دراما السير الذاتية.. معاناة في الإنتاج وأزمة في التسويق

بعد كل ذلك فوجئ الجميع بالتوقف وتأجيل التصوير لأجل غير مسمى، وكانت المبررات تنحصر في انشغال المخرج محمد جمعة والمؤلف وليد سيف في أعمال أخرى، وإن كان الحدث الرئيسي هو ضعف الإنتاج.

وقال وليد سيف، إن "تقديم شخصية الرجل أفضل من تقديم البلطجة والعشوائيات، خاصة وأننا بعد الثورة نعاني من فقدان القدوة"، مشيرا إلى أن العمل "واجه مشكلات إنتاجية لضخامة التكلفة وزيادة التكلفة، حيث أنه بعد تغلبنا على مشكلة الورثة واتفقنا معهم على عمل المسلسل، واجهتنا مشكلة أماكن التصوير والديكور".

ولم يقتصر التوقف والتأجيل عند مسلسل "العلم والإيمان"، حيث توقفت أيضا تحضيرات مسلسل "مصطفى النحاس"، للمؤلف بلال فضل، الذي كان من المتوقع أن يؤدي بطولته الفنان "صلاح السعدني"، بسبب أن حزب الوفد لم يوافق بشكل نهائي على وجود عمل فني يتناول شخصية الرجل.

ولم تكن مشاكل التأجيل والتوقف بعيدة أيضا عن مسلسل "شجرة الدر" للكاتب يسري الجندي، الذي أعلن عن الانتهاء منه منذ ثلاثة أعوام، وكان من ضمن المرشحات لبطولته "غادة عبد الرازق"، حيث توقف العمل لأجل غير مسمى، نظرا لارتباط غادة بمشاريع فنية أخرى أبرزها "السيدة الأولى".

أما مسلسل "صديق العمر"، ما زال يكتنفه الغموض؛ خصوصا وأن المسلسل لا يتناول العلاقة بين المشير والرئيس، وإنما يتحدث بشكل صريح حول كيفية انتحار المشير عبد الحكيم عامر، وهي قضية جدلية ستؤدي حتما إلى توقف العمل.

وأكد مؤلف مسلسل "سيد درويش"، السيناريست عبد الستار فتحي، على أن مشكلات دراما السير الذاتية "ستظل قائمة وتقليدية، وأبرزها مشاكل الورثة مع الجهات المنفذة للعمل، مع إنه من المفترض أن تتعاون هذه الجهات حتى يخرج العمل بشكل يليق بحياة الشخص الذي سيجري تجسيده".

وأوضح فتحي أن أزمة المسلسل "تكمن في نزاع قضائي بين الشركة المنتجة للعمل، وبين ورثة الفنان الراحل، لكن المشكلة الرئيسية هي اختلاف الطرفين حول الحقوق المالية، وإذا لم يتوصل الطرفان إلى حل سيتوقف تصوير المسلسل إلى الأبد".

من جانبه، قال الكاتب يسري الجندي، إن صناعة دراما السير الذاتية "تعاني من كساد، بسبب نقص السيولة المالية للإنتاج، كون هذه الأعمال باهظة التكاليف، لأن المنتج يبحث عن تسويق المسلسل قبل الشروع في تنفيذه"، لافتا إلى أن الكثير من هذه الأعمال "لا تلاقي النجاح المطلوب وهو ما يجعل المنتج يفكر كثيرا، خوفا من الخسارة المادية".

وأكد على أن الجمهور "لا يستهويه هذه النوعية من الأعمال، ويميل كثيرا إلى أعمال الأكشن والكوميديا والرومانسية".

وبينت الناقدة ماجدة موريس، أن رمضان المقبل كان من المفترض أن يحمل العديد من أعمال السير الذاتية التي توقف معظمها لأسباب إنتاجية، وحتى من خرج من عنق الزجاجة مثل "سرايا عابدين"، تواجهه مشكلات قضائية، ومسلسل "صديق العمر" يواجه معضلات تعاونية بين أسرة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر مع صناع العمل".

وقالت موريس: "إننا أمام حالة من التراجع عن إنتاج أعمال السير الذاتية التي غالبا ما تكون التكلفة المادية هي السبب الرئيسي وراء تراجع صناع العمل عن استكمال العمل الدرامي، إضافة إلى ضعف الإقبال الجماهيري على مثل هذه النوعية من الأعمال".

بدوره، قال الناقد جمال عمر، إن "دراما السير الذاتية أصبحت تعاني من أزمة المشاهدة، بخلاف الأزمات الإنتاجية، فكثير من الأعمال التي قدمت سابقا أساءت كثيرا إلى الفنان الراحل، لوجود استسهال فني في تقديم الشخصية، وهذا ما اتضح مع مسلسل "أبو ضحكة جنان" الذي جسد حياة الفنان الكوميدي الراحل إسماعيل ياسين، وأيضا مسلسل "السندريلا" عن حياة الفنانة الراحلة "سعاد حسني"، حيث تسرع القائمون على المسلسل في تفاصيل العمل الرئيسية مثل الديكور والإكسسوارات، وحتى اختيار طاقم العمل، وبالتالي من المفترض التأني في كتابة النص الدرامي، والاتفاق مع ورثة الفنان الراحل على عرض المسلسل بشكل موضوعي، إلى جانب اختيار شخصية جذابة وغامضة للجمهور، مما يساهم في سهولة تسويق العمل، وتحقيق ربح مادي لمنتج العمل".