الشورى العماني يوصي بإعادة هيكلة الحكومة والشارع منقسم
الشورى العماني يوصي بإعادة هيكلة الحكومة والشارع منقسمالشورى العماني يوصي بإعادة هيكلة الحكومة والشارع منقسم

الشورى العماني يوصي بإعادة هيكلة الحكومة والشارع منقسم

أوصى مجلس الشورى العماني بإعادة هيكلة الحكومة وذلك في محاولة للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد بسبب انخافض أسعار النفط، ولمعاجلة الترهل والتضخم الوظيفي الذي يعاني منه الجهاز الإداري للدولة، بحسب رؤية المجلس. وتضمنت التوصيات التي صدرت أمس بتقليص عدد الوزارات والهيئات الحكومية عبر الاندماج، كما تضمنت إعادة النظر فيما يعرف بالوظائف الشرفية، كوظيفة مستشار ووظيفة خبير ذات الرواتب العالية والإنتاجية المتدنية أو المنعدمة.

ومن بين التوصيات التي سيرفعها مجلس الشورى إلى مجلس الوزراء لدراستها والنظر في إمكانية تطبيقها، إلغاء وزارة الإعلام وإلغاء الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وإلغاء وزارة التراث والثقافة وإنشاء  وزارة واحدة تسمى وزارة الإعلام والثقافة بدلا عنها. ويرى محللون أن هذه التوصية صعبة التنفيذ، فوزارة التراث والثقافة تُعد وزارة سيادية ولا يشغل منصب الوزير منذ تأسيس الوزارة مطلع السبعينات إلا أحد أفراد الأسرة المالكة النافذين والمقربين من السلطان قابوس، فيما تصر الحكومة على بقاء وزارة الإعلام حتى بعد انفصال الإذاعة والتلفزيون في هيئة مستقلة عام 2012. لكن هناك من يرى أن هذه التوصية ممكنة التحقيق خصوصا وأن التراث وهو القطاع الذي يحظى بالإهتمام الأكبر في وزارة التراث والثقافة سيتم دمجه مع قطاع آخر يحظى بأهمية كبرى لدى صانع القرار وهو قطاع السياحة، كما أن وزارة الإعلام ستبقى ولكن سيضاف إليها قطاع الثقافة.

كما اقترحت توصية مجلس الشورى إلغاء وزارة السياحة وإلغاء الهيئة العامة للصناعات الحرفية وإنشاء وزارة تسمى وزارة التراث والسياحة بدلا عنهما . ودمج الهيئة العامة للتعدين مع وزارة النفط والغاز على أن يغيّر مسمى الوزارة إلى النفط والمعادن. كما اقترح المجلس دمج وزارتي العدل والأوقاف والشؤون الدينية في وزارة واحدة، تسمى العدل والأوقاف والشؤون الدينية"، وإلغاء وزارة الشؤون الرياضية وإنشاء  وزارة تسمى وزارة الشباب والرياضية بدلا عنهما . وإلغاء وزارة الزراعة والثروة السمكية واستحداث، بدلا عنها، وزارة تسمى وزارة الأمن الغذائي. توصيات الشورى العماني تضمنت أيضا دمج وزارتي البيئة والبلديات الإقليمية في وزارة واحدة. وعلى صعيد الهيئات حملت التوصية إلغاء هيئة تنظيم الكهرباء والهيئة العامة للكهرباء والمياه وموارد المياه التابعة لوزارة البلديات الاقليمية، وإنشاء بدلا عنها وزارة الكهرباء وموارد المياه.

وقد أثارت توصية مجلس الشورى هذه ردود افعال متباينة على شبكات التواصل الاجتماعي، بين من يرى أن تنفيذها بات ضرورة ملحة لمواجهة العجز المالي المتفاقم الذي تعانية الموازنة العامة للدولة من جهة، ولمعالجة الترهل الإداري الذي يعاني منه الجهاز الإداري للدولة من جهة ثانية، وبين من يرى أن توصية الشورى لا تحل المشكلة، لا على صعيد خفض الانفاق ولا على صعيد معالجة الترهل الإداري، لأن العاملين في هذه الوزارات والهيئات سينقلون إلى الوزارات الجديدة المقترحة بدلا عن الحالية حسب ما ينص عليه قانون الخدمة المدنية.

