الدواعش يعيدون يوشع بن نون إلى الحياة
الدواعش يعيدون يوشع بن نون إلى الحياةالدواعش يعيدون يوشع بن نون إلى الحياة

الدواعش يعيدون يوشع بن نون إلى الحياة

يوسف ضمرة

تقول التوراة، إن يوشع بن نون أمر جنوده حين هم بالدخول إلى أريحا، بإحراق المدينة؛ رجالا ونساء وأطفالا وأشجارا وحجارة. وقد فعل الجنود ذلك، وأبقوا على "عاهرة " أريحا التي آوت وأخفن الجاسوسين اليهوديين قبل اقتحام المدينة.

العالم ينسى. لكنه فجأة وقف على ما يقوم به الدواعش في سوريا والعراق، من جز الرقاب، وتقطيع الأوصال، وإحراق الآدميين ببشاعة عز نظيرها في التاريخ. لكن المستعمرين الصهاينة في فلسطين يصرون على تذكيرنا بمآسينا كل يوم؛ فبعد إحراق الطفل محمد أبو خضير جاء دور عائلة الدوابشة وطفلها الرضيع الذي تم إحراقه على يد هؤلاء القتلة.

ليس الموضوع مجرد خبر عادي أبدا. فهو لا يذكرنا بتوراة مجنونة وحسب، وإنما يذكرنا بأن قصة التعايش بين هؤلاء القتلة واللصوص وبين الفلسطينيين ليست أمرا واقعا ولن تكون. قد يهدأ الشعب الفلسطيني حينا، ولكنه قطعا لن يواصل مأساته هادئا إلى الأبد.

الأخطر من هذا كله، هو أن المنطقة كلها، أخذت الصراعات فيها تتشكل وفق رؤية داعشية. وما فعلته داعش وتفعله كل يوم، شجع الإرهابيين الصهاينة على ارتكاب مثل هذه الجرائم، والعودة بأنفسهم إلى جذورهم على النحو الذي خطته توراة مزيفة، كُتبت على يد كاهن أحمق"عزرا" .

القتلة الصهاينة وجدوا في جرائم داعش فرصة لخلع أقنعة الحضارة والحداثة والتمدن، لإبراز وجههم الحقيقي الذي يحبونه قبل غيرهم. فالرب"يهوه" هو رب الجنود، والمفتون برائحة الشواء. ويبدو لنا أن داعش استلهمت أفعالها الإجرامية من صفات هذا الرب التوراتي القاتل.

إن ما يحدث في سوريا والعراق وفلسطين مرتبط بعضه ببعض في التحليل السياسي. لكنه الآن صعد إلى مرتبة أعلى، تتمثل في شكل الصراع وأدواته وفي طبيعة الممارسة اليومية.

فإذا كانت الهجمة على سوريا تهدف من بين ما تهدف، إلى تهجير الفلسطينيين من بعض مناطق فلسطين لتصبح مناطق يهودية"نقية". وإذا كان تهجير فلسطينيي سوريا ولبنان أمرا واردا لتوطينهم في الأردن وغرب العراق، فإن الممارسات التي تتم لتحقيق هذا الغرض، أصبحت تعتمد مقولة"الصدمة والرعب" التي أطلقها المحافظون الجدد يوما ما. وإلا فما معنى قصة إحراق البشر أطفالا ورجالا ونساء في فلسطين وفي سوريا على أيدي متشددين وأصوليين إسلامويين ويهود معا في منطقة واحدة، وفي وقت واحد؟

في خضم هذا الجنون الذي يحدث في فلسطين، تذكرت فكرة مفكر عربي دعا ذات يوم إلى أن تكون فلسطين دولة لكل مواطنيها. هذا المفكر نفسه الساكت على جرائم داعش ـ وإن حكى ـ ليس سوى محرض كبير على هذه الجرائم. فقد كان يقول إن الثورات يحدث فيها مثل هذا، وإن أبرياء يذهبون في سبيل الثورة. إنه يسوّق تماما لجرائم الحرق التي يمارسها المستوطنون، بالطريقة نفسها التي يسوق فيها لجرائم الدواعش والنصرة، مهما لف ودار حول الموضوع، ومهما تأسى على الضحايا في سوريا والعراق. فدولة لكل مواطنيها تعني هيمنة هؤلاء القتلة الصهاينة على الفلسطينيين سكان البلاد الأصليين وأصحابها، والسماح لهؤلاء القتلة بممارسة جرائمهم بالطريقة التي يشاؤون وحيثما يريدون.

إن كل من يسوق للإرهاب هو إرهابي بالضرورة، ولا تشفع له أقنعة الثورة وأفكاره الثورية التي يرددها في غير مكانها.

مفكر فلسطيني؟ نعم، وينظّر من حيث يدري أو لا يدري لإحراق الفلسطينيين على أيدي العصابات الصهيونية. والسبب، هو أن لديه من الفتاوى والمواقف العربية ما يشجعه على ذلك.

دم الرضيع الدوابشة في أعناق كل من شجع الإرهاب والتكفير والأصوليات في سوريا والعراق، لأنه فتح الباب واسعا أمام أصولية يهودية كانت لوقت قريب مستترة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com