القمة العربية استجابة طوعية لسوط الكاوبوي
القمة العربية استجابة طوعية لسوط الكاوبويالقمة العربية استجابة طوعية لسوط الكاوبوي

القمة العربية استجابة طوعية لسوط الكاوبوي

 يوسف ضمرة

 هل ظل للجامعة العربية ما يمكن وصفه بالدور أو الوظيفة أو الضرورة؟

لا نقول ذلك انطلاقا من رفضنا لقراراتها "الكافكوية" أحيانا، مقدار ما نلمسه من تبعية شبه مطلقة لتوجيهات الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية.

لا أحد يتوقع من القمة جديدا، أو قرارات سيادية. وكل ما يمكن الخروج به مجرد توصيات يريدها الغرب، وتصب في سياق مشروعه للمنطقة، مع الأخذ في الاعتبار مصلحة الكيان الصهيوني. وليست مصادفة أن تأتي أمريكا اليوم لتعلن أنها تفكر في الاعتراف بدولة فلسطينية، كما إنها قد تطلب من نتنياهو الانسحاب من الأراضي الفلسطينية التي احتلها العدو عام 67 . هذا هو الوقت الملائم لهذا الكلام؛ فعما قريب سيخرج الزعماء العرب بتوصيات وقرارات كلها من وحي الرغبة الأمريكية، وسوف تشدد الجامعة على الخطر الإيراني بالطبع، بطريقة أو بأخرى. أما ما يتعلق بالقضية الفلسطينية فسوف نستمع إلى الأسطوانة ذاتها" حلا عادلا يتبنى قيام دولة فلسطينية" مع استثناء موضوع حق العودة الذي سُحب من التداول بعد وثيقة يوسي بيلين/ عبد ربه في جنيف.

المثير للسخرية حقا، هو أن الجامعة العربية، بكل تناقضاتها، باتت تقرر من هو شرعي ومن هو غير شرعي من الأنظمة العربية، في الوقت الذي نعرف كلنا أن من يقررون أيضا مطعون في شرعيتهم. فمصر التي سيعقد فيها المؤتمر على سبيل المثال، لا تزال تعاني انقساما مجتمعيا/سياسيا حادا، ولا يزال نصف الناخبين المصريين اللذين انتخبوا محمد مرسي ـ أو ربعهم إن شئت ـ يعتبرون الرئيس الحالي قائد انقلاب عسكري!

وبغض الطرف عن هذا كله، فهنالك ما هو أكثر غرابة بعد؛ فبينما لم يُطرح في الأمم المتحدة موضوع تمثيل سوريا، ولم يشكك احد في تمثيل النظام السوري وشرعيته في المنظمة الدولية، نجد الجامعة العربية ملكية أكثر من الملك نفسه. قد يقول قائل إن هذه دولة عربية تخص الجامعة أكثر من الأمم المتحدة. وهنا أؤكد أنني سأكون سعيدا لو كان الأمر كذلك. وكان يمكن في هذه الحال أن تقوم الجامعة العربية وحدها بوساطة سياسية لحل الأزمة السورية سياسيا. لكن كل المبعوثين إلى سوريا كانوا أمميين، يسميهم مجلس الأمن، وما على الجامعة العربية إلا أن توافق، لكي يصبح اللقب" مبعوثا أمميا عربيا"!

أما الجانب الآخر، فيتمثل في انحياز معظم الدول العربية إلى ما تسميها المعارضة السورية، وهي تعلم في الوقت نفسه أنها تنحاز إلى النصرة"القاعدة" التي ولدت من رحم دولة الزرقاوي ـ لمن لا يتذكر ـ وبينما تحقق الثورة اليمنية إنجازا تاريخيا، نجد الجامعة العربية تتوعد الثورة بالويل والثبور وعظائم الأمور، بحجة أن الثورة هي مجرد تمرد مذهبي توجهه إيران استكمالا لإحياء مشروعها الفارسي، على الرغم من تصدي داعش والإخوان المسلمين لهذه الثورة. وبمعنى آخر فإن الدول العربية لا تجد حرجا في الاصطفاف مع داعش والقاعدة في أي مكان، طالما كان هذا الاصطفاف ضد إيران، والمشروع الفارسي الوهمي. والأغرب من هذا كله أن داعش والقاعدة تهددان كثيرا من الدول العربية، بينما تصر هذه الدول على اعتبار إيران عدوها الرئيس؛ لا الكيان الصهيوني ولا داعش ولا القاعدة. فهؤلاء كلهم يمكن العرب التفاعم معهم أو حتى يمكن قبولهم ـ كما يبدو ـ إلا إيران طالما كان هذا هو موقف الغرب والولايات المتحدة الأمريكية.

لا تخجل جامعة الدول العربية من التعامل مع ما تسميها المعارضة السورية، حتى حين تذهب هذه"المعارضة" لتهنئة نتنياهو بنجاحه في الانتخابات، وحين يهب الكيان الصهيوني لمداواة جرحى الجماعات المسلحة، وإيوائهم. فسوريا تشكل العقدة الأخيرة في طريق المنشار الأمريكي الماضي قدما لإعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد، كما عبرت عنه كوندوليزا رايس عام 2006 . ولا تجد الجامعة العربية حرجا في المساهمة بتفكيك هذه العقدة، حتى لو تطلب الأمر مزيدا من القتل والموت والدمار لسوريا وشعبها العربي الأصيل. وفي نهاية المطاف، لا يسعنا إلا الإقرار بحقيقة راسخة، مفادها أن الجامعة العربية لم تعد إطارا عربيا كما كنا نحلم أيام عبد الناصر؛ بل أصبحت مجرد صدى لفرقعة سوط الكاوبوي الأمريكي في المنطقة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com