سيف الرمضاني وهو مستشار في مجلس الدولة دعا الحكومة إلى الأخذ بتوصية الشورى "إذا كانت تعتبر المجلس شريكا أساسيا في عملية البناء والتنمية". أما محمد المشايخي فيفضل أن تبقى وزارة الاعلام مستقلة لكنه يؤيد دمج وزارة التراث مع الهيئة العامة للصناعات الحرفية. غير أن صلاح الحسني تساءل " هل دمج الوزارات سيساعد على ترشيد الانفلاق؟" وقال في تغريدة له " أعداد الموظفين هي نفسها .... إذا لا فائدة من الدمج". وذهب مغرد آخر هو سليمان المنذري فيما ذهب إليه صلاح الحسني معتبرا أن " الدمج لا يقلل النفقات ... المسؤولين أنفسهم والموظفين أنفسهم مجرد خسارة طباعة الأوراق وغيره من شعارات وأختام وتجهيز مكاتب". وتمنى محمود الرحبي في تغريدة له أن تنظر الحكومة "بجدية في توصية مجلس الشورى وأن تقوم بتطبيقها خصوصا في هذا الوقت". لكن جابر الرواحي يرى أن " لا فائدة من الدمج سوى وجود موظفين بلا أعمال وتوالد البيروقراطية وكثرة الخبراء والمستشارين".

يذكر أن توصيات مجلس الشورى العماني ليست ملزمة للحكومة إلا ما ترى الحكومة الأخذ به، لكن محللا عمانيا مطلعا، يرى أن هناك درجة عالية من التنسيق بين السلطة التنفيذية ممثلة في مجلس الوزراء والسلطة التشريعية ممثلة في مجلسي الشورى والدولة، وأن سلسلة الجلسات والدراسات والمناقشات التي شهدتها أروقة مجلس الشورى بهدف اقتراح مقاربات جديدة للخروج من الأزمة الاقتصادية أو التقليل من آثارها، ومن بينها هذه التوصيات، إنما جاءت على الأغلب بطلب من السلطة التنفيذية.

في المقابل، هناك من يرى أن توصيات مجلس الشورى تأتي في سياق تحضير الرأي العام العماني لتغييرات حكومية واسعة طال انتظارها ويتوقع أن تصدر قريبا، ستشمل هذه المرة، خروج الكثير من الوجوه القديمة وتلك التي تعرضت للانتقادات في الفترة الأخيرة، من التشكيلة الحكومية المزمعة ودخول وجوه جديدة. وكان ناشطون عمانيون على شبكات التواصل الاجتماعي أطلقوا هاشتاغ نهاية العام المنصرم عن أمنياتهم في العام 2016 وقد تضمنت العديد من التغريدات اقتراحات بدمج وإلغاء وزارات، كان في مقدمتها المطالبة بإلغاء وزارة الإعلام وتفكيك وزارة التراث والثقافة والهيئة العامة للصناعات الحرفية وإنشاء وزارة للثقافة والإعلام وهيئة عامة للتراث والصناعات الحرفية.

على صعيد آخر، اقترح مجلس الشورى إعادة النظر في إمكانية إحالة أصحاب المناصب الشرفية كالمستشارين والخبراء (وهي وظائف غير إنتاجية ومرتباتها عالية) إلى التقاعد خصوصا لمن أكمل 25 عاما في الوظيفة. غير أن هذه التوصية تصطدم بقانون الخدمة المدنية الذي لا يجيز لجهة العمل إحالة موظف إلى التقاعد المبكر إلا بطلب منه أو أن يكون بلغ سن التقاعد وهي خمسة وستون عاما.

وفي حين بدى الشارع العماني منقسما حيال توصيات مجلس الشورى بإعادة هيكلة الحكومة، فإن الكلمة الأخيرة تبقى في يد السلطان قابوس، باعتباره يملك وحده الصلاحيات التشريعية والتنفيذية.

وفي ظل الوضع الاقتصادي الراهن، تبدو خيارات الخروج من الأزمة على المدى القصير محدودة، لا سيما مع ارتفاع العجز الحكومي خلال الربع الأول من العام الجاري إلى أكثر من مليار ريال، حتى وإن أخذت الحكومة بتوصية مجلس الشورى بإعادة الهيكلة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com