سياسة التحدي بين الحكومة والمعارضة تهدد مستقبل الكويت
سياسة التحدي بين الحكومة والمعارضة تهدد مستقبل الكويتسياسة التحدي بين الحكومة والمعارضة تهدد مستقبل الكويت

سياسة التحدي بين الحكومة والمعارضة تهدد مستقبل الكويت

تصاعدت الأزمة السياسية الداخلية بين الحكومة والمعارضة في الكويت، بشكل لافت خلال اليوميين الماضيين، مع اختيار كل منهما سياسة التحدي، التي بدأت تلقي بظلالها القاتمة على المشهد العام للبلاد.

واختارت الحكومة الكويتية مواجهة تحركات المعارضة التي نزلت للشارع الأسبوع الماضي، ما يضع أزمة البلاد المستمرة منذ أشهر في طريق مسدود ربما يكون من الصعب العودة منه في ظل ظروف إقليمية غير مستقرة.

واشتعلت الأزمة السياسية في البلاد مجدداً، بعد أن أصدرت الحكومة الكويتية الإثنين 14 تموز/ يوليو الجاري، بياناً شديد اللهجة، تضمن تهديداً بسحب جنسيات من وصفتهم بـ"القائمين بممارسات تستهدف تقويض الأمن والاستقرار"، وهو ما اعتبرته المعارضة "إجراء بوليسياً، وإعلاناً للأحكام العرفية بصيغة ملتوية".

ويقول مراقبون سياسيون في حديثهم لشبكة "إرم"، إن "البلد الخليجي الذي يمتلك برلماناً منتخباً، وتمارس فيه المعارضة نشاطها العلني، بحاجة إلى الابتعاد عن سياسة التحدي والاستفزاز التي لن تجلب للبلاد إلا الخسارة".

أزمة مستمرة

وتشهد الكويت أزمة سياسية داخلية مركبة، تتضمن اتهام المعارضة لشخصيات سياسية وتجارية بارزة في الضلوع بمؤامرة مزعومة لقلب نظام الحكم، إضافة إلى قضايا فساد مالي بمليارات الدولارات، والتعامل مع بنوك إسرائيلية، تشكل في مجموعها أزمة تسيطر على المشهد العام للبلاد منذ أشهر.

ومثل توقيف المعارض والنائب السابق، مسلم البراك، مطلع تموز/ يوليو الجاري، فتيلاً لاشتعال الأزمة مجدداً، بعد شهور من السجالات السياسية بين قادة المعارضة والحكومة والاتهامات المتبادلة التي تعود في الأصل إلى عام 2012، عندما قضت المحكمة الدستورية بإبطال عملية انتخاب مجلس الأمة وبطلان عضوية أعضائه الذين فازوا في الانتخابات حينها، وباستمرار صلاحية مجلس 2009 المنحل، وتعديل قانون الانتخاب.

وازداد نشاط المعارضة، بشكل لافت خلال الأشهر الأخيرة، توج بنزول محتجين إلى الشارع رفضاً لتوقيف البراك، واستخدمت قوات الأمن في مواجهتهم الرصاص المطاطي والقنابل الدخانية، واعتقلت العشرات في أكبر تصاعد للأزمة.

الحكومة تصعد

واعتبرت المعارضة الكويتية عبر عدة تصريحات وبيانات ومقالات لقادتها البارزين، بيان الحكومة الأخير، "إطلاقاً ليد الأجهزة الأمنية لقمع حراكها السلمي"، فيما ترى الحكومة أن الاحتجاجات التي رافقت توقيف البراك، "شهدت إغلاقاً للطرق، وضرراً بالممتلكات العامة والخاصة".

وكلف مجلس الوزراء في بيانه الأخير، الجهات الحكومية بـ "فرض هيبة الدولة وما يتطلبه ذلك من قيام أجهزة الأمن بمواجهة أي مظاهر للخروج على الشرعية بكل حزم وصلابة، دون تهاون أو تراخٍ في الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وبسط الأمن والأمان في جميع أنحاء البلاد".

