باخرة "الموت" الأندونيسية ضحية لشبكات التهريب
باخرة "الموت" الأندونيسية ضحية لشبكات التهريبباخرة "الموت" الأندونيسية ضحية لشبكات التهريب

باخرة "الموت" الأندونيسية ضحية لشبكات التهريب

باخرة "الموت" الأندونيسية ضحية لشبكات التهريب

بيروت- (خاص) من هناء الرحيم

ينتظر لبنان وعائلات ضحايا "باخرة الموت" الإندونيسية اللذين إبتلعهم البحر في طريق عودتهم من أستراليا بعدما رفضت إدخالهم الى أراضيها، عودة الجثامين والناجين ومعرفة مصير بقية من كانوا في تلك الرحلة المشؤومة، التي حوّلت آمال الكثيرين في الحصول على حياة رغيدة إلى مأتم، ولا سيما مع تفاوت الحالات والظروف الإقتصادية لضحايا الباخرة، بين باحث عن لقمة عيش وراغب في تحسين وضعه المالي وتأمين مستقبل عائلته وطالب للعلم أو لحياة مستقرة بعيداً عن التوترات الأمنية.

وفي الحصيلة النهائية لكارثة عبّارة "الموت"  تبين أن 68 لبنانياً أبحروا على متنها، 18 شخصاً نجوا وتم إنتشال 22 جثة تم التعرف على معظمها، بينما بقي 28 شخصاً في عداد المفقودين حيث ما زالت أعمال البحث جارية للكشف عن مصيرهم.

وأكثر قصص الضحايا إيلاما هي قصة الاب حسين خضر الذي ابتلع البحر أولاده الثمانية وزوجته.

خضر القابع الآن في أحد فنادق القرية القريبة من مكان الحادث لا يريد العودة إلى لبنان لأنه " لو كان بلدي يريدني، لما تركني وترك أولادي في مهب الهجرة والموت".

وهنا لا بد من التوقف عند ما كشفته هذه الكارثة، لا سيما على صعيد نشاط لشبكات التهريب عبر الحدود التي تسرح وتمرح في لبنان دون حسيب أو رقيب تستغل حاجة الناس ويأسهم من الوضع القائم لدفعهم إلى هجرة غير شرعية محفوفة بالمخاطر مقابل مبالغ مالية كبيرة.

ومما كشفته هذه الكارثة أن رحلة الموت لم تكن الأولى من نوعها، بل هي الخامسة التي تبحر من أندونيسيا، حيث تم تهريب مئات اللبنانيين الى أستراليا وقبل ذلك عبر تيمور الشرقية وأن عددا كبيرا من اللبنانيين ما زالوا في أندونيسيا ينتظرون دورهم للإبحار بإتجاه جزيرة كريسماس، لكن ذلك بات متعذراً، إضافة إلى أكثر من 70 لبنانياً ينتظرون في ماليزيا وقد نفدت الأموال منهم ولم يعد بامكانهم الإنتقال إلى أندونيسيا ومنها إلى أستراليا ولم يعد بمقدورهم العودة إلى لبنان، فضلاً عن مئات اللبنانيين ممن دفعوا مبالغ مالية إلى الشبكات عبر وسطاء وكانوا ينتظرون أن يتم تحديد موعد لسفرهم.

وكشفت الكارثة عن وسطاء يعملون في عكار لحساب شبكات التهريب، أوقفتهم القوى الأمنية حيث كانوا يقومون بتسهيل التواصل بين الراغبين في الهجرة وشبكات التهريب لقاء عمولات يحصلون عليها، وأن بعض هؤلاء كان يرافق المهاجرين إلى أندونيسيا وماليزيا ويقوم بتسليمهم إلى مسؤولي تلك الشبكات هناك.

وقد وقع الغارقون في العبارة المتجهة نحو أستراليا  ضحية المدعو ابو صالح العراقي الذي ساعد نحو 500 لبناني أكثرهم من عكار، في السفر الى أستراليا، وعاونه في الأمر أشخاص من قبعيت وعكار وطرابلس قبضوا عمولات مقابل إقناع الناس ودفعهم إلى تلك الهجرة الخطرة.

و يتولى ابو صالح إدارة عصابة لتصدير أشخاص الى أستراليا منذ نحو ثماني سنوات، وأكثر من يأتون اليه من العراقيين والايرانيين واللبنانيين.

وتبلغ كلفة الرحلة للشخص الواحد عشرة آلاف دولار أميركي حيث قام اغلب اللبنانيين اللذين سافروا على متن العبارة إلى بيع أراضيهم وممتلكاتهم او الإستدانة  لتأمين المبلغ المطلوب للسفر إلى أستراليا .

واللافت أن جميع ضحايا العبارة هم من بلدة قبعيت (35 كلم عن طرابلس شمال لبنان) التي تعاني الفقر والحرمان بالرغم من غناها بالمقومات الطبيعية، إلّا أنها لم تلق أي اهتمام رسمي على الإطلاق منذ عهود الإستقلال.

وتفتقر قبعيت إلى حضور المؤسسات الرسمية من مستوصفات ومراكز إجتماعية، وذلك بإستثناء مدرستين رسميتين. وهي تعاني عطشاً مزمناً بالرغم من غناها بالينابيع والأنهر.

ولم يجد أبناء بلدة قبعيت البالغ عددهم خمسة آلاف نسمة أمامهم الكثير من الخيارات، ما دفع بما يزيد عن الألف نسمة إلى المغامرة بأرواحهم عبر المحيطات بهدف الوصول إلى أستراليا وألمانيا والسويد والدنمارك.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com