الشارع السوداني يترقب "صفقة" بين المعارضة والحكومة
الشارع السوداني يترقب "صفقة" بين المعارضة والحكومةالشارع السوداني يترقب "صفقة" بين المعارضة والحكومة

الشارع السوداني يترقب "صفقة" بين المعارضة والحكومة

يترقب الشارع السوداني بشغف، ماتردد على نطاق واسع بأن الرئيس البشير على وشك الإعلان عن "إصلاحات جديدة"، تفسح المجال لتغييرات حقيقية على المسرح السياسي، وتمهد لحكومة انتقالية تقوم بوضع دستور دائم للبلاد، يضمن إجراء انتخابات حرة ونزيهة.

وقد ارتفع سقف التوقعات ليصل إلى أن الرئيس البشير قد يعلن عن مصالحة وطنية وتكوين حكومة انتقالية بمشاركة المعارضة، وحفزت مؤشرات كثيرة آمال السودانيين في تغييرات ملموسة على الساحة السياسية من خلال "الإصلاحات الجديدة"، المنتظر أن يعلن عنها الرئيس السوداني قريباً.

من ضمن هذه المؤشرات، ما أعلن عنه السبت رئيس البرلمان السوداني، الفاتح عز الدين، أن الأوضاع الداخلية الضاغطة في البلاد هي التي دفعت الرئيس عمر البشير إلى إعلان حزمة الإصلاحات الأخيرة، التي قضت بإبعاد رموز الصف الأول من الإسلاميين، بمن فيهم النائب الأول علي عثمان محمد طه، وأن القرار يهدف لتجاوز الاحتقانات في الساحة السياسية التي تلقي بظلال سالبة على أداء الدولة وعلاقاتها الإقليمية والدولية.

وذهب عزالدين ابعد من ذلك ليؤكد أن القرارات الإصلاحية التي اتخذها وسيتخذها البشير، لم تأت نتيجة لضغوط أي جهة، وأن المؤتمر الوطني الحاكم انتهج مساراً جديداً استهدف فيه تغيير السياسات والقيادات، "وتأخر هذا الإصلاح ربع قرن فهو خير من ألا يأتي".

وتجدر الإشارة إلى ما تناقلته وسائل إعلام سودانية، بأن الرئيس البشير قال للرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر الذي زار البلاد الأسبوع الماضي إنه هناك "مفاجأة سارة" لشعب السودان سيعلن عنها لاحقاً، من دون أن يفصح عن فحواها.

وبدوره أكد جيمي كارتر أن البشير وعده باتخاذ " قرارات مهمة"، وأنه بدأ فعلياً في عرض وثيقة سميت بـ"وثيقة الإصلاح" على الاحزاب السياسية؛ وتتعلق بالحريات العامة والتغيير والتداول السلمي للسلطة.

يضاف الي ذلك، التسريبات الإعلامية التي تتحدث عن إمكانية تكوين حكومة انتقالية يرأسها البشير وتشارك فيها قيادات احزاب المعارضة بمن فيهم الصادق والميرغني، تكون وظيفة الحكومة إعداد الدستور الدائم للبلاد وتهيئتها للانتخابات المقبلة والتي وافق الحزب الحاكم على تأجيلها، بعد أن ظل يرفض هذا الأمر.

وتعزز هذه التكهنات أزدياد اللقاءات، العلنية والسرية منها، والمباشرة بين الحكومة السودانية والمعارضة المدنية بالداخل على مستوى قادة الأحزاب، في الآونة الأخيرة.

ففي آخر الاسبوع الماضي التقى الرئيس البشير، بصفته رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم، بقيادات من الحزب الاتحادي الديمقراطي – الأصل - الذي يتزعمه محمد عثمان الميرغني، وضم الإجتماع قيادات معروفة بمعارضتها للحكومة الحالية، أمثال حاتم السر الذي أدلي بتصريح عقب الاجتماع دعا فيه الأحزاب إلى " تقديم تنازلات" من اجل القضايا الوطنية.