كما كلف البيان، وزارة الداخلية بـ "اتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بضمان توافر شروط ومتطلبات شرف المواطنة والانتماء الوطني، التي تضمنتها أحكام قانون الجنسية الكويتية رقم 15 لعام 1959 نصاً وروحاً، وعلى الأخص في ما يتصل بالممارسات التي تستهدف تقويض الأمن والاستقرار".

واعتبرت المعارضة ذلك تهديداً حكومياً للمواطنين، من خلال سحب جنسيات الناشطين منهم، والمشاركين في الحراك، سواء في المسيرات أو التجمعات التي تدعو إليها المعارضة بين الحين والآخر، من أجل محاربة الفساد كما يقول قادة المعارضة.

وكلف البيان الحكومي أيضاً، وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بـ"مواجهة أي مظاهر للخروج عن الأهداف التي رسمها القانون لجمعيات النفع العام ولدورها كجمعيات تساهم في توعية المجتمع وبنائه من خلال ممارسة نشاطاتها غير السياسية"، وهي إشارة إلى مراقبة أنشطة الجمعيات الإسلامية، لا سيما جمعية "الإصلاح الاجتماعي" التي تتبنى فكر "الإخوان المسلمين".

أحكام عرفية

وتعهدت المعارضة الكويتية، بمواصلة حراكها السلمي لحين تحقيق أهدافها، بالرغم من بيان الحكومة، الذي اعتبرته "تهديداً بسحب الجنسية من معارضيها"، قائلة إن "المؤيدين لهذا البيان، هم من المتهمين في التحويلات وغسل الأموال والتخاطب مع الصهاينة، حتى تبتعد الأنظار عن التهم الموجهة لهم".

وقال النائب السابق المعارض، مبارك الوعلان، إن "بيان مجلس الوزراء هو مباركة لنهج الدولة البوليسية والقمع الأمني ضد الشعب وضد أي رأي معارض لسياسة السلطة، وإطلاق يد الداخلية لمزيد من القمع"، معتبرا البيان بمثابة "إعلان أحكام عرفيه بوجه آخر".

ويأتي حديث الوعلان، بعد عدة أيام من توقع فرض الأحكام العرفية في البلاد، رداً على الاحتجاجات الأخيرة الحاشدة للمعارضة، وهو أمر رجحه نواب وسياسيون بارزون من المولاة والمعارضة في البلاد.

ومنذ نشر البيان، أصدرت أغلب تيارات المعارضة الرئيسية في البلاد، بشقيها الإسلامي والليبرالي، بيانات انتقاد شديدة اللهجة لتوجه الحكومة، الذي اعتبرته "يقمع الحراك السلمي للمعارضة، ويمثل تصعيداً خطيراً من قبل السلطة، خصوصاً ما يتعلق في الطعن بوطنية المعارضين والتهديد بسحب جنسياتهم".

الكويت تغرق

ويقول مراقب سياسي، إن "البلد الخليجي الأكثر حريةً، يغرق في مستنقع أزمة داخلية عميقة بسبب تعنت طرفي الخلاف فيه، ولجوئهما إلى سياسة التحدي والاستفزاز".

وأضاف في حديث خاص لشبكة "إرم"، أن "الكويت اليوم، تشكل دولة مواجهة بسبب جغرافيتها التي وضعتها على تماس مباشر مع ما يجري في العراق، وأن عدم إدراك طرفي الأزمة لخطورة ما يجري هناك، ربما لا يتيح لهم العودة للوراء غداً".

وأشار إلى أن التلويح بسحب الجنسيات في بيان الحكومة الأخير، "يشبه رفض المعارضة القاطع لدور القضاء الكويتي في التحقيقات التي يجريها حول مزاعم فساد شخصيات حكومية، وهو يندرج ضمن سياسة التحدي، والسعي لتحقيق نصر وهمي لن يحل أزمة البلاد".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com