الفيديو كليب .. استعراض في ثوب فاضح
الفيديو كليب .. استعراض في ثوب فاضحالفيديو كليب .. استعراض في ثوب فاضح

الفيديو كليب .. استعراض في ثوب فاضح

طغت سيول عارمة من الأغاني الهابطة والمبتذلة على كثير من شاشات الفضائيات العربية ؛ والتي استحوذت على عقول المراهقين والشباب بما تقدمه من أنماط غريبة ومبتذلة ؛ ضاربة الرسالة الإعلامية الهادفة عرض الحائط منتهزة الأبواق التي تصرخ كل يوم عن حرية الإبداع والآراء وعدم تكميم الأفواه حتى لو أدت هذه الأغاني إلى هدم قيم المجتمع .. واليوم باتت ثقافة "الفيديو كليب" نمط تفكير وأسلوب حياة يتبناه جيل بأكمله وجد في نجومه وأبطاله نماذج يقلدونها . وفي المقابل القلق والرفض يجتاح الآباء من هذا السلوك الغريب من أبنائهم .

تقول هبة صلاح - طالبة بالصف الثالث الثانوي- : أغاني "الفيديو كليب" بشكلها وموسيقاها هي نفسها طريقة تفكير وسلوك جيلنا، فالملابس التي ترتديها نجماتنا المفضلات في الأغاني المصورة هي نفس الملابس التي نرتديها، والمحال التجارية التي تبيع ملابس تلك النجمات هي نفسها المحال التي نتسوق منها فهذا هو الواقع الحقيقي لجيلنا الذي يختلف بالطبع عن أجيال من سبقونا الذي يتهمونا بالابتذال ونحن نراه عكس ذلك.

وعن تأثرها شخصياً بالأغاني المصورة تقول: إذا سمعت أغنية في "الراديو" لا أتفاعل معها، في حين ما أشاهد نفس الأغنية في "فيديو كليب" حتى نتسمر كفتيات أمام التليفزيون مسلمات كل حواسنا إلى الشاشة التي تعرض لنا نموذجاً من جيل الغناء الذي أنتمي إليه.

وتعترف أميرة حسن -طالبة في الصف الثالث الثانوي - قائلة:على الرغم من انتقادات الكبار لثقافة "الفيديو كليب"، إلا أننا نحن الفتيات مصرات على البحث عن نجماتنا المفضلة في "الفيديو كليب" لكي نقلد أشكالهن وحركاتهن، وعلى رأسهن نجمات الفيديو كليب الغربي من أمثال "شاكيرا" و "بريتني سبيرز"

ولكن لم تقتصر ثقافة الفيديو كليب على الفتيات فقط ولكن على الشباب أيضاً حيث يقول حازم جلال (15 عاماً): إنه مغرم بـ"الفيديو كليب"، لأنه يفجر طاقاتنا فنتحرك معه ونندمج معه لا شعورياً".

ويضيف بأنه لا يجد ضرراً في الإدمان على "الفيديو كليب"، حيث يقول " إن هذه السلوكيات في النهاية ليست نتاج أغنية مصورة بل هي حصيلة واقع اجتماعي واقتصادي وتربوي نعيشه ونتأثر بظروفه ومعطياته".

أما المعاناة الحقيقية فهى التي يلاقيها الآباء وبالرغم من أنهم يشاهدون أبناءهم وهم تحت رحمة موجة "الفيديو كليب"إلا أنهم لا يستطيعون فعل أي شيء من إنقاذ لفلذات أكبادهم من حالة التدني والابتذال التي يشاهدونها في الأغاني المصورة وتقليدها تقليداً أعمى ضاربين بكل القيم والأسس التربوية التي غرسوها فيهم .

بينما تقول نورا عبد المجيد: دخل "الفيديو كليب" حياتنا من دون استئذان وفتح الباب واسعاً لدخول عوالم غريبة عجيبة لا تمت إلى ثقافتنا بصلة. الهجوم الإعلامي المشوه لن يرحم أبناءنا وبناتنا لاحقاً ؛ لأنهم عجينة مرنة جاهزة نفسياً لتلقي هذا البث الذي لا يمكن مقاومته، بما يملكه من عناصر جذب وإثارة وبهرجة والذي بات ينعكس على سلوكهم وأفكارهم سلباً.

