غزية تروي تفاصيل عشرين دقيقة قضتها تحت الركام
غزية تروي تفاصيل عشرين دقيقة قضتها تحت الركامغزية تروي تفاصيل عشرين دقيقة قضتها تحت الركام

غزية تروي تفاصيل عشرين دقيقة قضتها تحت الركام

غزة- "20 دقيقة" كانت كفيلة بتغيير تفاصيل حياة المواطنة الغزيّة لمياء العصّار، (27 عامًا)، التي كانت تجلس في صالة منزلها، بمخيم النصيرات، وسط مدينة غزة، تحاول إطعام طفلها محمد ابن الـعامين، فيما ينام بقية أطفالها الثلاثة إلى جانبها، بسبب خوفهم من أصوات الانفجارات التي تحدثها صواريخ الطائرات الإسرائيلية الحربية، في المناطق المجاورة لمنزلهم.

تلك الـ 20 دقيقة، التي زامنت سقوط صاروخ من إحدى الطائرات الحربية، داخل منزل "العصّار"، قلبت حياة العائلة فعلياً، فحالت ما بين حياتهم فوق الأرض داخل المنزل، وتحتها بين ركام ذات المنزل.

ولا زالت لمياء تذكر تفاصيل الدقائق العشرين التي قضتها بين ركام منزلها، إذ سقطت في أول دقيقة بعد انفجار الصاروخ، على طفلها محمد، فيما يعتلي ظهرها ركام المنزل، من حجارةٍ إسمنتية، ورخامية، وحديد، وأكوام رملية مختلطة بقطع من الزجاج وشظايا الصاروخ.

المشهد كان كالتالي: "رائحة البارود تملأ المكان، ركام ساخن، نيران متفرقة تخرج من بين الركام، أجساد ترقد بين تلك النيران تحت الردم، أصوات خافتة لأطفال يصرخون من الداخل"، حسب لمياء.

منذ الدقائق الأولى تحت ركام المنزل، شعرت لمياء أنها غير قادرة على التحرك، جسدها منهك من ثقل الحجارة فوقه، ويداها مكبّلتان من وجع شظايا الصاروخ الإسرائيلي، وقلبها أنهكه في العام السابق، ألم إزالة "رحمها"، فشعرت أنها في آخر لحظات من حياتها.

لكن صراخاً متقطّعاً لطفلها محمد بدأه بـ"واوا (جرح) يا ماما"، ومن ثم بكاء حذر، كما تسللت أصوات أخرى لأذنيها، كانت لأطفالها الذين كانوا ينامون إلى جانبها، لكن انفجار الصاروخ أبعدهم بمسافات عنها، أعطى لمياء قوة كي تبدأ بالتحرك لحماية أطفالها، الذين لا تملك غيرهم، ولن تكون قادرة على إنجاب آخرين.

بدأت لمياء بتحريك يديها بحثاً عن قطعة من الرخام قادرة على حفر كومة الرمال التي تغطيها وطفلها، بيدين منهكتين أمسكت لمياء الحجارة وبدأت بالحفر لإزالة تلك الرمال، ولسانها يناجي الله كي يحمي لها أطفالها من الموت.

وبينما كانت لمياء تواصل عملية إزالة أكوام الرمل المختلطة بالشظايا الصغيرة لذلك الصاروخ وألواح الزجاج، التي تجمعت حول طفلها، سمعت صوت أقدام أشخاص تمشي فوق الركام التي يعتلي جسدها، رمت قطعة الحجارة جانباً، وبحثت عن مخرج ليدها من بين "ردم" المنزل.

من بين أكوام الحجارة أخرجت لمياء يدها التي كانت تنزف دماً وبدأت تلوح للخارج، لتعطي إشارة أن هنا، تحت هذا الركام، أحياء قد يموتون في أي لحظة، كما وصفت.

وتابعت: "بعد أن أخرجت يدي وبدأت التلويح، جاء أخ زوجي ومعه آخرون، وبدأوا برفع الحجارة التي سقطت علينا، وأخرجونا أنا ومحمد، ورغم الجروح التي أصبت بها، بدأت أبحث معهم عن بقية أطفالي".

في البداية وجدت لمياء والباحثون عن الناجين من القصف الإسرائيلي، الطفلة الصغيرة ندى ابنة الـثمانية أشهر، فأخرجوها وقالوا بأنها قد ماتت، لكن مع تقديم الإسعافات الأولية لها، عاد قلبها للنبض من جديد.

وبعد أن خرجت من صدمة طفلتها الصغرى، التي أصيبت بكسر في حوضها وقدمها، وقطع في أصبعها، بدأت تنادي على طفلتها لمى التي أخبرتها قبيل القصف بدقيقة واحدة أنها ذاهبة إلى النوم.

لكن الأخبار لم تكن سارّة بالنسبة لـ"لمياء"، إذ وصلها خبر مقتل طفلتها "لمى" ابنة الـسبعة أعوامٍ، الأمر الذي أدخلها في صدمة نفسية، بعد أن تأكدت من سلامة طفلتها ندى.

تقول لمياء: "أكثر ما أوجعني أن طفلتي لمى، قالت لي وهي غاضبة: يا ماما أنا رايحة أنام وأريحك مني على طول..ذهبت ولم تعد".

وأوضحت أن أطفالها الثلاثة، الذين بقوا على قيد الحياة، مصابون بصدمات نفسية .

وتابعت: "محمد ابن العامين، يقول كلمتين فقط (يهود) و(لمى)، وأما أخته (جنى) ابنة الـ(4) سنوات، دائما تحثّني وتقول : (يا ماما، لا تزعليني، أنا اندفنت تحت الأرض، وصرخت كثيراً لكن لم يجيبني أحد".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com