شذرة من تاريخ العربية السعيدة وفلسطين المسالمة
شذرة من تاريخ العربية السعيدة وفلسطين المسالمةشذرة من تاريخ العربية السعيدة وفلسطين المسالمة

شذرة من تاريخ العربية السعيدة وفلسطين المسالمة

حافظ البرغوثي

اطلق الرومان على جنوب شبه الجزيرة العربية اسم العربية السعيدة بالاسم اللاتيني «ارابيا فيليكس» نظراً لخصوبة أرضها وتجارتها الرائجة بالتوابل وتشمل اليمن وعسير وجازان ونجران.

كانت تلك المنطقة مركزا تجاريا بين الشرق والغرب تمر منها تجارة التوابل والبخور والعطور من الهند وآسيا وأوغر تجار رومان ويونان صدر القيصر أغسطس للسيطرة على تلك المنطقة قائلين إنها طريق الذهب وأن التجار العرب أكثر الرابحين منها، فأوعز اغسطس إلى حاكمه على مصر اليوس غاليوس ليجهز حملة لاحتلال اليمن حتى لا يضطر التجار الروم واليونان إلى دفع ضرائب للدولة السبأية في اليمن والقبائل الحميرية في حضرموت، وحشد الروم إضافة إلى جيشهم في مصر حلفاءهم من الأنباط في البتراء فيما سمي آنذاك دولة فلسطين المسالمة.  وكان الروم  فرضوا عليهم امدادهم بمقاتلين في الحروب مقابل احتفاظ البتراء أو دولة فلسطين بحكمها الذاتي، وأرجع الروم فشل الحملة إلى الوزير النبطي صالح الذي جعل الجيش الروماني يسلك طرقاً وعرة معقدة لعرقلة مسيرته وارهاقه وافشال حملته حتى لا يستقر في المنطقة فجعله يدور في الحجاز ونجد.

والغريب أن الفرس آنذاك كانوا يطمعون أيضاً في اليمن لأنهم يريدون السيطرة على طريق البخور أيضاً وكانوا يستفيدون من مرور البضائع والعطور والتوابل من مضيق هرمز نحو اليمن أيضاً باستيفاء ضرائب عليها. لكن الروم عقدوا معاهدات بعد قرون مع حكام اليمن ووضعوا حاميات في عدن بعد تحالفهم مع الحبشة النصرانية لاحقاً.

وانقلب الأحباش لاحقاً على الرومان والعرب وسيطروا على جنوب الحجاز واليمن وظفار، كما ظهر في نقوش قديمة   وتحالف ملك اليمن معد كرب يعفر مع الامبراطورية البيزنطية وملك الحبشة المسيحي وعمل على نشر المسيحية في اليمن وبناء كنائس في نجران وعدن وظفار، ثم اعتنق الملك الحميري أبو كرب أسعد اليهودية ونشر اليهودية في اليمن. وهكذا دعم البيزنطيون نصارى اليمن ودعم الساسانيون الفرس يهود اليمن، لكن الخلافات الدينية أطاحت باليمن  قبل البعثة المحمدية حيث اعتنق اليمنيون المسيحية واليهودية وصار ولاؤهم للفرس وبيزنطة والحبشة حتى أن قادة ملك اليمن كان بعضهم مسيحيين وبعضهم يهوداً. وظهر ذو نواس الذي حاول محاربة الاغراب لسنوات عديدة ولما جرد الاحباش عليه حملة كبيرة.

  فضل ذو نواس أن يموت غرقاً راكباً حصانه في البحر على الاستسلام للجيش الحبشي الغازي، حيث قال عنه الشاعر علقمة بن ذي جدن

أوما  سمعت بقيل حمير يوسف

 أكل الثعالب لحمه لم يقبر

 ورأى بأن الموت خير عنده

من أن يدين لأسود أو أحمر.

فذو نواس كان يمثل العرب اليمنيين الذين يرفضون الاحتلال الحبشي والفارسي والبيزنطي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com