وتتابع سعاد مصطفى - ربة منزل وأم لخمس فتيات- حملة الانتقاد نفسها، حيث تقول: "الحمد لله بناتي واعيات كفاية كي لا يتأثرن بكل ما يشاهدنه في التليفزيون ولكن أنا حزينة من الأخريات المراهقات اللاتي يعجزن عن الفصل بين نجمات الأغاني المصورة والنساء الحقيقيات في الواقع؟".

وتضيف سعاد: إن السبب في انحدار الأخلاق والذوق العام للآبناء يرجع إلى وسائل الإعلام والفضائيات تحديداً، التي عمدت في الأونة الأخيرة إلى تخصيص قنوات تبث طوال اليوم أغاني مصورة باتت أشبه بدروس يومية يتلقاها أبناؤنا إجبارياً.

الإعلام ... السبب

على الطرف الآخر تقول نادية علام إخصائية اجتماعية: من الخطأ أن نحمل "الفيديو كليب"ذنب الخلل الذي يعانيه الشباب، وتضيف: العناصر التي تفسد جيل الشباب أكبر بكثير من مجرد موديلات يظهرن في أغنية أو مغن يجمع حوله كماً هائلاً من العارضات والراقصات .

أما أسباب ولع البنات بنجمات "الفيديو كليب"، فترجعه نادية إلى شغفهن بالأنوثة الصارخة التي يقلدنها في الحركة والشكل واللباس وأعمارهن المبكرة، تعتبر فقرة انتقالية يمر بها تفكيرهن من مرحلة إلى أخرى، وبالتالي فإن طموحاتهن لها تكون بشكل أكبر.

وأشار د.أشرف جلال المدرس بقسم الإذاعة والتليفزيون فى دراسة له إلى أن الطفرة الكبيرة التي حدثت في مجال الإعلام خاصة الفضائيات التي تزايد عددها بشكل كبير أدت إلى ظهور منافسة على جذب أكبر عدد من المشاهدين ؛مما شجع هذه القنوات إلى زيادة المواد الترفيهية كبرامج المنوعات والمسابقات وأغاني الفيديو كليب.

وفي رأي د. سامية أحمد علي أستاذ الإعلام أن الأغنية الحديثة ترى ولا تسمع.. تزعج ولا تلهم.. وهي ظاهرة ولدت في عصر له إيقاعه ومذاقه وألوانه.وبطبيعة الحال له أجياله المغايرة لأجيال الطرب الغنائي القديم. إن غياب الرسالة الاجتماعية لظاهرة الفيديو كليب أدى إلى ظهور الترويج للمشاهد الإباحية الفاضحة والرقص غير المبرر وهذه الأغاني تسهم بالطبع في التخريب الاجتماعي. وهو ما يجب التصدي له بكل قوة .إن الشباب هم ضحية المخرجين والمنتجين الذين يسعون لتحقيق أكبر المكاسب من وراء أغاني الفيديو كليب.

وأكدت أن المسئولية الأساسية تقع على عاتق العائلة فقد تبيّن في كثير من البحوث أن الأم من أجل الوقت الذي تبحث عنه لإنجاز مهام المنزل تترك ابنها يشاهد التليفزيون غير منتبهة للمادة الإعلامية التي يتلقاها من التليفزيون

و يقول د. غريب عبد السميع أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان: إن المجتمع قد أصيب ببلاء حقيقى من هذه الأغاني ؛ وخاصة جيل الشباب الذي يعشق هذه الأغاني ويقلدها وبدلاً من أن تقوم الفضائيات بنشر فلسفة تشغيل العقول تقوم بنشر ثقافة الكلمات الهابطة والصورة المثيرة للغرائز والاستعراض بالجسد .

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com