وقبلها كان البشير قد التقى مراراً بزعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض، حسن الترابي، وآخرها الأسبوع المنصرم، حسبما سربت وسائل إعلام محلية من صادر موثوقة، على حد قولها.

ورغم ان هذه اللقاءات أخذت طابعاً اجتماعياً، إلا أن الرجلين اللدودين، البشير والترابي، تباحثا لساعات وناقشا العدد من القضايا "السياسية الحساسة"، بحسب من حضروا اللقاء.

وفي أواخر العام الماضي، سجل الرئيس البشير زايارة، وصفت الهامة، لرئيس حزب الأمة القومي المعارض، الصادق المهدي، في منزله بامدرمان، وأعلن البشير عقب اللقاء بأنهم اتفقوا "على القضايا الوطنية" مثل السلام والدستور ووسائل حكم البلاد.

ويعتبر الكثير من المراقبين للشأن السوداني، أن اللقاءات التي تمت بين قادة المعارضة والحكومة؛ مؤشرات ودلائل على أنه ستكون لها ما بعدها وأن هنالك صفقة يتم التنسيق لها بهدوء.

وفي غضون ذلك صرح القيادي في الحزب الحاكم، ربيع عبد العاطي، بأن "الحزب الحاكم ملتزم بما يتم الاتفاق عليه مع الأحزاب أياً كان هذا الاتفاق، رافضاً تأكيد أو نفي التقارير التي تتحدث عن تكوين حكومة انتقالية لكنه قال أن كل شئ وارد "خاصة بعد أن قرر الحزب إجراء تغييرات جوهرية على مستوى الحكم بعد أن بدأ بقيادات الحزب نفسه".

إلا أن القيادي في حزب المؤتمر الشعبي المعارض، كمال عمر، يري أنه لا جدوى من اللقاءات التي تتم بين قادة الحكومة والمعارضة، مالم تتضمن "ذهاب حكومة عمر البشير بكاملها وتكوين حكومة انتقالية جديدة تشارك فيها الأحزاب المعارضة والحركات المسلحة، مؤكداً أنه الطريق الوحيد لتجاوز مشكلات السودان.

من جانبه رجح المحلل السياسي صفوت فانوس أن اللقاءات التي تمت بين البشير وقادة الأحزاب المعارضة سيكون لها ما بعدها، واعتبر أن هذه اللقاءات تختلف عن سابقاتها بعد أن اجري الحزب الوطني تعديلات بداخله أدت الي خروج قيادات كبيرة كانت تعارض مثل هذه اللقاءات، منوهاً إلى أن "هنالك صفقة ما ستتم؛ ربما تكون حكومة انتقالية أو تكوين حكومة جديدة ذات صلاحيات واسعة، تغري قادة المعارضة للمشاركة فيها"، مؤكداً أن "شيئا ما سيحدث خلال الفترة المقبلة".

أما الحركات المسلحة في دارفور والحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال التي تقاتل الحكومة في جنوب كردفان والنيل الأزرق، قللت من أهمية اللقاءات بين أحزاب المعارضة المدنية في الداخل والحكومة السودانية.

وقال المتحدث باسم حركة العدل والمساواة، جبريل ادم بلال، أن أي اتفاق لا يشمل الحركات المسلحة لن يجلب الاستقرار والأمن للسودان، ودعا الأحزاب المعارضة إلى "عدم الدخول في اتفاقيات ثنائية مع النظام الحاكم وإعادة التجارب السابقة"، معتبراً أن افضل وسيلة لحل المشكلات السودانية هو "ذهاب الحكومة الحالية بكاملها" ومن بعدها يتم التأسيس لواقع جديد.

وكان حزب المؤتمر الوطني الحاكم قد أجري تعديلات داخل الحكومة والحزب، وصفت بالانقلاب الأبيض عندما تمت الإطاحة بالنائب الأول للرئيس السوداني، علي عثمان محمد طه، بالإضافة الي احد أكبر رموز حكومة الإنقاذ، نافع علي نافع، والعديد من القيادات الحزبية والتنفيذية النافذة، والتي كان ينظر لها باعتبارها تقف حاجزاً دو التوصل لأي تسوية سياسية للأزة السودانية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com