السيدة التي غيّرت كلّ النساء في الإمارات
السيدة التي غيّرت كلّ النساء في الإماراتالسيدة التي غيّرت كلّ النساء في الإمارات

السيدة التي غيّرت كلّ النساء في الإمارات

من المطبخ إلى قمرة قيادة الطائرات العسكرية، ومن الجهل والأمية إلى قيادة العمل الحكومي والتخطيط الاستراتيجي، هكذا تبدل حال المرأة في الإمارات بفضل سيدة واحدة كرّست حياتها لإحداث هذا التغيير الهائل.

هي من السيدات اللواتي لا تكتمل عظمة الرجال، إلا بوجودهن في حياتهم، ومن فئة النساء اللواتي حَفَرنَ مكانهنّ في كتب التاريخ.

سيرة الشيخة فاطمة بنت مبارك قرينة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تحكي ما صاغ الفيء والعزم والشمس والمطر، وما في الإمارات من سحر ووعد وإنجاز وتطلع.

تنحدر الشيخة فاطمة من قبيلة "بني كتب" العربية، وهي من مواليد قرية الهير، قرب مدينة العين بإمارة أبو ظبي، فيها عاشت طفولتها وصباها عيشة البداوة والبساطة، في كنف أسرة عرفت بالمحافظة والتدين.

ومن أوابد وعادات البداوة وقيمها الأصيلة التي عشقتها استمدت شخصيتها وثقافتها، ولا تزال تحن إلى فيء الشجر والنخل والنوق وعذب الماء وقمر الصحراء وما تنشده السواقي.

كانت شريكة فعلية في الميدان، منذ أن كان القائد المؤسّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ممثلاً للحاكم في المنطقة الشرقية بإمارة أبوظبي، وبعد أن أصبح حاكمًا للإمارة في العام 1966 وإلى أن أصبح رئيسًا لدولة الإمارات التي أسّسها العام 1971 .

اتبعت الزوجة القبلية زوجها كما تفعل بنات القبائل، وعندما قرر الشيخ زايد النهوض ببلاده وتطبيق خطة تنمية أصبحت فيما بعد مثالاً يحتذى به في كل العالم، قررت الشابة الظبيانية مساعدة زوجها في مشروعه العملاق، وتكفلت بتنفيذ نصف الخطة تمامًا.

بدأت فاطمة الكتبي بتنفيذ الشق الخاص بها من خطة بناء الإمارات من النقطة ذاتها التي بدأ منها الشيخ زايد، وواجهت الصعوبات ذاتها في مجموعة كبيرة من المشاريع والمبادرات، لكن حين انتهى الشيخ زايد من خطته منجزًا بلدًا حضاريًا سكانه متعلمون في مدارس وجامعات حكومية مرموقة، كانت الإماراتيات بفضل الشيخة يقفن على منصات التتويج الأولى التي وقف عليها الخريجون في البلاد.

هي الأم المدرسة، التي أعدها الشيخ زايد -رحمه الله- لتكون خلفه وإلى جانبه لإعداد شعب "طيب الأعراق"، وفي رحلة التغيير والتنوير التي نقلت الحياة الإماراتية إلى آفاق لم يسمع بها أحد ولم تخطر على بال بشر.

قال نجلها الشيخ عبدالله بن زايد إنه: "نشأ في بيت كان فيه الشيخ زايد والشيخة فاطمة شركاء في تربية الأبناء ومتابعة مسيرة البلاد".

وكشف أن الشيخ زايد نفسه "كان يشتكي في بعض الأحيان من تدخل الوالدة التي كانت تبحث عن حلول لهموم المواطن".

اعتبرت نفسها أمًا للإمارات قبل أن يطلق عليها ذلك اللقب بسنوات طويلة، وقررت التكفل بتأمين مستقبل زاهر لأبنائها وبناتها في كل ربوع الإمارات، بدل أن تكون السيدة الأولى المشغولة بالظهور في الأضواء في محيط مظلم.

عندما غاب القائد المؤسس في رحلته الأبدية، لم تغب الشيخة فاطمة عن المشهد العام، ولم يتوقف عطاؤها ولم تتراجع مبادراتها.

حصدت شابات الإمارات ثمار مسيرة العطاء، فهاهن يشغلن مناصب حكوميةً وأمميةً رفيعةً ويتصدرن واجهات وسائل الإعلام العربية والعالمية، فإحداهن وزيرة بعمر 22 عامًا، وأخرى بمنصب غير موجود في كل دول العالم، فهي وزيرة للسعادة بين 8 وزيرات في حضور حكومي لافت ليشكل أكبر مشاركة نسائية وزارية نسبية لا على مستوى المنطقة، بل على مستوى العالم أجمع.

لهن رئاسة السلطة التشريعية والهيئة البرلمانية، ومكانتهن بارزة في الحياة الدبلوماسية، من سفيرة الإمارات في الأمم المتحدة إلى عدد من المواقع الدبلوماسية الهامة في عدد من الدول العربية والأجنبية، هذا فضلاً عن 30% من الوظائف القيادية والإشرافية في مجالات مختلفة من العمل العام.

لكن طموح الشيخة فاطمة يبدو أبعد من ذلك، فقد أكدت مشاركة حفيدتها وحفيدة نجلها مؤخرًا في دورة عسكرية صيفية، إنّ المسيرة ماضية نحو أفق جديد تؤدي فيه المرأة واجبها الوطني تمامًا كالرجال.

آمنت الشيخة فاطمة بحكمة النهر، أينما سارت مياهه تزهر الحياة، فمدت يدها بالعطاء العابر للحدود، للمرأة الصابرة، وللطفل واللاجئ المنكوب الذي ضاقت به الدنيا بما رحبت.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com