الدوابشه ...شهيد خطاب الكراهية
الدوابشه ...شهيد خطاب الكراهيةالدوابشه ...شهيد خطاب الكراهية

الدوابشه ...شهيد خطاب الكراهية

إميل أمين

لماذا يلقى طفل رضيع مثل علي الدوابشه حتفه بطريقة بشعة ؟ هل كان عليه ان يقدم ذاته قربانا على مذبح القضية الفلسطينية حتى يلتفت العالم من جديد الى خطاب الكراهية اليمينية العنصرية القائمة هناك منذ زمن طويل ؟

المؤكد ان الدوابشه ليس اول ولن يكون بالطبع اخر الشهداء الفلسطينيين من الاطفال، فقد فجع العالم برمته في العام 2000 من مشهد اغتيال الطفل " محمد الدرة " بدم بارد ، والقائمة طويلة ، ومسيرة درب الالام ممتدة .

ما الذي يدعو غلاة المتطرفين اليهود الى هذه الافعال غير الانسانية ؟ كان الاجدر بالشعب الذي عاش مأساة الهولوكوست ان يكون قد تعلم من تلك التجربة القاسية ، لكنه عوضا عن ذلك نراه يقلد جلاده ، ولسان حاله يقول :" كما تالمنا نحن ، على الاخرين ايضا ان يتالموا ".

هل تكفي الادانات الاسرائيلية الرسمية لما جرى ؟

قبل الجواب ربما يتعين علينا النظر الى ما هو ابعد من الحاضر ، الى الاعوام الاولى التي تاسست فيها الدولة العبرية ، وكيف كان الارهاب اداة رئيسية في قتل وتهجير الفلسطينيين من اراضيهم ودورهم ، وتسريب الخوف الى نفوسهم ، وما جرى في دير ياسين وقبية وغيرها من المدن الفلسطينية خير دليل على ذلك .

"يولد الاسرائيلي ومعه السكين التي سيذبح بها " ، هكذا تحدث احد شعراء اسرائيل ذات مرة ، فيما ذهب ابراهام بورج رئيس الكنيست السابق الى ان شعبه في تحد مع الزمن للانتصار على هتلر وعلى النموذج النازي القابع في داخل بعض النفوس الاسرائيلية اليوم .

يعن لنا في كل مرة نتذكر فيها الهولوكوست ان ندينه باقصى قدر ، فليس لنا عداء البتة مع الشعب اليهودي ، بل الاشكالية مع الايديولوجية الصهيونية ، مع المتطرفين الذين يحرقون الاحياء من الكبار والصغار على حد سواء .

في رد فعله على ما جرى تحدث رئيس دولة اسرائيل " رؤوفين ريفلين " بالقول :" يبدو اننا تعاملنا مع ظاهرة الارهاب اليهودي بتساهل...ان مجموعة ايديولوجية خطيرة وضعت نصب اعينها هدفا وهو هدم الجسور الحساسة التي نبنيها بجهد ".

هل تواجه اسرائيل خطرا حقيقيا كبيرا ؟

اغلب الظن انه قبل ان يكون الخطر محدقا من جديد بالفلسطينيين الذين ألفوا مثل هذه الماسي فان كارثة التطرف والاصولية حتما ستحل بالشعب الاسرائيلي في الداخل قبل الخارج .

تبقى الاصولية مثل النار التي تقضي على الاخضر واليابس .. انها قوة فوران احمق لا ترى سوى ذاتها ، ترفض الغير ، وتزعم بامتلاكها الحقيقة المطلقة ، تجدها عند اتباع الشرائع السماوية ، وتستشري بذات القدر لدى اصحاب العقائد الوضعية ، دون تفريق او تمييز ، والانسان في نهاية المشهد هو الضحية ، مهما كان اسمه او رسمه او جسمه ..دينه او عرقه او اصله .

يتحدث الرئيس الاسرائيلي عن ارهاب الاصوليين والمتطرفين في الداخل الاسرائيلي ، وحسنا يفعل .. لكن ماذا عن مثل هذا الارهاب عندما يصدر من وزراء في حكومة حالية تقود الاسرائيليين الى مزيد من العنت وتعمل على تعطيل اي مسارات للامل والسلام مع الفلسطينيين ؟

بتاريخ التاسع والعشرين من يوليو تموز المنصرم يكتب " يوسي ميلمان " عبر صحيفة معاريف الاسرائيلية تحت عنوان " اليمين المتطرف يجير مفاهيم القانون والعدل والاخلاق لتخدم اهدافه " مشيرا الى قيام الوزير " اوري ارئيل " بالصلاة في الحرم القدسي الشريف ... وزير يفعل ذلك يتصرف بعدم مسؤولية ، فالحرم هو احد الاماكن الاكثر تفجرا على وجه الكرة الارضية ، وزير في الحكومة ، حتى لو كان يؤمن بحق اليهود في الصلاة فيه لا يجب ان يتصرف كاخر المتهورين ".

هل يسعى غلاة المتطرفين الى انتفاضة ثالثة ؟

واقع الحال هو انهم ربما يسعون الى ما هو ابعد واخطر .. الى مواجهة هرمجدونية شاملة في الشرق الاوسط لتحقيق النبؤات الاسكاتولوجية عن نهايات الازمنة ، وفيها سيتحول الشرق الاوسط الى كتلة ملتهبة من النيران تكون مقدمة لمواجهات كونية شاملة لا تبقى ولا تذر .. هل هذا هو المنقلب والمصير المحتوم ؟

رحم الله الشهيد الدوابشه ، شهيد خطاب الكراهية والتطرف ، وانار عيون وقلوب المتطرفين في اي بقعة اور قعة حول العالم لا في اسرائيل فحسب .

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com