هل تتحول تلعفر إلى "مدينة انتقام" طائفي دولي على الأرض العراقية؟
هل تتحول تلعفر إلى "مدينة انتقام" طائفي دولي على الأرض العراقية؟هل تتحول تلعفر إلى "مدينة انتقام" طائفي دولي على الأرض العراقية؟

هل تتحول تلعفر إلى "مدينة انتقام" طائفي دولي على الأرض العراقية؟

من المرجح أن تتحول مدينة تلعفر التي تبعد نحو 40 ميلاً غرب مدينة الموصل، الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش إلى "مدينة الانتقام" للميليشيات الشيعية في العراق، التي أُجبرت على الخروج من المدينة بعد أعمال عنف قادها تنظيم القاعدة عام 2005.

وكتب البروفيسور البارز "غاريث ستانسفيلد"، الباحث في سياسات الشرق الأوسط في معهد ويلسون جامعة إكستر، في وقت سابق من هذا الشهر، أن" الأحداث تظهر احتمالية قيام مشهد خطير للغاية في تلعفر بين الميليشيات الشيعية، التي تسعى للانتقام بسبب الدمار الذي ألحقه بهم المقاتلون السُنة منذ عام 2005 ومسلحو داعش، الذين وكما يظهر التاريخ سيثبتون أنهم قادرون بشدة على الدفاع عن البلدة".

وبدأت الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران والمعروفة باسم الحشد الشعبي بالفعل بالتحرك لاستعادة المدينة الاستراتيجية وأعلن رئيس منظمة بدر الشيعية المدعومة من إيران، هادي العامري يوم الأربعاء، أن الميليشيات نجحت في استعادة مطار تلعفر من تنظيم داعش، فيما يعد "الخطوة الأولى لتحرير كل المنطقة وصولاً للحدود السورية وما بعدها".

علاقة "وحشية"

ووصفت العلاقة بين السنة والشيعة بـ"الوحشية" منذ فترة طويلة في المدينة، ووصفها الصحفي جورج باكر من صحيفة "نيويوركر" عام 2006 قائلاً، " كان رئيس البلدية سنيا مؤيدا للمسلحين، وكان رئيس الشرطة الذي عينته حكومة رئيس الوزراء إبراهيم الجعفري شيعيًا وكانت قواته الشيعية بأكملها تتحصن في مساحة أرض مرتفعة في وسط المدينة عرفت باسم "القلعة" والتي يحيط بها أسوار عثمانية من القرن السادس عشر ومع عدم قدرتهم  السيطرة على المدينة، أرسلت الشرطة الشيعية قوات خاصة لخطف السنة وقتلهم أما خارج "القلعة" فترك الشباب السنة جثثا مقطوعة الرأس للشيعة في الشوارع كتحذير لأي شخص يفكر في التعاون مع الأمريكيين أو الحكومة العراقية، فهرب الشيعة الذين يقطنون في الأحياء المختلطة".

وقال الكولونيل ماك ماستر، قائد فوج الفرسان المدرع الثالث، الذي كان يتمركز في تلعفر متحدثًا لباكر حينها، " انقلبت الجماعات السنية والشيعية على نفسها، وأصبحوا معسكرات مسلحة في منافسة عسكرية مباشرة مع بعضهم".

وذكر موقع "بيزنيس إنسايدر" الإلكتروني الأمريكي، أن إعادة السيطرة على تلعفر من قبضة داعش، سيعني قطع أحد آخر ممرات المسلحين بين العراق وسوريا.

وأشار مسؤول عراقي متحدثًا لصحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية، في وقت سابق من الأسبوع الجاري بشرط عدم الإفصاح عن هويته، أن "أسوأ قتلة داعش يأتون إلى تلعفر" إلا أن تحرير المدينة سيكون بلا شك مشوبًا بدوافع طائفية حيث قال قيس الخزعلي زعيم ميليشيا "عصائب أهل الحق" الشيعية في بغداد الشهر الماضي، " نحن قادمون لتلعفر انتقامًا للحسين".

