خطراً بسيطا يمكن لتركيا أن تتجاهله بسهولة. فتركيا ليست في مأمن من تهديدات القاعدة مثلها مثل الأردن الذي يخشى أن يعود الإسلاميون المتطرفون من سوريا لضرب أهداف داخل أراضيه.

ونشرت عدة مواقع إلكترونية تقارير عن تهديد لتركيا من جماعات جهادية في سوريا بعد أن أغلقت أنقرة مؤقتاً جزءاً من الحدود الشهر الماضي، بعدما اقتحمت جماعة على صلة بتنظيم القاعدة بلدة مجاورة. ولم يتضح ما إذا كان التهديد حقيقيا.

وقال مصدر مقرب من الحكومة التركية، "لسنا مع النصرة والنصرة لا يسعدها ذلك. إنها حرب قذرة. لم تعد هناك حدود فاصلة بين الأبيض والأسود."

أرض خصبة للتطرف ومع استمرار الصراع تظهر دلائل متنامية على أن مواطنين أتراكا يذهبون للقتال في سوريا بعضهم في صفوف الجهاديين وبعضهم ينضم لأكراد سوريا في صراعهم مع وحدات معارضة مناوئة أو مع قوات الأسد أو قبائل عربية.

ونقلت صحيفة طرف التركية عن تقرير للمخابرات الشهر الماضي أن نحو 500 تركي يقاتلون ضمن 1200 جماعة معارضة في سوريا أغلبها تحمل إسم الجهاد، في حين يعمل آخرون كمرتزقة يتقاضون 1500 دولار شهرياً. وأضاف التقرير أن هناك أيضا أعضاء بحزب العمال الكردستاني ذهبوا للقتال في صفوف أكراد سوريا.

وقال المصدر القريب من الحكومة "حدودنا هشة جداً. لم تعد بالقوة التي كانت عليها."

ومضى قائلاً، "لن يتحرك أحد من بلدة في منطقة الأناضول ليقاتل من أجل الديمقراطية في سوريا. لكن الجهاديين يذهبون لقتال الكفرة. وهذا هو الخطر الذي تواجهه تركيا."

ويرى المسؤولون في تركيا وفي مقدمتهم الرئيس عبد الله جول أن عدم اتخاذ المجتمع الدولي إجراء حاسما في سوريا هيأ الظروف المواتية للجماعات المتطرفة.

وبعد دعوات الأتراك المتكررة لتدخل حاسم يشعرون بخيبة أمل لأن أصابع الإتهام أصبحت موجهة إليهم.

وقال جول في كلمة ألقاها في إسطنبول هذا الشهر، "ما قلته لكل حلفائنا ولكل من قابلتهم وتحدثت معهم منذ بدء هذه الأحداث هو أنه إذا طال أمد هذه العملية ستكون النتيجة الحتمية هي التطرف."

ويقول المسؤولون الأتراك إن المقاتلين الأجانب دخلوا سوريا كذلك عبر دول جوار أخرى بعضهم بدعم من دول خليجية مثل السعودية وقطر، ويشيرون إلى أن هروب مئات المدانين من سجن أبو غريب العراقي في تموز / يوليو، ملأ صفوف الدولة الإسلامية في العراق والشام في سوريا.

وقال المسؤول التركي في المنطقة "نبذل ما في وسعنا من خلال قوى المعارضة المختلفة لإحتواء خطر المعارضة الجهادية في سوريا لكن الدعم الذي تتلقاه هذه الجماعات كبير لدرجة أن تركيا لا يمكنها السيطرة عليه" وحدها.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com