"داعش" على مائدة باريس
"داعش" على مائدة باريس"داعش" على مائدة باريس

"داعش" على مائدة باريس

مشاركة روسية مثيرة للجدل في مؤتمر استبعدت منه إيران

مهد استبعاد إيران من المشاركة في "مؤتمر الأمن والسلام في العراق" الذي تنطلق أعماله في باريس اليوم الاثنين، الطريق أمام تشكيل تحالف دولي منسجم، لمواجهة خطر تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بـ "داعش".



ومع أن مشاركة روسيا في المؤتمر الذي تحضره وفود من 40 دولة عربية وأجنبية، قد تثير بعض الخلافات حول مدى وطبيعة الضربات التي ستوجه للتنظيم، إلا أن روسيا تبدو كما الدول الأخرى متحمسة لتوجيه ضربة قاصمة للتنظيم، لكنها تطالب في نفس الوقت بأن يكون هناك تعاملاً على نفس المستوى مع التنظيمات المتطرفة الأخرى في سوريا.


وتعتبر موسكو أن التركيز على العراق يعبر عن معايير مزدوجة في التعامل مع ظاهرة الإرهاب حيث تعتبر أن التنظيمات الإرهابية الأخرى كجبهة النصرة وغيرها مماثلة في خطرها لخطر داعش.


الموقف الأوروبي


ومع أن دول التحالف لا تستبعد مد الضربات التي توجه لتنظيم الدولة الإسلامية للمناطق التي يسيطر عليها التنظيم في سوريا، إلا أنها لا تنسق في هذا الشأن مع النظام السوري، وتعمل مع قوى المعارضة السورية لتشكيل قوة برية تعمل على الأرض. وقد تم اقرار دعم عسكري ومادي لقوى المعارضة السورية المعتدلة، شملت تقديم ما مجموعه 500 مليون دولار من الولايات المتحدة على شكل معونات عسكرية، في حين أبدت دول عربية استعدادها لتقديم معونات أخرى من بينها تنظيم برامج تدريب، وإعداد، لرفع كفاءة قوات المعارضة المعتدلة، بما يسمح لها بأن تكون ندا لقوات تنظيم داعش من جهة، وأن تصبح ندا، في أي مفاوضات قادمة لحل الأزمة السورية سياسيا.


وقد أضاف ذبح بريطاني على يد التنظيم زخما جديدا للتأييد الدولي لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، والعمل على تصفية وجودها. ورغم أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة، التي أعلنت بوضوح أنها ستقوم بتوجية ضربات جوية لقواعد التنظيم في العراق وربما في سوريا، إلا أن دولا غربية أخرى لديها مثل هذه النية. وأعلنت فرنسا في هذا الصدد أنه قامت بطلعات استكشافية اعتبار من اليوم فوق العراق للتمهيد فيما يبدو للمشاركة في العمليات العسكرية.


ومثلت الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند لبغداد وأربيل في كردستان العراق في الأسبوع الماضي، إشارة واضحة لحماس فرنسا للمشاركة بدور فعال في العمليات ضد داعش، كما أن استضافة المؤتمر اليوم بحد ذاته إشارة قوية أخرى على هذا التوجه. وترى مصادر غربية أن بريطانيا التي صدمها ذبح أحد مواطنيها يوم الجمعة الماضي على يد التنظيم الإرهابي، تجد نفسها ملزمة في المشاركة على نحو ما في العملية العسكرية، وذلك بالرغم من الانتقادات التي واجهتها الحكومة البريطانية بسبب مشاركات بريطانيا في حروب مماثلة.


وأعلنت ألمانيا بوضوح أنها لن تشارك في الضربات الجوية، لكنها أبدت استعدادا للمشاركة في الدعم اللوجستي.


ولايزال موضوع مشاركة قوات غربية برية في القتال ضد تنظيم داعش مستبعدا. وحتى الولايات المتحدة التي تقود التحالف فإنها لا تعتزم إرسال وحدات قتالية للعراق، لكنها قالت إنها عززت من وجود الخبراء العسكريين الذين يقيمون في العراق كما قامت بتعزيز الحماية حول السفارة الأمريكية في بغداد. ولم تستبعد فرنسا إرسال وحدات برية وأشارت بشكل غامض إلى أن وجود عمل عسكري ميداني ليس مرفوضا بالمطلق ولا يمكن استباق الأحداث.