 التدخل التركي

ومن الأمور المحتملة التي قد تزيد من تعقيد المعركة الوشيكة للسيطرة على تلعفر، هي تركيا التي تشعر أنها ملزمة ليس فقط بحماية التركمان السنة في المدينة، بل كبح النفوذ الإيراني أيضًا في شمال العراق وسوريا عن طريق إبقاء الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران محاصرة.

وكانت تركيا، قد أغضبت بغداد وحلفاءها الروس والإيرانيين في ديسمبر/ كانون الأول 2015 عندما تجاهلت طلب العراق بعدم التدخل في معركة الموصل، وعندما نشرت ما يقارب 500 جندي في قاعدة عسكرية قرب بعشيقة القريبة من الموصل لتدريب القوات المحلية وتقديم النصائح لهم وازدادت التوترات بين الأتراك والعراقيين منذ ذلك الحين.

وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أن " تلعفر هي قضية حساسة للغاية بالنسبة لهم، وأنهم بالتأكيد لا يعتبرون تورط الميليشيات إيجابيًا في تلعفر وسنجار، وأخبرت المسؤولين بهذا سابقًا وبكل وضوح".

وحذر أردوغان أيضًا، من أن رد تركيا سيكون "مختلفًا" إذا أرعب الحشد الشعبي المنطقة، إلا أنه من غير المرجح تراجع الحشد الشعبي عن المنطقة.

نوايا الحشد الشعبي

ووفقًا للباحث مايكل نايتس، المتخصص في القضايا العسكرية والأمنية في العراق وإيران والخليج العربي، في معهد واشنطن، متحدثًا لموقع " بيزنيس إنسايدر"، " تلعفرهي هدف حقيقي للحشد الشعبي لأنها وعلى النقيض من الموصل التي يقطنها غالبية سنية، كان عدد السكان الشيعة فيها كبيرًا عند سقوطها في قبضة داعش عام 2014". مشيرًا، أن " تلعفر كانت المعقل الشمالي للميليشيات الشيعة وهم يرغبون باستعادتها" إلا أن نايتس أضاف، أن فرص اندلاع صراع عنيف بين الجنود الأتراك والميليشيات الشيعية لا تزال منخفضة.

وقال، "تركز أغلب الجهات الفاعلة على منع حدوث نزاع بين الحشد الشعبي وتركيا، فتركيا تعلم أن دخول حرب مع الحشد الشعبي يعني دخول حرب مع جارتها الكبرى؛ إيران، ولذلك ستعمل العديد من الجهات الدولية الفاعلة بلا كلل لتجنب وقوع مثل هذه النتيجة قبل بدئها، وبالطبع هم يحذرون ويشكلون تصرفات كل من تركيا والحشد الشعبي من وراء الكواليس".

وقال أيهم كامل، الخبير في شؤون العراق وبلاد الشام في شركة "أوراسيا جروب" للاستشارات حول المخاطر السياسية، أنه يعتقد أن "تلعفر تمامًا مثل الموصل، على نفس القدر من الأهمية لتركيا والميليشيات الشيعية وحتى أكثر حساسية من منظور طائفي".

ومع ذلك قال، "أنا لا أعتقد وجود خطر كبير للاشتباك، القوات العراقية ستقود الطريق وليس الميليشيات الشيعية، ومن وجهة نظري، ستبقى المدينة منقسمة ويصعب السيطرة عليها".

وأشار العميد الركن وقائد شرطة الموصل، واثق الحمداني، متحدثًا لصحيفة "نيويورك تايمز"، "أن الحشد الشعبي سيأخذ الصحراء، إلا أن قوات الأمن العراقية ستسيطر على المدينة نفسها". وأضاف، " هو تحالف صعب للغاية، لكن القوات العراقية لا تمانع لعب الحشد الشعبي دورًا في دفع داعش للخروج من ضواحي المدينة طالما بقي بعيدًا عن المدنيين".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com