كامب ديفيد الخليجية ...مخاوف وتطمينات
كامب ديفيد الخليجية ...مخاوف وتطميناتكامب ديفيد الخليجية ...مخاوف وتطمينات

كامب ديفيد الخليجية ...مخاوف وتطمينات

إميل أمين

في الثالث عشر من مايو / آيار الجاري يشهد البيت الأبيض قمة هي الأولى من نوعها، حيث دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما ملوك وأمراء دول مجلس التعاون الخليجي لقمة استثنائية فريدة تمتد إلى يومين، وفرادة القمة تجعلنا نتساءل ... ما المقصود منها بداية؟

قبل الجواب ربما يتعين علينا التذكير بأن العلاقات الأمريكية - الخليجية ليست وليدة اليوم، وإنما نشأت عبر سبعة عقود خلت، وارتبطت بنوع خاص بظهور النفط في المنطقة، والذي أضحى المحرك الرئيسي للحضارة الغربية في نصف القرن الماضي وحتى الساعة.

لم تكن العلاقات الخليجية - الأمريكية سخاءاً رخاءاً طوال الوقت، بل شهدت توترات جذرية في بعض الأحيان، كما في حرب أكتوبر عام 1973، وربما كان الموقف الذي اتخذه القادة الخليجيين وفي مقدمتهم الملك فيصل والشيخ زايد رحمهما الله، السبب والداعي لأن تنفتح العيون الأمريكية على أهمية نفط الخليج.

غير أن دوام الحال من المحال كما يقال، والفارق بين العرب وبين الغرب أن الأخيرين يسعون أبداً ودوماً للهيمنة والسيطرة على العالم، ولهذا هم دائموا السعي للخلاص من أية التزامات توفرها أو بالأحري تفرضها ارتباطات، بمعنى أنهم كانوا رغم أهمية نفط الخليج لهم يسعون إلى البديل للخلاص من أية فواتير يتحتم عليهم دفعها.

ولعل اليوم وفي ظل عدة بدائل لنفط الخليج، منها بدائل الطاقة المختلفة المنطلقة قدما في أمريكا وأوربا ، من ماء وهواء ورياح وطاقة شمسية ومن النفط الصخري الذي هو ثورة في ذاته، كان لابد للمشهد أن يتغير.

يعن لنا هنا أن نتساءل هل سيضحي الأمريكيون بعلاقاتهم الممتدة بدول الخليج؟

هناك إشكالية في السياسات الأمريكية وهي أنها سياسات براجماتية ذرائعية نفعية وليست سياسات أخلاقية مثالية، وتخلي واشنطن عن حلفاء قريبين جداً لها شأن اعتيادي، حدث ذلك مع شاه إيران، وقبله مع عدة أنظمة في أمريكا اللاتينية، ومؤخراً تخلت إدارة أوباما عن بعض قادة الدول العربية الذين قدموا للأمريكيين خدمات لا تنسى طوال عقود ... هل الأمر قابل للتكرار مع دول الخليج؟

بحال من الأحوال هناك واقع حال متغير بات يفرض نفسه ، ويتصل بتوقيع واشنطن مع طهران الاتفاق النووي، الأمر الذي سيعزز ولا شك من النفوذ الإيراني في منطقة الخليج العربي، وعليه تبقى المخاوف الخليجية من قادمات الأيام أمراً مشروعاً.

حكماً سيحاول أوباما أن يطمئن قادة دول الخليج، موضحاً لهم أن واشنطن لن تتوانى عن دعم الأمن القومي لبلادهم، غير أن المجتمعين في البيت الأبيض أغلب الظن لن يصدقوا وعود أوباما إذ علمتهم التجربة والحكم أن مقتضيات السياسة الأمريكية تستوجب الحذر حتى الشك، ولعل أفضل ما يمكن لأوباما أن يقدمه للقادة الخليجيين هو الوعد ببناء خيمة نووية في مواجهة أطماع إيران، ما يعني أن الأمر سيصب نهاية الأمر في جيوب وخزائن المجمع الصناعي العسكري الأمريكي، والذي يعمل أوباما له بمثابة السمسار وبائع الموت ليس أكثر، فأمريكا لا تحكم من البيت الأبيض، بل من الوول ستريت ومن مصانع لوكهيد وجنرال موتورز.

على أن أمراً ما يبقى في كل الأحوال سيجعل الخليج على درجة عالية من الأهمية بالنسبة لواشنطن، ويتمثل في التوجه الروسي - الصيني الجديد لبناء تحالف استباقي يقطع على واشنطن هجماتها القادمة في شرق آسيا، تحالف الأسيان مضاف إليهم الفرس، وفي هذا إزعاج للأمريكيين بما يكفي لعقود قادمة .

أضف إلى ذلك أن نفط المنطقة، يبقى رمانة ميزان للاحتياط العالمي من الطاقة، وحال الإشارة إلى تعثر النمو الاقتصادي الأمريكي في الربع سنة الماضية، والتكلفة المتزايدة لاستخراج النفط الصخري، يبقى نفط الخليج المدد والعون الأنفع والأرفع للأمريكيين، ويبقى الدفاع عنه في مواجهة أطماع الإيرانيين وأحلام الروس والصينيين أمراً هاماً جداً للأمريكيين .

وفي كل الأحوال ربما يتوجب على قادة الخليج الذاهبين في طريق بنسلفانيا آفنيو إعداد استراتيجيات هجومية لا تكتيكات دفاعية في لقاءهم مع أوباما الذي يحسب أنه سجل نصراً عزيزاً باتفاقه مع إيران ...

لن يفوز العرب في صراعاتهم التاريخية إلا حال تبديل الأوضاع وتغير الطباع والوقوف في ذواتهم ومقدراتهم، وبقدر ابتكارهم لرؤى وسياسات عصرانية، تكفل صون الحق العربي والدفاع عن حقوق شعوبهم، ودون أن يعني ذلك شن الحروب على الآخرين، أو استعلان الأحقاد التاريخية كما يفعل آخرون مجاورون لنا في الإقليم المضطرب المسمى الشرق الأوسط.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com