وأعلنت أستراليا التي كان لها دوراً في أفغانستان والعراق في الماضي أنها سترسل عناصر قليلة لن يتجاوز عددهم 600 فرد للشرق الأوسط، لكن يعتقد أن دور هذه الوحدات سيكون للتدريب والدعم اللوجستي وليس المشاركة في العمليات القتالية، فضلاً عن طائرات حربية.


الدعم العربي


وتعول الولايات المتحدة على الدور العربي في صفوف التحالف، وأبدت السعودية التي استضافت اجتماعا في جدة الأسبوع الماضي، ضم عشر دول عربية والولايات المتحدة، مما شكل دعما قويا للتحالف. وقالت مصادر إن السعودية التي لم تفصح عما إذا كانت ستشارك في الضربات الجوية أو العمليات البرية، تظهر دعما قويا للعمليات التي سيقوم بها التحالف في العراق، ولكنها أبدت تشددا كبيرا إزاء أي تعاون محتمل مع النظام السوري في هذا الشأن، وضغطت بدلا من ذلك من أجل توفير دعم للمعارضة السورية المعتدلة.


وقد غيرت قطر بشكل دراماتيكي موقفها من جماعة الإخوان المسلمين وقررت طرد قيادات الجماعة من الدوحة، بعد أن أبدت مصر ترددا في المشاركة في التحالف إذا لم يؤخذ بعين الاعتبار التنظيمات المتطرفة الأخرى ومنها الإخوان المسلمين.


وقالت مصادر إن الولايات المتحدة والسعودية ضغطتا على قطر لإخراج قيادات الإخوان من الدوحة وذلك لتشجيع مصر على القيام بدور في التحالف. وأضافت المصادر أن مشاركة مصر تبدو جوهرية وأنه لهذا السبب خصها جون كيري بزيارة خاصة قبل مؤتمر باريس. وقالت إن القاهرة تلقت من الإدارة الأمريكية علامات مشجعة على تغير في الموقف من جماعة الإخوان، لكن هذه العلامات ليست كافية للقول بأن هناك تطبيعا في العلاقات بين القاهرة وواشنطن.


ومن الدول العربية التي يعول عليها للقيام بدور دولة الإمارات العربية المتحدة التي تملك قوة جوية متطورة، وكذلك الأردن الذي يمكن أن يكون قاعدة للتدريب والدعم اللوجستي والاستخباراتي.


دور تركيا


ولا يزال الدور التركي دورا ملتبسا، فعلى الرغم من أنها تؤيد توجيه ضربة لداعش، إلا أنها تبدو مترددة لعدة أسباب أبرزها ألا يؤدي إضعاف داعش إلى تقوية الأكراد في سوريا والعراق للدرجة التي تتهدد فيها مصالح تركيا. وقالت مصادر إن تركيا أبدت امتعاضا من زيارة الرئيس الفرنسي اولاند، لأربيل وإعلانه عن دعم عسكري لقوات البشمركة.


أما السبب الثاني المعلن فهو ألا يمتد العمل العسكري الموجه لداعش لتنظيمات إسلامية معارضة أخرى في سوريا وتحظى بدعم تركي.


وتقول المصادر إن تركيا أبدت اعتراضا قويا على محاولات تصنيف جماعة الإخوان المسلمين ضمن المجموعات الإرهابية، وهو أمر ترى دول في التحالف أنه يضعف من مصداقية حربها على الإرهاب.


موقف إيران


أما فيما يتعلق بإيران المستبعدة من مؤتمر باريس، فإنها وإن كانت تعتبر داعش ومن لف لفها، عدوا لها، إلا إن وجدت في استبعادها من التحالف تقليلا من دورها، واستهانة بمصالحها.


وتقول مصادر إيرانية إن طهران لن تعترض على ضرب داعش، لكنها تعتقد أن الحرب على الإرهاب في المنطقة لن تحقق أي نتيجة مادامت بعض التنظيمات التي تصفها طهران بالإرهابية خارج المعادلة.
وقالت إنه بدون حل الأزمة السورية التي يشكل الإرهاب عنصراً أساسياً في استمرارها لا يمكن أن ينجح التحالف في اجتثاث الإرهاب وتقليص خطره.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com