"حكي القرايا".. قرية افتراضية تحيي الثراث الفلسطيني
"حكي القرايا".. قرية افتراضية تحيي الثراث الفلسطيني"حكي القرايا".. قرية افتراضية تحيي الثراث الفلسطيني

"حكي القرايا".. قرية افتراضية تحيي الثراث الفلسطيني

تعج المدن الفلسطينية بالموروث الثقافي والتراث الأصيل، وتتعدد الأساليب المعنية بالحفاظ عليه، ووتتنوع نسبيًا مع التقدم التكنولوجي وثورة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.

وأصبح الفرد يوجه ناظريه في شتى المجالات نحو مواقع التواصل الاجتماعية المتنوعة، والتي تزداد طردًا مع مرور الوقت والعصر، ونضرب مثلاً على ذلك إنشاء مجموعة "حكي القرايا" والتي انشأها بعض الاشخاص على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

قابلت "إرم" فريد طعم الله أحد مؤسسي مجموعة "حكي القرايا"، والذي روى كيف بدأت الفكرة لديه، قائلاً: "بدأت كفكرة دارت بيني وبين الدكتور شاهر عفونة والسيد داوود الديك في أيار العام الماضي، حيث كنا نناقش في إيجاد وسيلة للاهتمام بالتراث الريفي الفلسطيني وحفظه من الضياع، فولدت فكرة إنشاء مجموعة "حكي القرايا" للمساهمة في هذا الجهد".

ويتابع حديثه: "كان الغرض من إطلاق المجموعة هو الحفاظ على الموروث الثقافي الريفي، بكل ما يحتويه من عادات وأكلات شعبية ومفردات ومواسم زراعية وحتى أمثال شعبية بهدف الحفاظ عليها من الضياع من جهة، وتشجيع العودة الى الجذور في كل ما يتعلق بهذا الجانب من جهة أخرى، ومناقشة الكثير من القضايا والمعالم الريفية المجتمعية مثل الطوابين، وموسم الحصاد وأغاني الأعراس...الخ".

وأشار طعم الله إلى أن باكورة العمل بدأت من خلال جمع المفردات العامية القروية مرتبة حسب الحروف الأبجدية، وقد لاقت الفكرة استحسان الكثيرين، حيث لاحظنا إقبالا كبيرا على المجموعة من كل المناطق الفلسطينية (صفورية مرورا بالقدس إلى بئر السبع والشتات)، واليوم يبلغ عدد سكان (القرية الفيسبوكية) بعد عام على إنشائها حوالي 8500 عضو، وانتقلت إلى طور تنظيم زيارات متبادلة والاحتفال بالمواسم الزراعية، ونخطط لتنفيذ نظام العونة للمزارعين الذين بحاجة إلى ذلك".

وفي سياق الحديث عن الربط بين التراث والحضارة والثقافة و وسائل التواصل الاجتماعي، قال: "إن مواقع الاتصال الاجتماعي هي مجتمعات افتراضية، تساعد على تجميع الناس في الفضاء الالكتروني، وتمهد لتنظيم فعاليات وأفكار وأعمال، ولكنها ليست بديلا عنها،  بمعنى أن المجموعة على "الفيسبوك" هي مفيدة لتبادل المعلومات وتوثيقها، ولفت الانتباه إلى قضايا معينة، ولكنها لن تكون بديلاً عن العمل الحقيقي على أرض الواقع ولا ترقى إلى مستوى الفعل، فهي بحاجة إلى تتويجها بفعاليات وأنشطة فعلية تعيد للروح الريفية رونقها وصفائها وجمالها وأصالتها".

وأكد طعم الله، أنه لا يرى تعارضًا في التوفيق بين الحداثة التي تمثلها التكنولوجيا وثورة الاتصالات، وبين الأصالة التي تمثلها الحياة الريفية التقليدية، "فالأولى في رأيي تخدم الثانية وتحافظ عليها، فنحن نستخدم الحداثة للحفاظ على الأصالة، وإنشاء هذه المجموعة هي تطبيق عملي لهذه الفكرة"، و"حكي القرايا" هي دعوة للعودة إلى الجذور، وإلى تعميق المظاهر الإيجابية من الماضي التقليدي، دون الالتفات إلى دعوات الحداثة الزائفة الشكلية، والتي أدت الى أن نمسي مجتمعًا مستهلكاً، بعد أن كنا مجتمعاً ريفيا منتجًا بكل ما يعنيه ذلك من التصاق بالأرض وتشبث بالجذور ومقاومة المشروع الاستيطاني لأن الأرض هي أصل الحكاية".

وتطرق طعم الله إلى وجود العديد من المقترحات المطروحة، لتطوير وتنمية (القرية الافتراضية)، منها: "تنظيم زيارات ترفيهية وتعارفية لبعض القرايا، حيث نظمت المجموعة رحلتين تعريفيتين: الأولى إلى وادي قانا وقرية ديراستيا، والثانية الى منطقة بيت لحم والولجة وبتير."

وأضاف: "هناك استحضار لبعض العادات الإيجابية في مجتمعنا مثل: العودة لنمط الاستهلاك المتوازن مع الإنتاج الزراعي الموسمي، وإحياء نظام "العونة"، ومحاولة توثيق بعض الأغاني والأهازيج الشعبية وتشجيع الأكلات الموسمية الفلسطينية. وهناك مجموعات عمل مكلّفة دوريا بنشر مواد تثقيفية وتعليمية مثل: طبخة الأسبوع، والأمثال الشعبية وغيرها".

وأشار طعم الله إلى أنه "ونظرا إلى أن (القرية الافتراضية) تعج بالحياة والنشاط، فلا بد من تنظيم العمل، لذلك نفكر الآن بإجراء انتخابات لاختيار المجلس القروي لـ (لقرية الافتراضية) بهدف انتخاب المسؤولين عن الصفحة لتنظيم العمل ووضع الخطط، وتنفيذ الأنشطة اليومية، والحفاظ على النظام وتطبيق قوانين المجموعة".

وقال إن كل مرتادي (حكي القرايا) يطمحون من خلال الصفحة "الفيسبوكية" إلى توحيد الوطن ولو افتراضيًا، وتعزيز العلاقة مع أهلنا في الشتات، وتوثيق تراثنا، وتثقيف الجيل الجديد بأصالة الماضي، وربط الجميع بالأرض، والقرية، والتراث والمقاومة، و"نأمل أن تكون "حكي القرايا" شمعة صغيرة تضيء لنا درب العودة إلى جذور الحكاية الفلسطينية، والحقيقة الفلسطينية، والحلم الفلسطيني".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com